الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القصف الروسي يهز شباك التحالف

القصف الروسي يهز شباك التحالف

17.10.2015
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 15/10/2015
برغم أن التدخل الروسي في سورية لم يكن مفاجئاً، إلا أن الرد على الوجود العسكري الروسي وقصفه لـ"داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، جاء مرتبكاً من قبل العديد من الدول في التحالف الدولي ضد الإرهاب، إذ لم يخرج التحالف بموقف موحد، وعلى الأرجح أنه غير قادر على ذلك.
لم يحقق التحالف الدولي في حربه المعلنة على "داعش" نجاحات كبيرة. فبرغم تكبد التنظيم خسائر كبيرة، إلا أنه استطاع، بعد أكثر من عام تقريبا، أن يعزز سيطرته ونفوذه في العراق وسورية. وباستثناء خسارته في بعض المناطق الكردية، فإنه ما يزال مسيطراً على الموصل ومساحات شاسعة غربي العراق، إضافة الى سيطرته على مناطق جديدة في سورية.
المواقف الغربية دانت التحرك الروسي، لكن تصريحات دولها تؤكد ضرورة الحل السياسي في سورية، مع التباين في وجهات النظر حول مستقبل بشار الأسد.
القصف الروسي أربك تركيا، ووضع خططها لإقامة منطقة عازلة في شمال سورية في مهب الريح، فليس بوسع أردوغان أن يفعل شيئا سوى "شجب" الموقف الروسي. ولا يختلف الحال بالنسبة للدول العربية، إذ هناك تباين في المواقف. الدول الأوروبية ليست بأفضل حال، فهي تردد الأسطوانة نفسها منذ أربع سنوات، ومفادها أنه يجب ألا يكون هناك دور للأسد في سورية المستقبل، من دون أن تكون قادرة على فرض رؤيتها تلك.
العراق الذي يتلقى دعماً عسكرياً واستخبارياً من الولايات المتحدة، أعلن ترحيبه بدور عسكري لروسيا في العراق ضد "داعش". وفي الأنباء أن غرفة العمليات المشتركة بين روسيا وإيران وسورية والعراق سوف تباشر عملها قريباً.
الرد الرئيس الوحيد على التدخل الروسي، جاء من واشنطن التي أعلنت أمس نيتها تحرير الرقة من "داعش"، من خلال دعم وتدريب وتوفير الدعم اللوجستي للجيش السوري الحر والأكراد. وبهذا اعتراف بأنه لا يمكن هزيمة "داعش" بالقصف الجوي، وإنما بوجود قوى على الأرض. ولكن لماذا الرقة وليس الموصل أو منطقة الأنبار؟
الإجابة عن ذلك تكمن في أن الرقة هي غرب العراق وبعيدة عن قوات النظام، وهي معقل "داعش" أو عاصمتها، وأن هناك قوات على الأرض يمكن أن تحارب على الأرض، منها الجيش السوري الحر والمقاتلون الأكراد، علاوة على أنها تزيد منافسة روسيا بالسيطرة على مناطق أخرى في سورية تمهيداً لأي تسويات أو مساومات مقبلة.
إذا استطاعت الولايات المتحدة القضاء على "داعش" في الرقة أو طرده منها، فستكون قد حققت إنجازاً كبيراً، ربما يكون الأكبر منذ صعود التنظيم وتشكيل التحالف، وبما سيمكنها من تحسين شروط التفاوض مع الروس في أي صفقة مستقبلية.
الدلالة الحاسمة لهذا التوجه هو أن الولايات المتحدة باتت تدرك أنه لا يمكن إحراز تقدم في الحرب على "داعش" من دون وجود قوات على الأرض، وهذا ما قد يقود الولايات المتحدة إلى الطلب أو الضغط على بعض الدول المجاورة لسورية لإرسال قوات برية لمهاجمة "داعش" في سورية، لأنه لا توجد أوراق يمكن أن تلعبها، ولاسيما أن أغلب التنظيمات الفاعلة في سورية مصنفة أميركياً بأنها إرهابية. وبالطبع، فإن الأردن لن ينجر لذلك، بسبب سياسته المتوازنة الرافضة للتدخل خارج حدوده، بالرغم من موقفه الصلب ضد الإرهاب.
التدخل الروسي في سورية باغت التحالف الدولي بالقصف الشديد للتنظيمات التي تقاتل النظام، وأظهرت الأيام الأولى ضعف استراتيجية التحالف. وبالرغم من الارتباك، يبدو أن الولايات المتحدة تطور استراتيجيتها في الحرب على "داعش"، وإيجاد السُبل للسيطرة على أكبر قدر ممكن على الأرض في سورية، ليس ذلك فقط، وإنما أيضا التنسيق مع حلفائها الاقليميين لزيادة الضغط على النظام السوري وروسيا من أجل إيجاد توازن قوى على الأرض، تمهيداً للتسوية السياسية المحتملة.