الرئيسة \  مشاركات  \  الكل يغني على ليلاه في ميونيخ

الكل يغني على ليلاه في ميونيخ

16.02.2016
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
ميونيخ 14‏/02‏/2016
لا أحد يدري ما مناقشات مؤتمر ميونيخ للامن والسلام الدوليين في عام 2017 المقبل ، فمناقشات هذا العام التي انتهت هذا اليوم الاحد 14 شباط / فبراير  كانت حول سوريا والارهاب وخاصة ارهاب وخطر تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / وضرورة وقف اطلاق النار في سوريا ودعم دويلة الاكراد في العراق مع الدعوة للاكراد بعدم اعلانهم استقلال دويلتهم عن العراق الام وسط تحذير الماني من مغبة الاستقلال اذ سينجم عنه ازمات وعنف جديد بالشرق الاوسط وتأكيد من رئيس وزراء العراق هادي عبادي بان دويلة مستقلة للاكراد ستلحق الضرر بالاكراد أنفسهم . كما كانت  مسألة تدفق اللاجئين  على اوروبا موضوع مناقشات المؤتمر ، فتدفق اللاجئين  وصفها وزير المالية الالماني فولفجانغ شويبله بـ / انهيار جليدي /.
ظهر جليا من خلال المناقشات حول سوريا وخطر / داعش / قوة الدبلوماسية السعودية والتركية ايضا ، فوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد انه لا نصر للتحالف الدولي ضد / داعش/ اذا لم يتم القضاء على راسهم وهو بشار اسد الذي لا يزال يقبع على راس نظامه في دمشق بينما يرى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير ومعه وزيرة الدفاع الالمانية اورزولا فون دِر لاين ان الاجراءات العسكرية وحدها ضد / داعش/ لن تسفر عن نتائج ملموسة .
جميع من شاركوا بالمناقشات حول سوريا والارهاب عدا السعودية وتركيا وقطر أيضا ،انتهجوا سياسة المراوغة والتدليس حول سوريا والارهاب والسياسة الدولية وخاصة علاقات الغرب وحلف شمال الاطلسي / الناتو / مع روسيا ، فرئيس وزراء روسيا ديمتري ميدفيديف أكد ان العالم يعيش بحرب باردة جديدة فالغرب و / الناتو / وواشنطن ضد بلاده  والعقوبات الاقتصادية ضد روسيا جراء تدخلها في أوكرانيا هي ضمن هذه الحرب ، بينما هاجم الرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو  موسكو وخاصة رئيسها فلاديمير بوتين الذي رأى فيه انه يعاني من مرض جنون العظمة فهو يريد أخضاع العالم لروسيا وان بوتين ينتهج سياسة التدليس فهو يعد ولا ينفذ .
فالتدليس  كما عرَّفها ابو الفضل محمد ابن مكرم ابن منظور الافريقي المصري في كتابه / لسان  العرب /  بالظلمة والمدالسة يعني المخادعة ، ومن هذا التدليس ، تدليس وزراء خارجية ايران وروسيا والولايات المتحدة الامريكية ، فوزير الخارجية الايراني جواد ظريف أراد ان يظهر تقوى حكومة الملالي في طهران وانهم مسالمون وحريصون على علاقات قوية مع السعودية مبديا استعداد حكومته المشاركة مع السعودية بزحف بري ضد / داعش/ وان بلاده تدعم بشار اسد اذ ترى فيه ركنا أساسيا ضد الكيان الصهيوني وهو راس المقاومة ضد الكيان المذكور  وما يجري في سوريا هو حرب ضد الارهاب و /  داعش/ تعتبر الخطر الاكبر على الامن والسلام الدوليين نافيا تدخل بلاده بدول منطقة الخليج العربي واليمن ولا أطماع لبلاده في تلك المنطقة وفي سوريا وغيرها . لقد ظهر وزير الخارجية الايراني ظريف أمام المشاركين بالموتمر وكأنه يلبس عباءة الرجل التقي ولسان حال الذين استمعوا اليه يذكرون قول احمد شوقي :
برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا      الى قوله
مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا
بينما يكتفي وزير الخارجية الامريكي جون كيري بتوجيه انتقادات ضد روسيا لموقفها في اوكرانيا وسوريا ويطالب موسكو بوقف قصفها لمدينة حلب وغيرها ويؤكد على ضرورة استمرار العقوبات الاقتصادية ضد روسيا حتى تقوم بتنفيذ اتفاقية مينسك / عاصمة روسيا البيضاء / الخاصة بوقف اطلاق النار في الشرق الاوكراني دون ان يتطرق ولو بكلمة واحدة عن مستقبل بشار اسد ، ووزير الخارجية الروسي لا يزال يفتأ بدعم بشار اسد ويطالب هو وكيري تركيا بوقف اجراءاتها العسكرية ضد الاكراد  وان موسكو تريد السلام في الشرق الاوسط والتعاون مع الاوروبيين وحرص الكرملين على وحدة اوكرانيا وسوريا ايضا ، ولا يثق احد بتصريحات الوزراء المذكورين فسياسة بلادهم تجاه قضايا العالم أثبتت عدم مصداقيتهم ، وقديما قال أحدهم :
لا خير في ود امرئ متلون اذا الريح مالت مال حيث تميل
الكل كان يغني على ليلاه في ميونيخ ولم يكن هناك اي قرار بالمؤتمر من اجل احلال السلام بالعالم وانهاء ماساة اللاجئين الذين يتدفقون على اوروبا بشكل مخيف كما لم يكن هناك اي اتفاق على وضع حد لارتفاع قوة القوميين المتطرفين في اوروبا وارتفاع نبرة المعادة للاسلام ، اذ لم يتطرق أي مسئولي سياسي او اجتماعي حول ظاهرة المعادة للاسلام في اوروبا التي يقودها منظمة ما يُطلق عليه بـ / الجبهة القومية الاوروبية لحماية الغرب من الاسلام / هذه الجبهة التي اصبح ذراعها طويلا ليمتد من المانيا الى فرنسا والتشيك والنمسا والنرويج وغيرها .