الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- الى أين تتجه مصر

المانيا- الى أين تتجه مصر

04.02.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين  ‏02‏/02‏/2015
أعرب مسئول الحكومة الالمانية  عن ملف حقوق الانسان سكرتير الدولة بوزارة الخارجية الالمانية كريستوف شتريزر عن قلقه لاصدار قضاة احدى المحاكم المصرية تثبيتها بحكم اعدام اكثر من 150 شخصا في مصر بسبب مشاركتهم بالمظاهرات المناوئة للانقلاب العسكري في مصر معتبرا اصدار العقوبات هذه استمرار لانتهاكات حقوق الانسان في ذلك البلد مطالبا حكومة العسكر في مصر اعطاء القضاء استقلاليته والعودة الى القضاء المدني من جديد مطالبا رئيس مصر عبد الفتاح السيسي اصدار اوامره بالغاء احكام الاعدام والافراج عن المعتقلين السياسيين ببلاده على حد قوله. 
الى اين تتجه مصر سؤال يراود الكثير من محبي تلك الدولة وشعبها ، فمنذ الانقلاب العسكري الذي قاده وزير دفاع تلك الدولة عبد الفتاح السيسي ضد رئيس مصر الشرعي محمد مرسي واستلامه رئاسة مصر تسير هذه الدولة الى ظلمات المجهول فالحكومة المصرية دعمت بشكل قوي الحرب الذي قادها الكيان الصهيوني ضد شعب غزة في صيف عام 2014 المنصرم  المُحاصر منذ اكثر من ثمانية  اعوام ظلما وعدوانا ومشاركة طائرات عسكرية مصرية بقصف ليبيا اضافة الى تصنيف الحكومة المصرية مؤخرا الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية  عز الدين القسام احدى فصائل المقاومة الفلسطينية  كمنظمة ارهابية اصبحت الحكومة المصرية بنظر الكثير من المسلمين ببلاد العالم الاسلامي حكومة خيانة ربما تضطر الجامعة العربية على فصل مصر منها مرة اخرى فقد فصلتها اثر التوقيع على اتفاقيات كامب  ديفيد ، كما ربما يتم فصلها عن الجامعة المذكورة جراء وقوف حكومة مصر الى جانب مجرم سوريا بشار اسد . فقد كان مقررا استلام الحكومة المذكورة الملف السوري من السعودية التي تراجعت الرياض عن تسليم القاهرة ملف دمشق عندما جزمت تعاون السيسي مع بشار اسد واتصالاته السرية مع ملالي طهران واجتماع المعارضة السورية في القاهرة مؤخرا تم الاتفاق عليه بين الرياض  والقاهرة قبل اكثر من ثلاثة أشهر ثم تراجعت الرياض عن دعمها للاجتماع قبيل وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتم الاجتماع من اجل تأكيد الحكومة المصرية للرياض بأن كلمتها مسموعة كما تم الاجتماع بالرغم من امتعاض الرياض والدوحة من موافقة ما يُطلق عليه بائتلاف قوى المعارضة السورية الذهاب الى العاصمة المصرية .
الى اين تتجه مصر وعلاقاتها مع دول الخليج العربي في مقدمتها السعودية ؟ سؤال يطرحه الكثير من خبراء الشرق الاوسط في المانيا ، فهناك من يرى بأن السعودية ومعها دولة الامارات العربية المتحدة ساعدت الحكومة المصرية بالمليارات من اجل انتعاش اقتصادها والخروج من المشاكل الاقتصادية التي نجمت عن انتفاضة الشعب المصري ضد الرئيس السابق حسني مبارك ، والسبب الرئيسي الذي دعا الرياض تقديم المساعدات المالية للقاهرة بعيد الانقلاب العسكري ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي رفض بعض الدول الاوروبية تقديم المساعدات استياءا من الانقلاب وهو ما أشار اليه وقتها وزير الخارجية السعودي سمو الامير سعود الفيصل انه اذا ما رفضت اوروبا مساعدة حكومة السيسي فان السعودية لن تتخلى عن االقاهرة  ، علما ان السعودية قدمت دعما ماليا لحكومة مرسي واستقبلته في الرياض أثناء فترة حكمه بينما رفضت دولة الامارات العربية المتحدة توجيه دعوة لمرسي كما رفضت تقديم اي دعم مالي لحكومته . ويعتقد بعض مراقبي العلاقات بين الرياض والقاهرة ان الاولى مصابة بخيبة امل من الاخيرة فقد حاول عاهل السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز إصلاح ذات البين بين السيسي وجماعة الاخوان المسلمين وانهاء التفكك الاجتماعي والسياسي الذي نجم عن الانقلاب الا ان السيسي رفض الوساطة السعودية ولا يزال يؤكد على عداوته مع الاخوان وجاءت تثبيت احكام الاعدام ووضع المقاومة الاسلامية المتمثلة بجناح عز الدين القسام بقائمة الارهاب لتكون رسالة الى القيادة السعودية القديمة والجديدة رفضها اي مصالحة تتم مع المعارضة المصرية بمقدمتها الاخوان المسلمين .  
ربما ما يجري في مصر لاعتياد شعبها على الذل والمسكنة وهو معروف عنهم في التاريخ ففيما يروى من كتب الادب والسياسة ان والي مصر سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه نظم لوفد من مصر يصحبونه الى دمشق لمقابلة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، فقال لهم ان امير المؤمنين لا يحب الإطراء وخاطبوه باسمه او كنيته ولستم بحاجة الى مخاطبته بأمير المؤمنين ، وكان عمرا يريد من ذلك التقليل من مهابة معاوية ، فشعر بذلك معاوية وقام بتهيئة مجلسه ولشخصه ايضا فلم يتمالك وفد مصر الا ان سلموا عليه بالنبوة وليس بالخلافة وذلك جراء شعورهم بالخوف منه والتذلل له . وها هو شعب مصر الآن فقد حريته لأنه لم يستسغ معنى الحرية التي منحها لهم محمد مرسي .
الى ان يقود عبد الفتاح السيسي مصر  ، فهو قد نسي ما قاله حافظ ابراهيم عن مصر :
أنا إن قدَّر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع رأسه بعدي
أنا تاج العلا في مفرق الشرق ودراته فرائد عقدي .