الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المأساة السورية: احتمالات المستقبل ...!؟

المأساة السورية: احتمالات المستقبل ...!؟

13.06.2016
صدقة يحي فاضل


عكاظ
الاحد 12-6-2016
انطلاقا من الوضع السياسي والعسكري الراهن في سورية (يونيو 2016 م) وموقف الأطراف المتصارعة الرئيسة فيها، والتي اختزلناها في طرفين رئيسين (الطرف الغربي والطرف الشرقي وأتباعهما) وباستخدام ما يسمى بمنطق X الرباعي (منطق الاحتمالات الأربعة في حالة وجود صراع بين طرفين رئيسين) يمكن القول إن هناك أربعة احتمالات سيقع أحدها بسوري] في المدى القصير القادم (1 - 3 سنوات) هي كالتالي:-
1 - تمكن الجيش السوري الأسدي من دحر المعارضة تماما، مستقويا بالدعم الإقليمي والدولي المعروف، وعدم حرص الغرب على تقديم الدعم اللازم للمعارضة السورية. وهذا سيعني تمكين وتسهيل قيام ما يشار إليه ب "الهلال الشيعي"، الممتد من أفغانستان شرقا إلى مشارف البحر الأبيض المتوسط غربا، والذي تتزعمه إيران. وهذا التمكين يمثل تهديدا وتحجيما للعرب السنة، ولغيرهم أيضا.
2 - أن تتمكن المعارضة السورية (المعتدلة) من الإطاحة بالنظام الأسدي. وهذا احتمال مستبعد في ظل قوة النظام النسبية، وتراجع وضعف هذه المعارضة، والنزاع الداخلي فيما بينها، وتعارض توجهاتها، وعدم دعمها عسكريا. وإن حصل ذلك الاحتمال فإنه يمثل ضربة قاصمة للمشروع الشيعي الإيراني (وللطرف الشرقي بعامة). إذ يوقف تمدده غربا، ويحرمه من السيطرة على سوريا وشرق المتوسط.
3 - استمرار الصراع المسلح بين الجانبين لسنوات قادمة ... بسبب عدم قدرة أي من طرفيه على حسمه لصالحه، أو بحل وسط ... رغم مباحثات "جنيف" وغيرها. وهذا ما يؤدي إلى إنهاك الدولة السورية تماما وربما انهيارها، ومن ثم تفككها إلى دويلات متنافرة ومتناحرة فيما بينها. وذلك سيجعل من سوريا "صومال" أخرى، ووكرا دائما للإرهابيين والتكفيريين وغيرهم.
4 - تفكك الدولة السورية كما كانت تعرف قبل مارس 2011م إلى عدة دويلات ... غالبا ما ستكون 4 - 6 دويلات: جزء كردي، دويلة علوية (تحكمها أسرة الأسد، وتدعمها روسيا) دويلة تسيطر عليها حركة "النصرة" وحلفاؤها، جزء يهيمن عليه تنظيم داعش. ويشمل "الاحتمال الرابع" أيضا: حصول شيء آخر غير متوقع، ولا نعرفه الآن - غير الاحتمالات الأربعة المذكورة أعلاه.
وحاليا ، يبدو أن الاحتمال رقم 1 هو - مع الأسف - الأقرب للحدوث ... بناء على معطيات الوضع الراهن في سوريا، يليه الاحتمال رقم 4.
****
ومن البدهي القول إن المصلحة العامة العربية العليا تستلزم - في رأيي -: ضرورة الإطاحة بالنظام العلوي الأسدي، إنهاء الاقتتال السوري، تحرير الأراضي السورية من سيطرة حركة "داعش"، تفريغ سوريا من الميليشيات المتطرفة الأخرى، ك "القاعدة" و"جيش النصرة"، الحرص على تحقيق وحدة الأراضي السورية، ضرورة تقليص النفوذ الإيراني والشيعي بسوريا وبالمنطقة، ضرورة تقليص النفوذ الروسي بالمنطقة. وهذا يبدو أنه التوجه العام لغالبية المعسكر الغربي، وأيضا لمعارضي النظام الأسدي الإقليميين، وفي مقدمتهم: السعودية وتركيا. وانطلاقا من هذه المبادئ، وتحت ضغوط هذه الاحتمالات، لابد للجانب العربي أن يتخذ عدة إجراءات تجاه هذه الأزمة ... وخاصة في حالة حصول الاحتمال الأول، لعل أهمها:
1 - تكوين تحالف / تكتل بين المملكة ودول الخليج العربية واليمن والأردن وتركيا، لمواجهة التكتل الصفوي وما يحيكه من مؤامرات ضد المنطقة وغالبية سكانها.
2 - الضغط لحل الصراع العربي الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن، وبما يحقق للفلسطينيين كامل حقوقهم المشروعة في بلدهم.
3 - العمل الدؤوب على تقوية الذات العربية الرافضة للتمدد الإيراني - وغيره من ضروب الهيمنة الدولية - في كل المجالات، بما في ذلك المجال السياسي ... وبما يجعل هذه البلاد قوية ومتقدمة ... تمهيدا للقيام بدور قيادي مقبول في بقية العالم العربي والإسلامي.
لابد، في كل الأحوال، من المسارعة بالتحرك بفاعلية ومهارة وإخلاص أكبر، لحماية أمن واستقرار الأمة العربية، وحماية مستقبلها، قبل فوات الأوان. وذلك عبر الوسائل العلمية والعملية الناجعة، لا الوسائل التي عفى عليها الزمن، وتجاوزتها الأحداث والتطورات المتلاحقة. فالتحديات الحالية بالغة الفداحة وهائلة الخطورة، ولا تنحصر في الوضع السوري. والمواجهة الحقيقية والفعالة لهذه التحديات تستلزم تقوية الذات العربية، بشكل علمي جاد وسليم. دون وجود جبهة عربية قوية، لن يكون للعرب مكان، حتى في منطقتهم.