الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المأزق السوري ودروس التاريخ

المأزق السوري ودروس التاريخ

11.10.2015
د. خالص جلبي



الاتحاد
السبت 10/10/2015
في عام 1280‏ مكان قوبلاي خان ملك المغول قد مد حدود إمبراطوريته من بحر الصين حتى الأدرياتيكي. وقبل هذا، وفي عام 1258م، كانت بغداد وخوارزم وأصفهان مع حواضر الشرق قد أصبحت أنقاضاً على أيدي الغزاة المغول.
وانفتحت شهية الغازي المغولي باتجاه الشرق: الجزر اليابانية، فأمر الخان بإنهاء التحضيرات للغزو في فترة لا تزيد عن عام؟
تم تجنيد المهرة من كل الصين، لتحضير سفن تحمل 140‏ ألف جندي، يقودهم "آراكان" القائد المغولي الدموي (بالمناسبة المجرم الصربي آراكان يحمل نفس الاسم وانتهى قتلاً في الحرب البوسنية) وعلى ظهر السفن ضبحت الخيل، وسُنت الحراب والفوؤس والسيوف، بل وحتى قنابل يدوية من نوع بدائي؟
هذا ما كشفه عالم ياباني من ساحل جزيرة يابانية، مع ختم مغولي يرجع إلى قائد 100 من جند الغزو، ولكن مع تنقيبات عالم البحار الياباني في الشاطئ كشف عن مراسي سفن هائلة وبقايا من أسلحة وجماجم لقوم ولوا الأدبار؟
ولكن كيف حدث هذا؟ وكيف تم قهر الغزاة من ذئاب آسيا وسهول قراقورم؟ لقد كان أولئك الغزاة قوماً لا يقهرون، انساحوا في البلاد مثل سيل منهمر.
كان بيدهم سلاح السرعة والصدم، كما في دبابات "غودريان" النازي في الحرب العالمية الثانية. كانوا رواداً في التجسس والمناورة والاختراق، لم يقف سور الصين في وجههم ولا قلاع بغداد، وكان مجرد ظهورهم في الأفق يعني ناراً وسيفاً يتقلب، مع تلال من الجثث، وأبراج من الجماجم‏! كانوا رواداً في التدمير.
لقد قال المؤرخ البريطاني "توينبي" والأميركي "ديورانت" إن كل فاتح يخلد فتوحاته على نمط معين، فتيمورلنك فيذكر بغِيلان السهوب، وقدر من الفظاعات تتذكرها الأجيال وترويها لمن بعدها، نموذجاً في قسوة هذا الكائن المسمى الإنسان، أما "ديوران" فرأى أنه ليس من حضارة نالت من التدمير ما وقع لحضارة بغداد على يد الذئاب المغولية (ابن كثير ذهب في تقدير الضحايا إلى ألفي ألف إنسان= المليون لم يكون معروفاً)!
حاول فرسان ومقاتلو "آراكان" بناء رأس جسر في الجزيرة اليابانية، ولكن حمَلة السيوف من "الساموراي" صدوهم إلى حين، ثم وبسر لم يعرفه أحد اختفى أسطول قوبلاي خان من عرض البحر!
وبعد حملة قوبلاي خان بستة قرون كان نابليون عام 1815‏ يهزم في "واترلو"، كما هزم قوبلاي خان في بحر اليابان بقوة غيبية اسمها التايفون !فلم يرجع منهم مخبر؟ (إعصار بحري موسمي بموجات من ارتفاع عشرات الأمتار معروفة في بحر اليابان)
خطورة ما يجري أن الشعب السوري سيمنح الفرصة للمستضعفين في الأرض، بأمل التخلص من طغاتهم مثل كوريا الشمالية، وسيخرج بوتين دون أية مكاسب من الوحل السوري، إن كان محظوظاً، وستتقوض إمبراطورية الفرس كما حصل مع حملة كزركسيس في القرن الخامس قبل الميلاد، حين عبر ممر الهليسبونت "الدردنيل". وسيغير النظام العالمي برمته من قبب الكرملين حتى شوارع "وول ستريت"، وهذا هو السر في تكالب قوى الطغيان في العالم على الثورة السورية، فلم تجتمع أمم الأرض ومقاتلو العالم كما يحدث الآن في المحرقة الشامية من كرد وعرب وأفارقة وشيشان وألمان من ذكور وإناث.
ويقينا سيكون مصير سوريا في خط التاريخ، فيهزم الجمع ويولون الدبر، وكما انتهت الإمبراطورية البريطانية في الهند على حدود جبل الهندوكش حينما هاجمت الفقراء الأفغان، وكما تفكك الاتحاد السوفييتي وتشظى بعد الهجوم على أفغانستان، وانتهى نجيب وبابراك كمال على حبل المشنقة، ستكون نهاية بشار البراميلي، وستكون نهايته دموية جداً. وأخيراً: أين ستحط سفينة سوريا، وعلى أي شاطئ سترسو؟ الجواب: هي حكمة التاريخ.