الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الكوريدور" الإيراني

"الكوريدور" الإيراني

06.06.2017
عائشة المري


الاتحاد
الاثنين 5/6/2017
بدا غبار معركة الموصل ينقشع عن النوايا الإيرانية من وراء الدفع بميليشيات الحشد الشعبي للمشاركة في معركة تحرير الموصل، وارتفعت حدة وقاحة التصريحات السياسية لأذناب إيران في العراق، إذ جاهر قيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق" المنتمية لميليشيات الحشد الشعبي بقوله: "إن قواته ماضية في مشروع إقامة البدر الشيعي في المنطقة، وليس الهلال الشيعي!". يراه "بدراً" وليس هلالاً كما كان الملك الأردني عبدالله الثاني قد أسماه في عام 2004، إشارة إلى تخوفه من وصول حكومة عراقيّة موالية لإيران إلى السلطة في بغداد تتعاون مع طهران ودمشق لإنشاء هلال يكون تحت نفوذ الشيعة يمتد إلى لبنان. يراه إذن بدراً يشمل هذه المرة المنطقة العربية بمعظمها من بلاد الشام إلى الجزيرة العربية، مما يعني امتداد النفوذ الإيراني إلى شواطئ المتوسط وباب المندب.
كانت معركة الموصل قد انطلقت في 17 أكتوبر 2016 وسط استنكار دولي وإقليمي لمشاركة ميليشيات الحشد المدعومة من طرف إيران في المعركة، نتيجة لسجلها السابق الموثق المشين في انتهاكات حقوق المدنيين السنة العراقيين، وخاصة بعد أن صرح قيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق" بأنهم ذاهبون للموصل "ثأراً لمقتل الإمام الحسين من أحفاد يزيد"!. وكانت ميليشيات الحشد الشعبي قد تشكلت في يونيو 2014 إثر فتوى السيستاني لدعوة الراغبين في التطوع لتشكيل قوة عسكرية لمحاربة "داعش"، وبتأييد مباشر من قبل رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي. وأصبح الحشد تحت إشراف وزارة الدفاع العراقية منذ أقل من عام، بحيث بات تسليحه وتمويله يتم عبر موازنة وزارة الدفاع العراقية، بينما يقوم مستشارون عسكريون إيرانيون بتقديم المشورة له، وعلى رأسهم قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني. وانتزعت القوات العراقية السيطرة على الجزء الشرقي للموصل في يناير الماضي، وبدأت التوغل التدريجي في الموصل، ورجح قادة عسكريون عراقيون استعادة كامل الموصل الشهر الحالي.
لقد دفعت إيران بالحشد الشعبي الشيعي في معركة الموصل للسيطرة على مدينة تلعفر بالتحديد، وبرر المتحدث باسم الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، بدء الزحف باتجاه مدينة تلعفر (55 كيلومتراً غرب الموصل) بالقول إن الميليشيات تهدف إلى قطع أخطر خط يربط المدينة بالرقة في سوريا، أي طريق الإمداد الوحيد لـ"داعش". وأعلن أبو مهدي المهندس يوم الاثنين 29 مايو عن وصول قوات الحشد إلى الحدود السورية مع العراق، بعد استعادة عدد من القرى الإيزيدية، مؤكداً أن الحشد مستمر في القتال حتى تطهير كل الحدود العراقية- السورية، وإنهاء وجود التنظيم في البلاد. ومع وصول قوات الحشد الشعبي إلى الحدود السورية مع العراق تصاعدت حدة التصريحات المعلنة للمخطط الإيراني لإقامة الممر الإيراني عبر الأراضي العراقية السورية المعروف إعلامياً بـ"الكوريدور الإيراني"، مما يعني أن الفرصة باتت سانحة أمام طهران للسير قدماً في إنشاء ممر بري يصل إيران بالبحر المتوسط، سيمكنها مستقبلاً من إمداد حليفتها الحكومة السورية والميليشيات التي ترعاها في سوريا أو لبنان بالسلاح والعتاد والرجال، وسيسهل عمليات الانتقال والتنقل، وسيمكن طهران بسهولة من إرسال الدعم للقوات التي تحارب بالوكالة عن إيران في سوريا. وكذلك لتمد طهران عبرها لاحقاً خطوط أنابيب النفط والغاز وطرقاً برية آمنة لنقل البضائع الإيرانية إلى سوريا، وأيضاً ربط إيران بالبحر المتوسط. وعملياً تعني السيطرة الإيرانية الفعلية على بغداد، ودمشق وبيروت. وكان "الأسدي" قد صرح في مؤتمر صحفي ببغداد، 29 أكتوبر الماضي، بأن "الساحتين السورية والعراقية متداخلتان، ما يستدعي الذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي"، مما يعني انتقال ميليشيات الحشد من العراق إلى سوريا لدعم الأجندة الإيرانية، مما سيغير من موازين القوى على الساحة السورية.
وعود على بدء، قال الخزعلي: "بظهور صاحب الزمان (الإمام المهدي المنتظر) تكتمل قوتنا بالحرس الثوري في إيران، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله (المتمردين الحوثيين) في اليمن والحشد الشعبي والعصائب في العراق". فهل يكتمل البدر الشيعي؟ دعوة للتأمل.