الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القلمون .. هروب من الجحيم !

القلمون .. هروب من الجحيم !

19.11.2013
خالد حسن هنداوي


الشرق القطرية
الاثنين 18/11/2013
صرحت مسؤولة مفوضية الأمم المتحدة أمس أن عدد النازحين خارج سورية قد تفاقم كثيرا في الأيام الماضية الأخيرة بعد اشتداد المعارك واحتداد الاشتباكات في معظم أرجاء البلاد خصوصا في حلب وريفها وريف دمشق وريف اللاذقية وريف حماة وريف حمص خصوصا من القلمون القريبة إلى لبنان فالنازحون يأوون إلى بلدة عرسال الحدودية وقد فر منهم خلال اليومين الماضيين فقط سبعة عشر ألفا. وبلغ عدد النازحين يوميا كما قالت المسؤولة ثلاثين ألفا يطلبون أي مأمن في الخارج أو بعد الحدود لأن السفاح الجزار جن جنونه ومن معه من مليشيات حزب الله ولواء أبي الفضل العباس وحيدر الكرار وقوات الحرس الثوري الإيراني الذين تعبوا وقتل وجرح منهم المئات مؤخرا وصرح أحد قواد حزب الله أنه لولا دفاعنا لما استطاع الأسد أن يصبر يومين وذلك من شدة ما رأوا من بطولات الجيش الحر والمقاومة الشعبية مما أبهرهم وشاهدوا أنهم ما إن تسقط بلدة أو قرية بيد اللانظام بمساعدتهم إلا ويكون الثوار قد استولوا على العديد من المواقع وسيطروا عليها وجعلوا الأرض والبيوت التي يتحصن فيها الجنود والشبيحة والمرتزقة جحيما عليهم ومما زادهم دهشة الفرق الشاسع بين عتادهم ونوعه وعتاد المقاتلين ونوعه مع وجود الطيران والراجمات والبوارج وكيف أسقط الثوار خلال يومين مضيا فقد طائرتي هليكوبتر وطائرة حربية من نوع ميغ في حلب وحدها. ولا غرو مع هذا اللهيب والدمار والأشلاء أن يهرب المدنيون إلى أي ملاذ يظنون النجاة فيه. ولكن النزوح من القلمون إلى عرسال كان هائلا ولا يزال من القصف والنيران على بيوت القلمون وقد راعني ذلك وأبكاني فتأملت سبب هذا التصعيد والدروس المستفادة من الهجومات الأخيرة غير المسبوقة من العصابات الأسدية فوجدتها تتلخص في أمور.
1. إن اللانظام ومسانديه يريدون قبل انعقاد مؤتمر جنيف أن يحرزوا أية مكاسب مهمة على الأرض ليفرضوا شروطهم أكثر ولا يبعد أن يكون هذا بتوجيه من روسيا وإيران بل أمريكا وإسرائيل إذ لكل مصلحته خصوصا بعد المحادثات الأخيرة عن النووي والانتقال إلى معادلة ومحاولة العفو الذي تمثل بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا وإيران وكذلك محاولة أوباما إقناع الكونغرس للتصويت على رفع بعض العقوبات وما إليها عن إيران. ولا ريب أن القضية السورية تكون لعبة مقايضة بينهم وإن لم تكتمل المسرحية ولكن القرائن قد تدل على ذلك.
2. ازدياد الهجرات المقصودة من قبل اللانظام إنما هو خطة ممنهجة لتفريغ معظم أهل سورية منها ليكسب الأسد ورقتين. الأولى من أجل الانتخابات المقبلة كي لا يبقى في البلد إلا القليل العاجز عن الهجرة أو الخائف ثم جماعة الجزار الذين هم معه من طائفته وبعض الأتباع والمنتفعين الذين سيصوتون له وبالتالي ينجح ويرضى المجتمع الدولي بهذه النتيجة لأن الأكثرين متواطئون معه خصوصا بعد مسرحية الكيميائي ولعمري من سيأتيهم مثل هذا السفاح لإخماد الثورة ولكن هل يستطيعون والله معنا والمؤمنون الثوار الأحرار.
3. تظهر هذه الأحداث التي بلغت وحشيتها الزبى - بل إننا لنعتذر للوحوش من فعل القتلة - إن هذا الجزار المستغل من قبل أسياده بطل في الأنانية وليس له أي قلب جاهلا أن الأنانية سراب الضعفاء. وحاله الواقعية تقول: من بعدي الطوفان. دمار العالم ولا خدش إصبعي! فهذا هو الشرير الذي قال عنه الحكماء: هو كل من لا يعمل إلا لمصلحته الذاتية مهما آذى غيره من الأطفال والنساء والشيوخ ودمر عليهم دورهم. غافلا أن الأنانية تولد زوال الدولة والأمة. وإن الله سيعذبه في الدنيا قبل الآخرة وهو الآن معذب ومهزوم ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا).
4. نشد على أيدي المهاجرين النازحين إلى عرسال من القلمون وجميع اللاجئين داخل البلد وخارجه أن يصبروا فلهم الجنة وقد جاء في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وكذلك: (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة).
كم شدة عرضت ثم انجلت ومضت من بعد تأثيرها في المال والمهج
5. نهيب بأهل الخير والإحسان أن يغدقوا من نفقاتهم على هؤلاء ويقضوا حاجاتهم خصوصا مع دخول فصل الشتاء فما أحوجهم إلى الخيام والمدافئ وقد قدرت مفوضية الأمم المتحدة أن أكثر من 250 ألفا بحاجة إلى مأوى والعدد مرشح للزيادة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لأن أمشي في حاجة أخي أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرا) و(إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله على قضاء حوائج الناس) وقد قال عبد القادر الجيلاني رحمه الله: إذا قضيت لأخ حاجة شعرت أنني شبعت وارتويت. فتعالوا يا إخواني إلى الخير وأعينوا إخوانكم المجاهدين والمهاجرين والجرحى وأسر الشهداء من أهل الشام. فالتعاون خلق الإسلام وقانون الحياة واجتماع القلوب يخفف المحن.
إذا العبد الثقيل توزعته
أكف القوم خف على الرقاب
وأفضل المعروف إغاثة الملهوف
ولم أر كالمعروف أما مذاقه
فحلو وأما وجهه فجميل