الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الكيماوي والعواقب الوخيمة

الكيماوي والعواقب الوخيمة

31.08.2013
محمد الشواهين


الرأي الاردنية
الجمعة 30/8/2013
لا يمكن لعقل بشري ان يتخيل حاكما كائنا ما كان ان يفتك بشعبه بسلاح محرم دوليا يُمنع استعماله ضد الأعداء، فما بالك لو كان بالأهل والعشيرة وأبناء الوطن! مئات بل لنقل آلاف الضحايا من الأطفال الأبرياء والنساء والشيوخ يسقطون صرعى من جراء هذا السلاح القذر، الذي يبيد الجماعات دونما ذنب اقترفوه سوى انهم من مواطني هذا القطر الذي حل فيه الدمار والخراب والقتل والذبح من أجل الإستئثار بكرسي الحكم الذي اعتلاه اصلا بانقلاب عسكري.
هذا السلاح وغيره من الأسلحة الموصوفة بذات الدمار الشامل والقتل الجماعي، حرّمت استعماله الشرعية الدولية وغلظت عقوباته، معتبرة من يستعمله بمجرم حرب، وهذا ما دفع الكثير من دول العالم اليوم الى الدعوة الى ضرب القوة العسكرية التابعة لنظام بشار الأسد التي تشير كل الدلائل انه استعمل الأسلحة الكيماوية في الآونة الأخيرة في المذبحة الجماعية التي اقشعرّت لها الأبدان في ريف دمشق وأطرافها.
نفهم جيدا ان النظام السوري الحالي منذ عهد الأسد الأب الذي وصل الحكم على ظهر دبابة ثم توريث الكرسي ذاتها من بعده لأبنه بشارفي مهزلة دستورية فصلت تفصيلا على مقاساته الشكلية والعمرية، وراح هو الآخر يمارس القمع في أبشع صوره، ما دفع السوريين أن يدركوا ان لا حرية ولا كرامة لهم في ظل هذا المناخ الاستبدادي القمعي الذي يكمم الأفواه، وان الديمقراطية التي يتمتع بها أبناء الشعوب الأخرى، ما هي إلا مجرد حلم لهم، الى ان طفح الكيل وفاض، فاستغلوا فرصة الربيع العربي وقاموا بثورتهم هذه على الفساد والطغيان والجبروت الأسدي المتوارث، أملا منهم في حياة كريمة ينعمون فيها بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة سلميا كما هو شأن الدول المتحضرة.
كل النداءات والوساطات والمناشدات العربية والاسلامية والدولية باءت بالفشل بسبب تشبث بشار الأسد وزمرته بكرسي الحكم، واضحت المقولة الشعبية ( إما الأسد أو لا أحد ) حقيقة واقعة، فالدمار الذي غشي سوريا يحتاج الى عشرات السنين حتى يتم إزالته وإعماره، هذا الدمار وهذا الشلال الدموي ما كان ليحدث لو أن بشار الأسد استمع الى صوت الحكمة والعقل، ولكنه للأسف الشديد أخذته العزة بالإثم، وضرب بعرض الحائط كل الوساطات العربية والأجنبية ليظل مستأثرا بالحكم الشمولي القمعي مهدرا دم كل سوري يتفوه بكلمة واحدة تطالب بالحرية، حتى اضحى معظم السوريون اما جثثا هامدة في الحفر الجماعية أو مشردين في المخيمات والقفار.
اليوم النظام السوري وجيشه اضحى عرضة لضربة عسكرية دولية سوف تقصم ظهره، وتدمر بنيته العسكرية، جزاء وفاقا على ما اقترفته يداه من استعمال للسلاح الكيماوي، ولنتذكر جيدا ان التداعيات التي اعقبت وسوف تعقب استعمال هذا السلاح لن تمر مرور الكرام لا على سوريا ولا على المنطقة، فالضرر كبير وحاصل لا محالة، والنتائج سوف تكون وخيمة، وسوف تصبح المنطقة مرتعا للارهاب الدولي، والمستفيد الوحيد هو عدو الأمة الذي يعرفه القاصي والداني، هذا كله جاء بفضل العناد الذي ما زال بشار الأسد ومن حوله من الزمرة القاتلة التي سوف تفرّ أو تنتحر، مصرة على موقفها الجنوني المتشنج الذي من شأنه نزف المزيد من دماء السوريين والاستمرار في مآسيهم وتشردهم عن بيوتهم وديارهم في ظل خراب ويباب ليس له حدود.