الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- السبل الكفيلة لمحاربة الإرهاب

المانيا- السبل الكفيلة لمحاربة الإرهاب

14.03.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏13‏/03‏/2016
الحرب ضد الارهاب بالاعمال العسكرية فشلت ولم يسفر عنها ومنذ الاعلان عن قيام التحالف الدولي ضد  تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية /  ومن قبل قيام هذا التنظيم  تنظيم القاعدة  لم تثمر عن اي نتيجة ، فتنظيم الدولة، وعلى حسب تقارير دوائر المخابرات الخارجية الالمانية والامريكية والاوروبية وغيرها ، خرج اقوى من ذي قبل وتنظيم القاعدة له وجود كبير في افريقيا واليمن وشبه الجزيرة العربية وبعض الدول الاسيوية أيضا ، وتنظيم القاعدة يحظى بشعبية من عناصر تنظيمات اخرى فالجميع يزعم صلته وتأييده لهذا التنظيم الذي فشلت جميع الفرق العسكرية التابعة لحلف شمال الاطلسي / الناتو / القضاء عليه في افغانستان .
صحيح ان الادارة الامريكية استطاعت تصفية زعيم التنظيم اسامة بن لادن الا ان هذا لا يعني بان القاعدة قد انتهت ، وتنظيم / الدولة الاسلامية / الذي يسيطر على مدن وقرى في العراق وسوريا استطاع بناء قاعدة حكم له بتلك المناطق والاعمال العسكرية التي تستهدفه لم تستطع القضاء على بنيته التحتية .
ويعتقد استراتيجيو محاربة الارهاب ان هناك تنظيمات اخرى أشد قوة وبطشا تنتظر الفرصة السانحة لتوجيه ضربات مؤلمة للغرب ولا سيما للتحالف الدولي ضد تنظميات الارهاب الدولية ، وهذه التنظيمات  تعمل بسرية تامة يتمتع عناصرها بخبرة قوية بخطط حلف شمال الاطلسي / الناتو / وخطط غيره من الدول التي تحالفت ضد تنظيمات الارهاب وما تنظيم / الدولة الاسلامية / أمام هذه التنظيمات سوى غطاء لها . وتؤكد دائرة المخابرات الخارجية الالمانية بدراستها عن الواقع الحالي لمنطقة الشرق الاوسط وأوروبا والعالم ايضا ان اجواء عام 2001 اي الهجوم على مركز التجارة الدولي في نيويورك ووزارة الدفاع الامريكية / البنتاجون / التي تمت يوم الحادي عشر من أيلول / سبتمبر من عام 2001 تخيم حاليا على الشرق الاوسط واوروبا وبأخطر منها وحوادث باريس واستانبول ومنطقة كليس بتركيا والاعتداءات عل بعض المساجد في السعودية واستهداف السياحة في تونس وغيرها  التي وقعت عام 2015 المنصرم إضافة الى الاعتاء الاخير الذي استهدف العاصمة التركية أنقرة في وقت سابق من عام 2016 الحالي  ومحاولات اعتداءات ارهابية اخرى دليل واضح ان أيدي الارهاب طويلة لم يستطع التحالف الدولي قطعها . فادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما أعادت عناصر من جيشها الى العراق وأبقت مع المانيا وحلف شمال الاطلسي / الناتو / فرقا عسكرية بافغانستان من اجل استقرار الدولتين المذكورتين كما ارسلت المانيا عناصر لتدريب جيش اكرد العراق / البيشمركيه / وأمدتهم بالسلاح من اجل محاربة / داعش / الا انها أخطأت بتقدير سياستها تجاه اكراد العراق وذلك جراء مد اكراد العراق أكراد تركيا والاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا بالسلاح وغيره لتقسيم تلك الدول من خلال قيام دويلات كردية وغيرها  بمنطقة الشرق الاوسط .
العالم يعيش في اجواء 11 أيلول / سبتمبر من عام 2001 ، وهذا ما يراه خبراء الارهاب والخطط العسكرية ، فليبيا التي استطاع شعبها الاطاحة بطاغوت مجرم مجنون كان بامكان شعب تلك الدولة استقرار وبناء بلاده لولا التدخل الغربي بشكل غير مباشر لزعزعة الامن بتلك الدولة من خلال دعم قائد الانقلاب العسكري في مصر والامارات العربية المتحدة للعسكري خليفة خفتر الذي يقف وراء العنف الذي كانت نتيجته امتداد قوة تنظيم / الدولة الاسلامية / الى ليبيا ، واذا ما استطاعت الدبلوماسية النجاح بمساعيها بتشكل حكومة وطنية فان فرقا عسكرية امريكية والمانية ايضا ستتجه الى تلك الدولة للاشراف على استقرار ليبيا من جديد .
كل هذه الخطط العسكرية والدبلوماسية من اجل القضاء على الارهاب ، وعلى حسب راي خبراء الارهاب وخبراء الاستراتيجية الدولية باءت بالفشل ولن يكون هناك أي انتصار على الارهاب بالرغم من مطالب بانزال بري ضد هذه التنظيمات يثيرها بعض السياسيين مثل مرشح الرئاسة الامريكية من الجمهوريين تيد كروز ورئيس جهاز مخابرات الكيان الصهيوني /  الموساد /  سابقا شابطاي شافيت وقائد الجيش الالماني السابق وعضو هيئة رئاسة / الناتو / للخطط العسكرية كلاوس ناومان من خلال ندوة حول مكافحة الارهاب دعت اليها اكاديمية العلوم العسكرية والسياسية الاوروبية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها  يوم أمس السبت 12 آذار/مارس بمنطقة شتراوسبورج القريبة  من العاصمة برلين .
خبراء السياسة كان لهم آراء اخرى عن العسكريين فهم يرون ان الاعمال العسكرية وحدها لن تسفر عن اي نتائج ايجابية للقضاء على تنظيمات الارهاب الدولية التي باتت تقض مضاجع السياسة في اوروبا والشرق الاوسط فالسعودية أعلنت عن تحالف عسكري اسلامي ضد هذه التنظيمات ، هذا التحالف الذي لقي ايضا ترحيبا من التحالف الدولي الذي يضم اوروبا والولايات المتحدة الامريكية . الا ان ذلك لا يعني ان القضاء على الارهاب بات مسألة وقت وينتظر ساعة الصفر التي ستعلن دحر جميع التنظيمات الارهابية والامر بحاجة الى روية وخطط سياسية حكيمة ، فوزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير اكد مرات عديدة ان الاجراءات العسكرية وحدها لن تؤدي الى اي نتيجة ملموسة للقضاء على الارهاب والامر بحاجة الى الحوار السياسي والعمل بالبحث عن أسباب نشوء الارهاب  حتى يستطيع المجتمع الدولي القضاء عليه .
الاسباب المباشرة وغير المباشرة قيام تنظيمات ارهابية  أحتقار الغرب للاسلام ، فقد شحذ الغرب اقلام المعادين للاسلام من خلال تشجيعهم على استهداف الاسلام فبعد انهيار الانظمة الشيوعية باوروبا وجد الغرب بالاسلام ضالته المنشودة وراس الحربة لابقاء العالم في خطر الحرب ولذلك فالحوار مع الاسلام ضرورة ملحة للقضاء على الارهاب . الغرب خذل الشعب السوري بانتفاضته من اجل الحرية والكرامة فهو لم يتخذ اي سياسة قوية يواجه بها نظام بشار اسد ويضغط عليه منذ بداية انتفاضة الشعب السوري عام 2011 وذلك خوفاعلى امن الكيان الصهيوني ، فوزير الخارجية الالماني السابق جويدو فيسترفيليه ونظيره النمساوي الحالي سباستيان كورتس أكدا  أكثر من مرة خشيتهما من نظام سوري جديد اذ يعتقدان انه اذا ما استعاد المسلمون دمشق من بشار اسد فان هدفهم استعادت القدس من الكيان الصهيوني واوروبا لن تسمح بذلك كما ان تأكيدات الزعماء الصهاينة عدم موافقتهم التعاون مع شخص اخر غير بشار اسد الذي وصفوه بالشريك الاستراتيجي الامين للكيان الصهيوني ، ولذلك وعلى حد رأي خبير السياسة الدولية والشرق الاوسط ونورمان بيتش اجراء حوار بين اوروبا ومعها العالم الاسلامي وبين الكيان الصهيوني من اجل وضع حد لمأساة الشعب السوري الذي راح ضحية الحرية والكرامة اكثر من 750 الف انسان وان لم نقل اكثر من مليون .
الحوار بين الاسلام والمسيحية ومعه اليهودية ضرورة ملحة على ان يكون هذا الحوار حوار الشفافية وحوار من ينتقد نفسه ، فالمسلمون لم يشهروا سلاحا ضد الغرب بل بالعاسك الغرب الذي شهر سلاحه ضد المسلمين ولذلك فالصلح بين الاسلام والمسيحية ضرورة ملحة ووضع حد للنعرات التي يثيرها مرشح الرئاسة الامريكية عن الجمهوريين دونالد ترومب وزعماء الاحزاب القومية المتطرفة في اوروبا ضد الاسلام ولا يمكن ذلك الا باتخاذ قرار حاسم من السياسة الاوروبية والادارة الامريكية ضد هذه النعرات .
وبذلك فان الارهاب سيتلاشى وحده ووضع حد لتكهنات المفكر الامريكي صوئيل هونينغتون الذي أشار عام 1995 بمعهد الفريد هيرهاوزين بمدينة فرانكفورت ان الحرب بين الثقافات ستيدأ مؤكدا بدايتها في تشرين اول / اكتوبر من عام 2001 بالعاصمة برلين نشوبها وعلى الغرب السعي للقضاء على الثقافة الاسلامية لانها وراء الارهاب .