الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللبنانيون والسوريون يتقاسمون المعونات

اللبنانيون والسوريون يتقاسمون المعونات

18.12.2019
مهند الحاج علي



المدن
الثلاثاء 17/12/2019
ثلاثة ملايين ومئتا ألف محتاج هم عديد الفئة السكانية الضعيفة والعرضة للتهديد في لقمة عيشها وصحتها وتعليم أبنائها في ظل الأزمة الحالية، وفقاً لاجتماع تنسيقي لمنظمتين دوليتين مع وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت في التاسع من الشهر الجاري. اللافت في أرقام هذا الاجتماع أن عدد اللبنانيين المنضوين في هذه الفئة، بات يوازي تماماً عدد اللاجئين السوريين، وصار إيصال المساعدات اليهم ضرورة. كل من هاتين المجموعتين، السوريين واللبنانيين، يوازي مليون ونصف المليون انسان، يُضاف اليهما مئة وثمانين ألف فلسطيني في لبنان و27 ألف وسبعمئة لاجئ فلسطيني من سوريا.
والمساعدات الخدمية للبنانيين والسوريين صارت متساوية أو "مناصفة"، ما عدا الدفعات النقدية طبعاً، وهي ما زالت حصراً للاجئين. والأرجح وفقاً للقيمين على الملف الانساني، أن يتجاوز عدد المحتاجين اللبنانيين، عدد نظرائهم السوريين على الأراضي اللبنانية خلال العام المقبل.
في تفاصيل الاجتماع التنسيقي الذي ترأس جلساته ممثلون عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووزارة الشؤون الإجتماعية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن اللاجئين في "حالة يأس وانعدام استقرار" وأيضاً هم عرضة للأمراض النفسية نتيجة الصدمات المتلاحقة. واللاجئون هنا هم الأكثر عرضة حكماً، إذ باتت هناك قيود اضافية على حركتهم، ويُراكمون الديون نتيجة الوضع الاقتصادي. وتشير المنظمة الدولية هنا الى مخاطر عمل أطفال اللاجئين وتزويج القاصرين منهم، والاستغلال الجنسي لهم. هذا الواقع أدى إلى تنظيم "طوعي" لعودة لاجئين إلى سوريا من كل المناطق اللبنانية. الأرقام هنا ما زالت صغيرة نسبة للعدد الإجمالي للاجئين، إلا أنها مرشحة للارتفاع خلال الفترة المقبلة وكلما اشتد وقع الأزمة.
والحقيقة أن الجانب اللبناني يطلب دورياً رفع مستوى المساعدات للاجئين السوريين والمواطنين اللبنانيين (الفقراء) الى حد سواء، إلى مليارين وستمئة مليون دولار، لكنه يحصل على ما دون المليار سنوياً. إلا أن رد الفعل الدولي ما زال يتأقلم مع حجم التحديات، ولو ببطء. نتيجة اللجوء السوري الى لبنان، أقامت المنظمات الدولية شبكة للمساعدات الانسانية بإمكانها مع بعض التعديلات الاستجابة الى أي تطور في الأزمة الانسانية في لبنان، إلا في حال أكملت الطبقة السياسية تعطيلها للحلول، ودفعت البلاد إلى الانهيار الشامل. لا يبدو أن أي طرف مستعد حتى الآن للتعامل مع مثل هذا السيناريو.
أن ترتفع نسبة الفقر من 30 في المئة الى أكثر من النصف، كما يتوقع البنك الدولي، وأن يخرج عشرات الآلاف من وظائفهم في القطاع الخاص مطلع العام المقبل نتيجة الوضع الاقتصادي وقيود المصارف، يعني حكماً اتساع دائرة المتضررين. وهؤلاء يحتاجون إلى مساعدات طارئة.
هناك فئوية لافتة في استعداد الطبقة السياسية للأزمة، وهذا واضح في مبادرات الزراعة والعمل على مستوى البلديات واجتماعات التنسيق بينها. والدعوات الى الزراعة والتضامن الاجتماعي في القرى، من جبل لبنان الى البقاع والجنوب، ضرورية، لكنها لا تكفي، إذ أن فقراء الأرياف والضواحي، معدمون ولن يستفيدوا من هذه المبادرات، ولا يملكون المال الكافي لشراء المنتجات الغذائية. صحيح أن البلاد ستشهد خلال السنوات المقبلة نزوحاً تدريجياً من المدن باتجاه الأرياف، وذلك في نمط مغاير لستين عاماً مضت انتقلت فيها الغالبية السكانية إلى العاصمة والمدن الرئيسية. لكن نسبة كبيرة من السكان معدومة الخيارات، وستُعاني دون استراتيجية وطنية للمعونات خلال السنوات المقبلة.
الأزمة اللبنانية ما زالت في بداياتها، وبما أن المصالح الضيقة والسرقة والمماطلة تُهيمن على سلوك الطبقة السياسية، يبدو أن علينا توقع الأسوأ. وقريباً جداً، لن يكون اللاجئون السوريون الهمّ الانساني الأول لدى المجتمع الدولي.