الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القوى المؤثرة تبيع الشام

القوى المؤثرة تبيع الشام

05.05.2014
فرحان العقيل


الشرق القطرية
الاحد 4/5/2014
تساؤلات محيرة تلازم المتابعين للحالة السورية ومن كل الأطراف المعنية بهذا الحدث الذي غدا وجبة دسمة للإعلام العالمي يتناولها كل طرف حسب خياله ومزاجه؛ فهنا انتصر الثوار؛ وهناك انتصر الأسد؛ دون أن يكون للحدث بوادر نهاية توفر لأطفال الشام الأمن وقليل الخبز؛ فتلك موطن الخلافة تئن وتتبعثر مفاتيحها بين الدول والأفواه فمن يضحك على من؛ ومن يتلاعب بالآخر؛ فمنذ تدويل القضية ودخولها طور المؤتمرات والاجتماعات وهناك تلاعب عجيب بالأوراق والرهانات؛ فالفرضيات لم تتوقف والحلول تتعسر واحداً تلو الآخر؛ وتبادل الأدوار مستمر لتمييع القضية حيث تعلو الأصوات ثم تخبو تبعاً للمصالح والمواقف. بينما هناك مئات الألوف من القتلى وملايين المهجرين يدفعون ثمن الصمت العالمي ومزاجية القوى المؤثرة؛ فالقضية كانت انتفاضة شعب ومواجهته لصلف نظام برر لنفسه البقاء بكل السبل على حساب كرامة شعبه ودماء أطفاله ومستقبل الأمة "ولن نقول أمته"؛ فالضمير العالمي يسقط أمام مهزلة تاريخية كبرى في الشام ويرتهن نفسه وأمانته حين يبيع دماء الأبرياء لمجرد مزاجية تتخيل شرقاً أوسطياً تعاد تركيبته فيفترض غباء التاريخ وغباء الناس عموماً ليفرض حلولاً لا تتوافق والمشهد اليومي المشبع بالدماء في مدن الشام؛ أعتقد أن كل الحلول ممكنة لو امتحن العالم ضميره وقرر الخلاص من رأس النظام ووضع الحد لتجاوزاته وعنفه غير الإنساني ولو بالوسائل السياسية " ولكن دعوى السياسة هنا تحديداً هي مشروع حق أريد به باطل "فهكذا يفهم العامة التوجه الدولي نحو فرض الحل السياسي للأزمة السورية كمشروع لإعادة الشام إلى سابق عهده بينما المشهد القائم هناك صورة لا يقبلها عقل أو ضمير في عصر الحداثة والاعتداد بالإنسانية والحقوق؛ فالعديد من ساسة العالم ودوائر التأثير العالمي يراهنون على الحل السياسي في الحالة السورية ويصرون عليه كمخرج وحيد لتلك الظروف؛ بينما المنتج الجديد هو ترشح الأسد لفترة قادمة وفق صيغ دستورية معدلة تستبعد قوى الوطن وأهله وتعطي الحق لنظام الأسد للاستمرار في السلطة دون خجل أو وجل؛ فقوى العالم مهدت لهذه النتيجة ربما لتتيح للنظام السوري المزيد من الوقت لممارسة اللعب السياسي وفق حلقة مطاطة وواسعة تحتمل ما لا يحتمل من التوجهات والحلول فاللعبة السياسية المفروضة تستجلب المزيد من الصلف والتعنت وهو ما يعد مأزقاً سياسياً وإنسانياً خطيراً لن يغفره التاريخ للعالم الحالي الذي تتباين مواقفه تبعاً للمصالح دون صيانة للكرامة والحقوق؛ ناهيك عن استمرار الموت البشع للأطفال وانتهاك الحرمات والكرامات وتهجير الملايين من الشعب السوري خارج حدود الوطن جراء استخدام القوة المفرطة التي لم تتورع عن القتل بالكيماويات والأسلحة المحرمة؛ بل إن نظام بشار خرق السيادة الوطنية السورية باللجوء إلى العصابات الأجنبية وتمكينها من محاربة شعبه؛ فهناك من أعطى لهذا النظام الفرصة للتجاوز والاستمرار في تدمير البلاد ولتكون أيضا مسرحاً موسعاً للتصفيات الطائفية والحزبية وتفريخ الإرهاب للعالم والتوسع في استقطاب المارقين تحت غطاء الخلافات القائمة هناك وتوفير البيئة المناسبة لهم لممارسة شرورهم وتحقيق أهدافهم في بيئة يستثمرها النظام وعملائه لأهداف أكبر تحيل شام الخلافة إلى بؤرة للنيل من الأمة وتدمير مستقبلها؛ فالحل السياسي الذي ذهبت إليه الدوائر العالمية وعقدت له المؤتمرات المتتالية دون فرضه أو تفعيله على أرض الواقع والاكتفاء بالمناورات بين دول القرار يبقي الحالة السورية في محلها؛ فروسيا تناور وتبرر والصين كذلك والولايات المتحدة وحلفائها يناورون ويقدمون الشام ضمن مقايضاتهم السياسية وصفقاتهم برؤية لا تحقق أي ضمانات أو حلول جذرية سريعة تعيد الشام العريق إلى سابق عهده وتحفظ الكرامة له ولأهله وتوقف نشطاء الفتنة من استغلال الموقف هناك؛ فالتوازن السياسي العالمي الحالي لا يفترض مثل تلك الحلول على ما يبدو؛ بل الاستقراء العادي القريب من الفهم يؤكد أن الحالة السورية لن تحسم فالأسد يتأهب لمرحلة رئاسية جديدة تستند إلى ضمانات وتوازنات دولية؛ وربما دفع الرجل ما تريد الدوائر المؤثرة التي تزعم رسم خرائط جديدة للمنطقة وتسعى لفرض هوية جديدة متناسين أن استمرار الأزمة يحرق المزيد من الأخضر واليابس ويفرخ أشكالاً جديدة من الإرهاب.