الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللعب بالدم السوري

اللعب بالدم السوري

06.05.2015
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الثلاثاء 5-5-2015
لا يكف اللاعبون الدوليون والإقليميون على اللعب بالدم السوري الذي أريق منه الكثير حتى الآن، حتى تحولت شوارع المدن والقرى السورية إلى بحار من الدماء البريئة المسفوكة على أيدي نظام إرهابي مجرم محشو بحقد لا مثيل له في تاريخ الإنسانية.
وبدل أن يتكاتف العالم من أجل دعم الشعب السوري لإسقاط نظام الأسد يقدم البعض له أطواق نجاة للحيلولة دون سقوطه وانهياره تحت سنابك الثوار، فمن مبادرة إلى مبادرة ومن مؤتمر إلى مؤتمر ومن جولة مفاوضات إلى جولة مفاوضات أخرى، ومن جنيف1 إلى جنيف2 دون أن يوقف ذلك آلة القتل الدموية لنظام الأسد الإرهابي، بل ارتكب الأسد خلال هذا الماراثون من الإرهاب أكثر من 500 مجزرة كبيرة لم يسجل لها التاريخ مثيلا، لا في القديم ولا في الحديث، استخدم خلالها الغازات السامة والأسلحة الكيميائية والقنابل المحرمة دوليا، العنقودية والفراغية، والبراميل المتفجرة، واستخدم سلاح الحصار والتجويع والخنق ضد المدن والقرى والمخيمات، ويكفي أن نذكر أنه يحاصر مخيم اليرموك الفلسطيني منذ 600 يوم، مما أدى إلى موت المحاصرين جوعا، وهو عار يتحمل مسؤوليته العرب قبل العجم، لأن هؤلاء المحاصرين والمذبوحين في سوريا عرب ومسلمون.
رغم هذه المجزرة المستمرة التي لا تتوقف، التي ارتكبت خلال جنيف1 وجنيف2، يسعى الآن إلى جنيف3، دون أي اعتبار لدماء السوريين البريئة الطاهرة التي يهرقها نظام أدمن "شرب الدم"، ويأتي وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا إلى "مشاورات من أجل إعادة إطلاق المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود" وهي مشاورات يدعى إليها قتلة الشعب السوري، والذين يدعمون القتلة ومن بينهم إيران.. كل ذلك في إطار من السرية والكتمان والتعتيم وإبعاد وسائل الإعلام.
ويأتي بعد ذلك الرئيس الفرنسي ليقول إننا "نحرص في سوريا على التوصل إلى انتقال لا يشمل بشار الأسد، لكن يجمع كل أطياف المعارضة ويتيح فتح حوار مع قسم من النظام".
وهذا ضرب من العبث بالدم السوري، فكيف يمكن التحاور مع القاتل أو مع من يمثله وهو يواصل ذبح السوريين وقتلهم في كل ركن وزاوية، حتى بلغ عدد من قتلهم أكثر من 300 سوري وأدمى أكثر من نصف مليون ومات في معتقلاته أكثر من 50 ألف معتقل واغتصبت أكثر من 50 ألف فتاة وامرأة سورية وشرد 11 مليون سوري من بيوتهم وهجر 5 ملايين خارج سوريا، في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية وعمليات التهجير الجماعية في التاريخ الحديث.
دائما ما تنشط المفاوضات والصفقات والتحركات السياسية عندما يحقق الثوار انتصارات على نظام الأسد وحلفائه من الطائفيين الحاقدين، من أجل الحيلولة دون انهيار هذا النظام دفعة واحدة. رغم أن كل المفاوضات السابقة بقيت حبرا على ورق ووصلت إلى طريق مسدود ولم تقدر على حماية سوري واحد.
الحل الوحيد في سوريا هو سقوط هذا النظام الإرهابي المجرم، وتقديم قادته إلى محكمة الجنايات الدولية، وليس بالتفاوض معه أو مع "بعضه"، فكل هذا النظام قاتل ودموي، و"بعضه" قاتل ودموي، ويستوي رأس الأفعى وذنبها، فالذنب أفعى أيضا، وربما كانت بشائر النصر في بصرى ودرعا وإدلب وجسر الشغور وحلب والساحل هي بداية النهاية لواحد من أشرس النظم الحاكمة التي عرفها البشر.