الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللعبة انتهت يا "داعش"!

اللعبة انتهت يا "داعش"!

22.11.2015
د. أحمد الجميعة



الرياض
السبت 21/11/2015
  .. كما توقعنا سيكون هناك ردة فعل دولية على أحداث باريس الإرهابية، وتعاون أكبر لمواجهة خطر تمدد "داعش"، ومناقشة تداعياته في جلسات عمل داخل أروقة هيئة الأمم المتحدة، والتصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن يمنح الدول العظمى مزيداً من التنسيق والمبادرة في بناء تحالفات جديدة لضرب التنظيم في أي مكان، وأكثر من ذلك تبادل معلومات استخباراتي على نطاق واسع للعمليات العسكرية الجارية حالياً في سورية والعراق، وملاحقة خلايا التنظيم النائمة في مواقع متعددة من العالم.
الإرهاب الذي ضرب فرنسا وترك تداعياته مفتوحة على سيناريوهات متعددة، ومختلفة الرؤى والتوجهات، بل والمصالح أيضاً؛ بحاجة إلى ترتيب أولويات لمواجهته؛ فلا يمكن أن نتقدّم خطوة في الحرب على "داعش" والمجرم بشار الأسد لا يزال على سدة الحكم في سورية، ولا يمكن أن نبحث عن تنسيق لمواجهته وإيران الداعم الأول له مادياً ولوجستياً، ولا يمكن أيضاً أن نشعر بجدية التعامل مع خطره ودول أخرى لديها مصالح إستراتيجية من بقائه واستمراره.
مدلول الحرب على "داعش" ليس بحاجة إلى كل هذا التعقيد، والتضخيم، وحتى الاستعراض في القدرة على المواجهة من طرف واحد يعتقد أن ضرب طائرة أو القبض على خلية هو كافٍ لردعه، بل مدلول الحرب هو شراكة دولية بلا تحيّز لمصالح أو أنظمة، أو حتى مطامع ونفوذ، فاليوم من صنع "داعش" ليس بمقدوره أن ينهيها بسهولة ولوحده؛ لأن التنظيم أخذ شكلاً وفكراً وممارسة متطورة من القدرة على التأثير أولاً، والاستعراض ثانياً، والتهديد مع الفعل ثالثاً، وأخيراً وهو ما يهمنا لخبطة أوراق اللعبة في أي وقت وفي أي مكان، والدليل أن أي استخبارات اخترقت داعش وتواصلت معه لها أكثر من هدف، ومصلحة، وتوقيت، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح وعلاقات أخرى؛ لأن ما يهم هو كسب ردة الفعل وليس الفعل، وهذه معادلة أخطر من أي علاقة أو حوار سياسي أو حتى استثمارات اقتصادية بين الدول، وهي أيضاً محاولة تركيع بأسلوب التهديد الخاطف لكسب المزيد من التأييد حول المختلف عليه دولياً..
إذاً "داعش" الأداة الرخيصة أصبحت اليوم تلعب على أكثر من مصلحة، وهدف، ورؤية، وهو ما يعني أن الأوراق انكشفت بعد أحداث باريس ولا داعي للاستمرار في اللعبة، وعلى الجميع الاتحاد لمواجهته، وهو فعلاً ما يحصل الآن، بل إن إعلان (مع) أو (ضد) المجتمع الدولي أصبح اليوم بحسب الموقف من الحرب على الإرهاب، وهذا مؤشر على أن المرحلة المقبلة ستشهد تحديات صعبة على الأرض في استئصال داعش، وتحولات أكبر في مسار الأزمة السورية، وأيضاً تحجيم دور إيران المتورط في دعم الإرهاب وتصدير الطائفية والتدخل في شؤون الآخرين الداخلية، وتحديداً في دعم المليشيات التي تعبث في أمن واستقرار المنطقة، وتمدد الإرهاب، وعلى رأسها حزب الله، والحشد الشعبي، وجماعة الحوثي، وفتح المجال لأدوار معتدلة تؤدي مهمة الاستقرار في المنطقة، وعلى رأسها المملكة التي تنظم منتصف الشهر المقبل مؤتمراً للمعارضة السورية، وتركيا التي سوف تمهّد للمعارضة العمل على الأرض، والأردن التي سوف تقدم الدعم اللوجيستي، حيث من المحتمل أن نشهد حراكاً سياسياً مكثفاً قبل محادثات جنيف المرتقبة، يواكبه عمل عسكري واستخباراتي لتفكيك "داعش".
العالم يتغيّر اليوم هذا صحيح، ولكن إرهاب باريس سيبقى نقطة تحول جديدة في مواجهة "داعش"، وسيكون الثمن هذه المرة بشار الأسد، والأيام والأسابيع المقبلة ستكشف مزيداً من أوراق لعبة "داعش"، مع الإبقاء على ردة فعل محتملة للتنظيم، حيث سوف تتحرك خلاياه وينكشف بعضها كما حصل أول أمس في الكويت، وسينفذ بعضها عمليات هنا وهناك، ولكنه في طريقه إلى النهاية التي لن يسعفه الوقت ربما أن ينتقم ممن خذلوه من ملالي إيران ونظام بشار الأسد؛ لأن العالم حسم أمره، وتوقفت استخبارات دولية عن دعمه، وتركته يواجه مصير الموت.. والأيام بيننا!.