الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القادة الدينيون واللاجئون السوريون

القادة الدينيون واللاجئون السوريون

23.09.2013
إيزابيلا أيزنبرج



الاتحاد
الاحد 23 /9/2013
تنتشر قرى الموارنة الكاثوليك والسنة والروم الأرثوذكس والعلويين في قضاء عكّار في شمال لبنان التي تبعد عن الحدود السورية 15 دقيقة بالسيارة، ويستطيع السكان سماع أصوات القصف في سوريا أثناء الليل، كما تقع أحداث النزاع الطائفي طوال الوقت.
يُلقي القادة الدينيون في لبنان أحياناً خطابات حول العلاقات المشتركة بين الديانات الإبراهيمية الثلاثة والتعاون بين الديانات والتضامن والحب والسلام للجميع. لسوء الحظ أن هذه الخطابات ليست سوى كلمات فارغة في معظم الأحيان. إلا أن حدثاً وقع مؤخراً كان مختلفاً، ليس من حيث مضمونه الكلامي فقط وإنما من حيث تطبيق النظريات في مواجهة حرب رهيبة تستعر على بعد كيلومترات قليلة، وذلك من خلال التلاقي وجهاً لوجه وحث الجاليات على العمل معاً.التقى خلال شهر رمضان الماضي هذا العام شيخ علوي ومفتي سني ومتروبوليت من الروم الأرثوذكس ومونسنيور كاثوليكي ماروني، ومعهم مجموعة من أكثر من مئة لاجئ سوري و50 لبنانياً من سكان المنطقة لتناول وجبة طعام مشتركة. تجمّعت المجموعة التي يندر أن تجتمع عادة أمام مطعم جميل في قرية منيارة على رأس جبل قرب بلدة حلبا لتناول وجبة إفطار، مثبتة أن القادة الدينيين وجالياتهم يستطيعون العيش معاً بسلام إذا أرادوا ذلك. مثّلت المجموعة جميع الطوائف الدينية الرئيسية الموجودة في عكّار، إضافة إلى اللاجئين السوريين الذين وصلوا من القصير وحمص وأجزاء أخرى قبل بضعة أسابيع من البلاد التي مزقتها الحرب. كان من بين ضيوف الشرف مفتي عكّار السني ومتروبوليت الروم الأرثوذكس لعكّار ووادي النصارى في سوريا والممثّل العلوي لمنطقة عكّار والمطران الماروني لطرابلس.
خارج الأضواء ولكن بحضور كبير، كان هناك اللاجئون، رجالاً ونساءً من كافة الأعمال والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية.
لم تكن عملية جمع اللاجئين معاً في غرفة واحدة مع أفراد من الجالية العلوية أمراً سهلاً. يجري ربط العلويين أحياناً مع الرئيس السوري ونظامه العلماني، وهو أحد أطراف النزاع الذي أدى بالكثيرين إلى الهروب من سوريا. وعندما وقف الشيخ العلوي لإلقاء كلمة ووراءه أحد أفراد فريق حرّاسه، ازداد التوتر في الغرفة بشكل ملحوظ. رغم ذلك شعر اللاجئون بأن رسالة الشيخ كانت صادقة فصفقوا له، وهو أمر اعتُبر معجزة بحدّ ذاته.
بدا اللاجئون وكأنهم متعطشون للحقيقة حول ضرورة الاعتراف بالأعمال الوحشية التي واجهوها، وبأن تعترف الشخصيات الحاضرة من المنطقة والجمهور على اتساعه بصعوبة وضعهم. شعروا في هذه المساحة الآمنة أنه يجري أخذهم على محمل الجد، مما فتح أبواباً لفرص جديدة للجاليات الدينية المختلفة لتجتمع معاً وتتعامل مع بعض مصادر القلق المشتركة. نجاح هذا العمل في منطقة عكّار بالذات له أهمية خاصة، فعكّار ملاذ آمن لأعداد السوريين اللاجئين المتزايدة، وكذلك أرضاً خصبة لإنتاج المقاتلين. ففي عكّار، وهي واحدة من أفقر المناطق في لبنان، والتي تضم أكبر عدد من اللاجئين، تزداد احتمالات التوتر أكثر من أي منطقة أخرى في البلاد. الوضع هنا هش إلى درجة كبيرة.
نعم، ربما يكون هذا هو سبب كون العديد من الناس أكثر وعياً بضرورة الحفاظ على السلام بغض النظر عن كلفة ذلك. وحفل الإفطار هذا والجهود الأخرى التي تقوم بها مؤسسة الإعانة والتسوية (آر أند آر سوريا) وهي مجموعة من المواطنين المهتمين في أوروبا وغيرها، تُظهِر أن القادة الدينين بمقدورهم العيش بسلام مع مجتمعاتهم.
ستجري المناسبة القادمة التي تنظمها "آر أند آر سوريا" في مجال حوار الأديان يوم 22 سبتمبر بمناسبة احتفالات القديس مورا الدينية، حيث تجتمع الطوائف الأربع وقادتها لمسيرة مشتركة إلى موقع مسيحي، يتبعها احتفال للأطفال ووجبة طعام مشتركة بين الطوائف مقدمة للمشاركين في المسيرة.
------
خبيرة في قضايا عودة اللاجئين والأقليات وبناء السلام