الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القضاء على داعش أم على الأسد؟

القضاء على داعش أم على الأسد؟

17.02.2016
فايز الفايز



الشرق القطرية
الثلاثاء 16-2-2016
على مدى خمس سنوات مضت -هي عمر الصراع الدموي في سوريا- وقفت السعودية وحلفاؤها وتركيا موقفا حاسما ضد الرئيس بشار الأسد ونظامه وجيشه ومليشياته التي أمعنت في قتل الشعب الثائر، ولا يزال الجميع من خصوم الأسد حتى الأوربيين يقفون ضد استمراره في الحكم، وكانت الخطة هي دعم الفصائل المسلحة المعارضة بما فيها الجيش الحرّ الانفصالي لتقاتل ضد قوات النظام، وحتى الجمعة الماضية -موعد مؤتمر"ميونيخ"- كان الأسد يُعد هو العقبة الكؤود في طريق السلام في سوريا، ولكن هناك خصم آخر للجميع هو تنظيم "داعش"، يسيطر فعليا على المنطقة الشرقية من سوريا وغرب العراق، وفجأة خرجت خطة جديدة أعلنتها السعودية تتضمن تدخلا بريا وجويا في سوريا لقتال الخصم الثاني -أي داعش- تحت مظلة التحالف الدولي، وهذا الإعلان محفوف بالمخاطر رغم أهميته.
السؤال الذي يطرح نفسه علينا، كمراقبين باتت أعينهم يغشاها العشى من هول ما يجري على الساحة السورية: هل الغاية هي إسقاط النظام السوري أو على الأقل بشار الأسد ومعاونيه، أم القضاء على تنظيم داعش الذي يحارب الجميع ويقاتل بضراوة على جميع الجبهات وضد الفرقاء من شيعة وسنة وجيوش نظامية ومليشيات، وكأنه طوفان يحاول ابتلاع الجميع؟
هناك من يرى أن الخطر الأكبر على نظام الأسد وحلفائه القدماء، إيران وحزب الله، هو داعش، فيما تأتي بقية الفصائل كالنصرة وجيش الإسلام وبقية الفصائل السنية والجيش الحر خلف التنظيم الخطير، ولكن هناك من له رأي آخر مفاده أن "داعش" هو آخر ما يمكن اعتباره خطرا على الأسد ونظامه، ولهذا الرأي أسباب واقعية، فحتى عند سيطرته على مخيم اليرموك وهو جزء من العاصمة دمشق، انشغل بقتال الفصائل الفلسطينية وأحرار الشام والنصرة وغيرها من فصائل المعارضة، فيما كان التنظيم يشكل جبهة بعيدة انشغلت فيها فصائل المعارضة بقتالها بعيدا عن معاقل الأسد.
اليوم وقد انطلقت فعليا المناورات الكبرى لجيوش دول الخليج والأردن وبعض الحلفاء تحت لواء "رعد الشمال" في شمال السعودية، فقد باتت مخاوف نظام الأسد تتخطى حاجز الخطر الأحمر، خصوصا بعد وصول المقاتلات السعودية إلى قاعدة إنجرلك التركية الأسبوع الماضي للمشاركة في قصف معاقل تنظيم داعش داخل الأراضي السورية، وإعلان مسؤولين أتراك عن استعداد تركيا والسعودية بالقيام بعمليات على الأرض لقتال التنظيم، وهذا ما يضع الجميع في خانة "الحرب المختلطة"، ومع هذا يجب ملاحظة أن داعش ليس جيشا نظاميا يتنقل بخطط ومراحل وبأرتال ومناطق محددة، وأن مقاتلته تحتاج إلى قوات مشاة تعد بالآلاف لتطهير المناطق المحررة إن حصل ذلك.
إن أي عملية لقتال تنظيم داعش على الأرض السورية يجب أن تراعي الجغرافيا والديمغرافيا والتحالفات البشرية، فلا يوجد فصائل تقاتل التنظيم فعليا في شمال وشرق سوريا سوى الفصائل الكردية التي تسيطر على محور حلب القامشلي وحتى بلدة اليعربية شرق شمال سوريا، وأي تدخل يجب أن لا يتجاهل الحاجة للقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، ولكن المشكلة أن تركيا لا تعترف بـ"الديمقراطي التركي" وتعده تنظيما إرهابيا، ومن غير المحتمل أن تعده شريكا.
إًذا لا تزال خطة الخلاص في سوريا شبه مستحيلة أو على الأقل بعيدة جدا عما يتوقعه السياسيون ووزراء الخارجية الذين يزرعون الزهور فوق القبور لمحاولة تعزية الواقع، فالأسد عاد لينهض من جديد لأن حليفه الأكبر هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليس باراك أوباما، ولأن بوتين يقود العقلية السوفيتية الإمبراطورية في التدخل السريع والحسم الفوري بقوة صاروخية، حتى إن المناطق التي عادت إلى أيدي جيش النظام السوري في حلب والمناطق الأخرى، ومعركة حلب المصيرية، لم تكن من صنع جيش الأسد ولا مليشياته من حزب الله وحتى الشبيحة أو إيران،، إنهم الروس وجيشهم ومقاتلاتهم، هم من يحسم المعارك هناك ثم يدخل عناصر الأسد.
من هنا وبعد فشل مؤتمر جنيف الأخير، وتهديدات الأسد الفارغة، يجب أن يفهم القادة العرب الذين ينخرطون في عملية الحل السوري، أن لا خلاص اليوم من الشرّ في سوريا، فالناس تسأل: هل من الممكن أن تفهمونا من هو الخطر الحقيقي، داعش، أم الأسد، وإن كانا عملة بوجهين فمن أولى بالإسقاط الأول أم الأخير؟