الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القرار الآخر "من دون أسنان" حول سوريا بديل من مسـار سياسي متعثّر ولو بالإجماع

القرار الآخر "من دون أسنان" حول سوريا بديل من مسـار سياسي متعثّر ولو بالإجماع

26.02.2014
روزانا بومنصف


النهار
الثلاثاء 25/2/2014
لا يتم التقليل ديبلوماسياً من أهمية القرار 2139 الذي اعتمده مجلس الامن الدولي بالاجماع يوم السبت الماضي والذي يدعم بموجبه وصول المساعدات الانسانية الى سوريا ووقف الغارات على المدنيين ورفع الحصار عنهم، ولكن لا يتم التعويل عليه سياسياً وديبلوماسياً رغم انه قد يعد انجازاً باعتبار ان روسيا والصين لم تستخدما حق الفيتو مجدداً على قرار جديد متعلق بسوريا. الا انه ينظر اليه وعلى نطاق واسع من زاوية تخفيف وطأة المسؤولية التي تثقل على بعض الدول الكبرى المؤثرة ازاء ترنح الحل السياسي من دون قدرتها على انهاء الازمة في ظل العجز ازاء الوضع الانساني، فيما قد يكشف القرار الذي تم التهليل لصدوره على موافقة من روسيا والصين مزيداً من عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها في حال عدم التزام قرار اضافي خيضت معارك سياسية من أجل الاتفاق عليه.
فهذا القرار الثاني بعد صدور القرار 2118 بالاجماع حول تفكيك الاسلحة الكيميائية لدى النظام في أيلول الماضي يخشى الا يؤدي الغرض منه كونه هو الآخر "من دون أسنان" اي انه لا يتضمن اجراءات عقابية في حال عدم التزامه، ولو انه ترك الباب مفتوحاً على التحرك لاحقاً في حق المخالفين، في ظل اعتقاد ديبلوماسي واسع ان النظام سيعرقل عبر وسائله المعهودة تنفيذه فيما ستعارض روسيا فرض أي عقوبات على النظام او زيادة الضغط الدولي عليه. وذلك في الوقت الذي لم تكد العاصمة الاميركية تنهي بعد تجديد دعوتها النظام السوري لتنفيذ القرار 2118 والذي تلكأت السلطات في دمشق عن تنفيذه لجهة تسليم الأسلحة الكيميائية في التوقيت الذي كان يتعين عليها القيام بذلك في ظل تشكيك من المسؤولين المعنيين بعرقلة مقصودة من جانب النظام. وفيما كان القرار نص على امكان ان يفرض مجلس الأمن تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة في حال عدم الامتثال لهذا القرار، فان اي اجراء لم يعتمد من جانب واشنطن او مجلس الأمن في تعويل واضح على روسيا من أجل اقناع النظام بالتزام نص القرار.
والملاحظات المواكبة للتشكيك في فاعلية القرار لجهة امكان تخفيف معاناة السوريين فعلاً تكمن في الخشية من انه، على رغم أهمية ووجوب صدوره وحتمية تنفيذه، هناك جملة مؤشرات لا تسمح بتعليق آمال كبيرة فعلاً عليه. ومن هذه المؤشرات وفق مراقبين ديبلوماسيين:
- ان هذا القرار يخشى ان يأتي بديلاً من مسار سياسي متعثر او ضائع على أثر فشل المفاوضات في جنيف - 2 حول الانتقال السياسي والتي انتهت في 16 الشهر الجاري. وفيما اتهمت الامم المتحدة على لسان موفد الامين العام الى سوريا الأخضر الابرهيمي النظام بعرقلة المفاوضات وعدم قبوله البحث في سلطة انتقالية، فان المسألة بدت تعويضاً معنوياً للامم المتحدة من جهة وتخفيفاً من الدول الكبرى لوطأة فشلها في رعاية انجاز اتفاق سياسي من جهة اخرى من دون افق حول امكان توفير ذلك في المدى المنظور.
- ان الاجماع الدولي لا ينبىء فعلاً بامكان انخراط جدي للدول الدائمة العضوية في المجلس في مساع جديدة مشتركة لاقرار الحل السياسي التفاوضي للازمة. فهذا الاجماع وفرته جملة اعتبارات وظروف لا ترتبط جميعها بالوضع السوري ولم تظهر الدول الداعمة للنظام تغييراً في التوجه كما هي الحال بالنسبة الى روسيا على ما امل البعض. بل يخشى ان ضغوطاً قد تكون ساهمت في ولادة القرار على ما قد يكون شكل اجتماع رؤساء أجهزة الاستخبارات لاحدى عشرة دولة من أصدقاء المعارضة السورية وداعميها في واشنطن قبل عشرة أيام من أجل الاتفاق على خطط عملانية لدعم المعارضة وتوفير ما تحتاجه للصمود وتحقيق التقدم في وجه النظام.
- ان المساعدات الانسانية التي تقدمها مؤسسات الامم المتحدة ووكالاتها تواجه عراقيل واضحة من النظام في ظل تساؤلات عن كيفية ترجمة هذا القرار على الارض وما الذي قد يرغمه على التعاون في شكل أكبر مع المنظمات الدولية التي اصطدمت حتى الآن وستصطدم بالحاجة الى تنسيق مساعداتها مع النظام بما يعطيه تأثيراً كبيراً على المساعدات وطبيعة توزيعها وأي مناطق يمكن ان تشمل ما دام هو الذي يقوم بفرض الحصار على المدن على نحو أكثر مما تقوم به فصائل معارضة ما دام يستمر في الحرب بأمل الفوز والسيطرة مجدداً مما يترك له المجال لاستخدام ما تتيحه الحرب او كما قال المندوب الروسي في مجلس الأمن فيتالي تشوركين ان لا شيء من ذلك يمنعه القانون الدولي. وحين قدمت منسقة شؤون الاغاثة في الامم المتحدة تقريرها الى مجلس الامن في 13 الشهر الجاري مطالبة بقرار منه لحل الوضع الانساني منه أملت في أن يؤكد الفعل والقدرة على التنفيذ في حين ان مقتضيات الاتفاق على القرار ونتيجته تترك تساؤلات كبيرة حول كيف يمكن لهذا القرار ان يغير الواقع المأسوي خصوصاً في ظل رفض مستمر للنظام بتقديم المساعدات عبر الحدود من الدول المجاورة، الأمر الذي أشار اليه نص القرار، لكن من دون ان يمنع ان تبقى الأمور تحت رحمته الى حد بعيد. كما ان اعتبار ان القرار يمكن ان يزيد الضغط على النظام قد يبدو مبالغاً فيه في هذا السياق وفق ما يعتبر المراقبون المعنيون.