الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المارينز في دمشق!

المارينز في دمشق!

07.09.2013
فهد الخيطان



الغد الاردنية
5/9/2013
تقدمت الإدارة الأميركية خطوة على طريق نيل موافقة الكونغرس على توجيه "ضربات عقابية" للنظام السوري، رداً على الادعاءات باستخدامه السلاح الكيماوي في غوطة دمشق. لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وافقت على نص مشروع قانون يفوض إدارة الرئيس باراك أوباما القيام بعمل عسكري. وحدد المشروع مدة زمنية لا تزيد على ستين يوما لتنفيذ العمل العسكري، مع إمكانية تمديدها ثلاثين يوما إضافية.
المهلة الممنوحة للعملية العسكرية ليست قصيرة، وتعطي الإدارة الأميركية هامشا واسعا لتوجيه عدة ضربات صاروخية. لكن مشروع القانون تضمن نصا صريحا يمنع إرسال قوات برية إلى سورية، على غرار ما حصل في أفغانستان والعراق.
بيد أن مشروع القانون على ما تضمن من قيود، يمهد لعملية عسكرية مفتوحة على كل الاحتمالات في المستقبل. فإذا كانت مبررات التدخل البري غير متوفرة أو مقبولة اليوم، فإنها غير مستبعدة في مرحلة لاحقة.
ربما يكون سؤال اليوم التالي للضربة المتوقعة كافيا للتفكير في الخطوات اللاحقة. تدرك الإدارة الأميركية أن عدة رشقات من صواريخ "كروز" لن تُسقط نظام الأسد، ولن تدفع به إلى تقديم التنازلات المطلوبة لولوج طريق "جنيف2"، والتوصل لتسوية سياسية قبل نهاية العام الحالي. القائمون على ترتيبات المؤتمر المذكور، يُرجحون أن تستمر المباحثات في حال حصولها أشهرا طويلة. عندها، ستصطدم الأطراف الدولية باستحقاق انتخابات رئيس الجمهورية في سورية. ويلوح السؤال: هل يترشح الأسد أم يختار بنفسه وضع نهاية للأزمة؟ المعطيات الحالية تؤكد كلها أن الأسد سيعلن ترشحه لولاية جديدة، وسينجح بالطبع.
يمثل هذا الخيار تحديا للتحالف الغربي، ونهاية أكيدة لفكرة "جنيف2".
في الأثناء، ستكون المواجهة بين قوات النظام والمعارضة مستمرة على الأرض، لا بل ومرشحة لأن تكون أكثر ضراوة بغياب الأفق السياسي، وشعور الجيش الحر الذي يزداد تسليحا بأن الفرصة مواتية للانقضاض على نظام مستنزف، أضعفته ضربات أميركا الصاروخية. مع ذلك كله، فإن الحسم لا يبدو ممكنا.
ستعاود الإدارة الأميركية التفكير من جديد في خياراتها، بعدما يتبين لها أن الضربات الصاروخية وإن شلت قدرة النظام على استخدام الكيماوي كما هو مخطط لها، إلا أنها لم تحسم المواجهة الدائرة، أو تخل بميزان القوى على الأرض.
هنا سيكون خيار التدخل البري الذي ألقى به وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، على طاولة "الشيوخ" أول من أمس ثم سحبه على الفور، مطروحا.
قد يستغرق الوصول إلى هذه المرحلة أشهرا كثيرة، لكن سنصل اليها بالتأكيد إذا لم يتم التوافق الروسي الأميركي على تسوية للصراع قبل نهاية العام الحالي.
والمؤسف أن الهوة بين الموقفين الروسي والأميركي في اتساع، ولا تلوح في الأفق بوادر تفاهم.
الرأي العام الأميركي يعارض بأغلبية ساحقة فكرة غزو سورية بعد التجربة المرة في العراق، والخسائر المهولة التي تكبدتها أميركا. لكن مواقف الرأي العام في الولايات المتحدة صناعة يتولاها السياسيون ووسائل الإعلام؛ يشكلونه حسب مصالحهم، وبما يخدم أغراض السياسة الأميركية ومصالحها. وقد لاحظنا التذبذب في نتائج استطلاعات الرأي منذ أن أعلن الرئيس الأميركي نيته توجيه ضربة لسورية.
من يتذكر مواقف الإدارة الأميركية الرافضة بقوة لمبدأ التدخل العسكري بكل أشكاله في سورية، لن يُفاجأ بعد سنة من الآن بقوات المارينز وهي تحط رحالها في دمشق.