الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللاجئات السوريات في بلاد العرب

اللاجئات السوريات في بلاد العرب

09.04.2013
د. فوزي ناجي

القدس العربي
الثلاثاء 9/4/2013
أشعر بغصة في الحلق ودمعة في العين عند سماع أخبار ما يجري للاجئات السوريات في الدول العربية المجاورة التي هربن اليها من الحرب الأهلية الدائرة حالياً في بلادهن المنكوبة بنظام ديكتاتوري فاسد يقصفهم بالطائرات ويدمر بيوتهم ويقضي على اي امل لهم في حياة كريمة في وطنهم، ومعارضة تتخبط في مسيرتها ولم تستطع حتى الآن من الاتفاق على خارطة طريق للوصول الى أهدافها في إقامة نظام ديمقراطي حديث يحقق للمواطن السوري الأمن والاستقرار ويحافظ على كرامته الانسانية.
يلجأ أبناء وبنات الشعب السوري الى الشعوب العربية الأخرى طلباً للأمن للمحافظة على حياتهم آملين أن يلقوا الدعم والمؤازرة من أبناء امتهم لفترة مؤقتة حتى ينجلي الليل السوري وتشرق شمس الحرية ليتمكنوا من العودة الى بلادهم التي يعشقونها ولا يرضون بديلا عنها.
كان الشعب السوري المضياف يفتح أبوابه على الدوام لأبناء الأمة العربية إذا إضطرتهم الظروف لترك اوطانهم، فكان العرب يجدون في سورية الصدر الرحب وكرم الضيافة والأخلاق العربية الأصيلة.
لماذا لا يُعامل السوريون بالمثل؟ لماذا تستغل صعوبة ظروفهم لمعاملة فتياتهم كسلعة تجارية تباع وتشترى؟ لماذا لا نثور، ونحن في عصر الثورات العربية، على المفاهيم البالية والتي تحشر الدين الاسلامي، وهو منها براء، في تفسير ما يجري مع السوريات والتونسيات على انه جهاد في سبيل الله؟
لا بد من وضع النقاط على الحروف. ما يطلق عليه جهاد المناكحة في تونس من إرسال الفتيات التونسيات الى سورية للترويح عن المقاتلين في سورية يسمى بالمختصر المفيد دعارة، وما يجري من تزويج الفتيات السوريات الصغيرات من رجال عرب أثرياء وكبار السن لبضعة أيام يسمى تجارة الجنس أي ايضاً دعارة.
على المرجعيات الدينية العربية إسلامية كانت أم مسيحية أن تتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة وبحزم. فلا الدين الاسلامي ولا الدين المسيحي ولا اي دين آخر يرضى بهذه المعاملة لأهلنا السوريين. أدياننا السماوية كلها تدعو الى العدل والمحبة والسلام ونصرة المظلوم وإحترام الانسان والمحافظة على كرامته. كما ان أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة تطالبنا بنصرة المستجيرين بنا والمحافظة عليهم والعمل على درء الأخطار عنهم والابتعاد عن كل ما يسيء الى كرامتهم.
لأي أمة ينتمون ولأي دين يتبعون هؤلاء الذين يرتضون بهذه المعاملة الحقيرة لبناتنا وأخواتنا من سورية بلدنا العربي الأصيل؟
من المُعيب ان تُختزل المرأة العربية في الناحية الجنسية فقط. ويتناسى بعضنا قدرتها الفكرية الابداعية في مختلف العلوم والآداب والفنون، ومساهماتها الفعالة في إثراء الثقافة العربية. ولا يمكن ان يستمر إعتبارها وسيلة لارضاء غرائز الذكور. فالمرأة العربية تشارك الرجل العربي في كل الامور الحياتيه ويعملان معاً من ان اجل نهضة الوطن العربي والوصول به الى ما تطمح إليه الشعوب العربية من عيش حر كريم.
أثناء عملي في جامعة بير زيت الفلسطينية أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية تشرفت بالتعرف على نماذج رائعة للمرأة الفلسطينية التي تجمع بين العلم والمعرفة وقوة الشخصية والارادة الصلبة الممزوجة بالانتماء للوطن والعروبة والتفتح العقلي. أفخر وأعتز بهذه النماذج الرائدة التي قابلت أمثالها من سورية ولبنان والاردن والعراق ومصر وتونس وكل البلاد العربية الأخرى. تستحق المرأة العربية كل الاحترام والتقدير. والخزي والعار لكل من يحاول أن يحط من قدرها أو أن ينال من كرامتها.
لا يكفي أن يُزال الديكتاتوريون العرب من كراسيهم، بل لا بد من أن يصاحب ذلك إزالة المفاهيم القديمة البالية من عقول الجهلة منا والتي لا تزال تسيطر على أفكارهم وتمنع أي تطور في مجتمعاتنا. فقد انقضى القرن العشرون ولم يشعر هؤلاء به، ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين ولم يعوا ذلك بعد.
أراهن على شبابنا العربي في كل البلاد العربية في قيام ثورة فكرية تجتث الأفكار البالية في مجتمعاتنا، وتفتح الأبواب لآفاق الفكر والمعرفة وحرية الرأي والابداع. تستفيد من تجارب العالم، ولكن لا تستنسخ من الشرق او الغرب بل تستمد قواعدها من مناهل عروبتنا وأدياننا السماوية.