الرئيسة \  مشاركات  \  المؤتمر الذي خسرناه قبل أن ينعقد

المؤتمر الذي خسرناه قبل أن ينعقد

23.01.2014
مجاهد ديرانية


اختلف الناس في المؤتمر: أنشارك فيه أم لا نفعل؟ ولكلٍّ من الفريقين مبرّراته التي يبرّر بها موقفَه، ومنهم كثيرون من المخلصين الذين يريدون بسوريا الخيرَ ويَرْجون للسوريين الخلاصَ من الكابوس. ومع أنني كنت على الدوام من الفريق الثاني (لا للمشاركة) إلا أنني احترمت وجهة نظر الفريق الأول وافترضت أنه يصدر في موقفه عن اجتهاد مخلص. وبما أن الأمر قد حُسم فلم تعد المشاركة في المؤتمر هي محل البحث، بل طريقة المشاركة.
 
إن كل ما شاركتُ فيه من مفاوضات طَوال حياتي كان في صفقات تجارية، ليس أكثر، وقد علّمتني الحياة -كما علّمت كلَّ واحد من الناس- أنّ مَن أراد الحصول على مكاسب فلا بدّ أن تكون في يده أوراقُ ضغط ومساومة، فالتاجر الذي يملك السيولة الكافية ويستطيع الدفع نقداً ومقدّماً يحصل على أفضل الأسعار، أما الذي يفاوض وجيوبه خاوية فإنه لا يحصل إلاّ على أسوأ العروض، وقد لا يحصل على شيء منها أصلاً.
 
لقد سألت نفسي وسألت غيري من العقلاء مئة مرة ولم أحصل على جواب: ما هي أوراق الضغط والمساومة التي ذهبَتْ بها معارضتنا العظيمة إلى جنيف؟
 
فكّرتُ كثيراً فلم أجد إلا ورقة واحدة، رمتها المعارضة في النار من قبل الذهاب فلم يبقَ معها غيرُها. لقد كان "الذهاب إلى المؤتمر" هو الأمر الوحيد الذي تستطيع المعارضة أن تساوم عليه، فقد استمات المجتمع الدولي كله -بشرقه وغربه- في سبيل انعقاد المؤتمر ومشاركة المعارضة فيه.
 
بما أن الائتلاف فشل في انتزاع أي مكسب للثورة مقابل مشاركته وذهب بلا شروط، فماذا سيحقق في المؤتمر؟ وما الأوراق التي سيضغط بها على النظام السوري المجرم وعلى النظام الدولي المتآمر على ثورة السوريين؟
 
* * *
 
كنا نريد من المعارضة أن تنفع السوريين بأمرين على الأقل. لن نطالب برحيل بشار السفاح ولا بسقوط النظام جملة واحدة، فهذا لن يصنعه إلا الأبطال على الأرض السورية نفسها، لن يصنعه المفاوضون في جنيف ولا في موسكو ولا في واشنطن ولا في غيرها من بلاد الدنيا.
 
لا يا سادة، لا نريد منكم أن تشترطوا سقوط النظام ورحيل الأسد حتى تذهبوا، كنا نريد فقط أن تعلّقوا موافقتكم على فك الحصار وإطلاق الأسرى. هل كثيرٌ أن تطلبوا فك الحصار إلى الأبد؟ إذن فاطلبوه أسبوعاً، اطلبوه ثلاثة أيام. وهل إطلاق الأسرى كلهم طلب تعجيزي؟ حسناً، ماذا عن الأسيرات فحسب؟ سامحناكم في مئة ألف أسير، ولكن ماذا عن عشرة آلاف أسيرة يسومُهنّ مجرمو النظام العذابَ فيمُتْنَ كل يوم ألفَ مرة؟
 
لن أقول "لو كنتم سوريين"، سأقول: لو كنتم رجالاً فيكم نخوةُ الرجال ومروءة الرجال وشرف الرجال لما ذهبتم لتجالسوا القتلة فيما يفتك وكلاؤهم بأسيراتنا في السجون.
 
حضرات السادة أعضاء الائتلاف الذين ذهبوا إلى المؤتمر: لقد سقطتم من يوم قبلتم بالذهاب إلى جنيف ذهاباً رخيصاً بلا مقابل، لا بواكي لكم بعد اليوم. واسمعوها بالصوت العالي: الائتلاف الفاشل لا يمثلني، وأحسب أن الائتلاف الفاشل لا يمثل أحداً من السوريين الأحرار.