الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللاعب التركي والمدرب الأمريكي

اللاعب التركي والمدرب الأمريكي

02.11.2014
د. محمد نور الدين



الشرق القطرية
السبت 1-11-2014
في حوار مع البي بي سي البريطانية اعتبر رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو أن هناك ثلاثة أعداء لتركيا هم تنظيم "داعش" والنظام في سوريا وحزب العمال الكردستاني.
ورأى داود أوغلو أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا الذي يدافع مقاتلوه عن مدينة عين العرب (كوباني) تعاون مع النظام السوري في الحرب ضد الشعب وتعايش مع تنظيم داعش وبالتالي من غير المفهوم أن يطلب من تركيا مساعدته ضد داعش فالاثنان أعداء لتركيا.
موقف داود أوغلو هذا كان قد حسمه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان عندما اعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي بأنه إرهابي مثله مثل حزب العمال الكردستاني.
في إطار هذه النظرة فإن تركيا لا تجد نفسها معنية بالحرب الدائرة في كوباني إلا من زاوية عدم امتدادها إلى تركيا.
غير أن أنقرة وجدت نفسها في وضع في غاية الحرج والارتباك سواء في السلوك العملي تجاه كوباني أو لجهة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
مشهد قوات البشمركة الكردية التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق وهم يعبرون الأراضي التركية ليدخلوا بعدها إلى كوباني كان سورياليا بكل المقاييس.
قوات كردية تعبر تركيا لتساعد أعداء تركيا.وهذه القوات في النهاية، أي البشمركة، ليست حليفة لتركيا بل هي بمعنى ما عدوة أيضا.. فتركيا رفضت طلب المساعدة من إقليم كردستان للدفاع عن أربيل ضد "داعش" في الصيف الماضي.
وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري هو جزء من التحالف الكردي الذي وقع في دهوك وعرف باتفاقية دهوك في الأسبوع الماضي.
كانت تركيا ولاسيما أردوغان يردد عبارة أثيرة على قلبه وهي أن تركيا لا يجب أن تجلس على مقاعد المتفرجين بل أن تكون لاعبا على أرض الملعب، وهو ما حاولت أن تفعله مع بدء الأزمة في سوريا وفي دول ما يسمى بـ "الربيع العربي" ولاسيما في مصر، غير أن نتائج هذه الانخراط المباشر في الأحداث انقلب وبالا على تركيا فعجزت عن تحقيق أهدافها في سوريا والعراق وشهدت أسوأ خساراتها في مصر بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين هناك وتوترت علاقاتها إلى حد القطيعة مع دول الخليج باستثناء قطر.
وبعد انفجار ظاهرة "داعش" وغزوها العراق وتبدل موازين القوى رأسا على عقب عادت السياسة الخارجية التركية لتحرك عجلتها خصوصا بعدما بادر "داعش" للهجوم على المناطق الكردية في شمال سوريا وفي منطقة كوباني بالتحديد فنال من كل القرى الكردية هناك وحاصر مدينة كوباني وكاد يسقطها نهائيا.
وهنا حدثت المفاجأة التي لم يحسب لها الأتراك حسابا وهي تدخل واشنطن واعتبار كوباني خطا أحمر يجب ألا يسقط وإن كان ذلك دونه صعوبات ميدانية كثيرة يتوجب تجاوزها.
هنا كانت التطورات تأخذ منحى جديدا على خط أنقرة - واشنطن.
بدا الكباش السياسي بين الطرفين كما لو أنه صراع إرادات، تركيا مصرة على عدم فتح باب المساعدة لكوباني وتركها لمصيرها المحتوم وهو السقوط لأنها محاصرة من ثلاث جهات من "داعش" فيما الجهة الرابعة مع تركيا مغلقة بشكل كامل فمن أين لكوباني أن تنقذ من نهايتها المحتومة؟
لكن كان لواشنطن رأي آخر وهو إرسال المساعدات العسكرية من الجو وهو ما حصل، ولم يكن أمام تركيا لتفعل أي شيء فالتحرك العسكري الأمريكي كان فوق أراض غير تركية.. لكن واشنطن المنزعجة جدا من عدم انضمام تركيا إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب ومن النتائج الكارثية لسقوط كوباني على الاستقرار في المنطقة ولاسيما العلاقة بين الأكراد في كل المنطقة وبين تركيا لم تستسغ الموقف التركي السلبي وكان الضغط غير المسبوق لكي تفتح تركيا على أراضيها ممرا لمرور قوات كردية من شمال العراق إلى كوباني، وهو ما حدث فعلا.
وبمعزل عن عدد هذه القوات ومدى قدرتها على تغيير موازين القوى العسكرية في كوباني فإن دلالات التطورات المتصلة بكوباني كانت كبيرة جدا، وإذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد حققت انتصارا ميدانيا ودبلوماسيا وسياسيا فيما يتصل بكوباني، فإن الأمر يحتاج إلى أكثر من مراجعة للسياسات التي تتبعها أنقرة سواء تجاه الأكراد أو في علاقاتها مع واشنطن، إذ أظهرت أحداث كوباني أن اللاعب التركي لا يزال على مقاعد الاحتياط في انتظار أن يتيح له المدرب (الأمريكي) الفرصة للمشاركة في اللعبة.