الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- ولنا رأي حول اجتماعات فيينا

المانيا- ولنا رأي حول اجتماعات فيينا

26.10.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين 25‏/10‏/2015
ناقش يوم أمس السبت 24 تشرين أول / اكتوبر بالعاصمة النمساوية فيينا وزراء خارجية السعودية وتركيا والولايات المتحدة الامريكية وروسيا ومعهم مسئولة المفوضية الاوروبية لشئون السياسة الخارجية المسألة السورية ، هذا الاجتماع انفض بدون نتيجة وهو فاشل قبل ان يعقد بنظر الكثير من مراقبي تطورات الوضع في سوريا .
فروسيا التي دخلت الحرب الى جانب رئيس نظام سوريا بشار اسد بشكل رسمي اصبحت مثل ايران دولة معتدية على الشعب السوري ومحتلة لبلاده والاجراءات العسكرية  من قصف الطائرات العسكرية الروسية بالتعاون مع طائرات عسكرية تابعة للنظام السوري مواقع المعارضة التي تحارب النظام السوري وتتجنب  تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / أثبت ان موسكو لم تكن صادقة بادعائها دخول الحرب لمحاربة / داعش / بل دخلت الحرب لمحاربة المعارضة  والشعب السوري ، فهي تصب الزيت على النار بشكل اكثر من ذي قبل وتزيد نار منطقة  الشرق الاوسط برمته اكثر اشتعالا . التدخل العسكري الروسي سينجم عنه انقسام اكثر للسياسة الدولية وقيام تحالفات عسكرية جديدة باوروبا والشرق الاوسط .
 
اجتماع  يوم أمس السبت  كان فاشلا قبل ان يعقد ، فوزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير أكد قبيل مغادرته برلين الى ايران والسعودية والاردن خلال الفترة ما بين 16 و21 الشهر الجاري وبعيد عودته  الى برلين من تلك الدول بان الهوة بين الرياض وطهران عميقة وواسعة من الصعب ردمها فطهران جراء تدخلها بشكل سافر باليمن وسوريا جعلت من أي تعاون مع الرياض  التي تعتبر زعيمة منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط وكثير من بلاد العالم الاسلامي  وتسعى منذ بدء محنة الشعب السوري عام 2011 انهاء محنة ذلك الشعب بينما تزيد ايران بتدخلها السافر في اليمن وسوريا وشئون بعض دول الخليج العربي الداخلية تتحمل مسئولية العداء لها ، الا ان على الدبلوماسية استمرار بذل جهودها لانهاء الازمة السورية سياسيا .
 
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي أكد يوم أمس السبت اثناء الاجتماع الوزاري في فيينا تمسك بلاده ببشار اسد ورفض موسكو تنحي المذكور والتأكيد على دور سياسي له بمستقبل سوريا دليل واضح على ان الهوة بين موسكو وواشنطن عميقة وواسعة بالرغم من أن واشنطن تؤيد موقف موسكو من بشار اسد بشكل غير رسمي . فمراقبو  الادارة الامريكية يؤكدون انتهاج الادارة الامريكية سياسة مزدوجة / اي سياسة النفاق/ فوزير الخارجية الامريكي جون كيري أعلن في تصريحات سابقة في برلين وبروكسل  انه لا مانع لواشنطن بقاء اسد على راس نظامه في سوريا وذلك إرضاءً لموسكو وحلفاء روسيا مثل ايران وغيرها بينما يؤكد في الرياض وانقرة وغيرهما من الدول العربية التي يزورها بان الادارة الامريكية ترفض اي مستقبل لبشار اسد في سوريا وذلك إرضاءً ً للسعودية وتركيا وقطر وبعض دول الخليج العربي .  فمن هذه التصريحات يلمس المراقبون تلاعب الدولتين العظمتين بالمسألة السورية .
ومن خلال ندوة حول السياسة الروسية والامريكية عقدت يومي الجمعة والسبت 23 و 24 تشرين اول /اكتوبر  بالعاصمة برلين  بتنظيم من الاكاديمية الاوروبية رأى خبراء السياسة الاستراتيجية أن التدخل العسكري الروسي في سوريا جاء من اجل تخفيف الضغوط على موسكو جراء سياستها في اوكرانيا فالكرملين لن يرد على الضغوط الارووبية والدولية لتدخله في سوريا علما ان عيني وقوة موسكو العسكرية ستبقى في اوكرانيا وستنفذ سياستها بتقسيم اوكرانيا مناطق الشرق من تلك الدولة الى حظيرتها ولن تسحب يدها من سوريا حتى يذعن الغرب بمطالب موسكو بقاء بشار اسد في السلطة . وسياسة موسكو العدوانية في اوكرانيا وتدخلها العسكري في سوريا هو من أجل إثارة  حلف شمال الاطلسي / الناتو /  الذي تؤكد بنوده دفاع / الناتو / على كل دولة عضو فيه من اعتداء خارجي فموسكو تتحرش بتركيا من اجل ارغام / الناتو / بعدم توسعة رقعته في اوكرانيا وغيرها .
على الدبلوماسية ان تلعب دورها بشكل هادئ كسب ثقة موسكو بانه لن يكون اي مواجهة عسكرية مع
الغرب والتوصل الى خطط مرضية  بشأن سوريا فقصف الطائرات العسكرية الروسية لمواقع المعارضة الحقيقية في سوريا وقصف طائرات النظام السوري المدن فوق رؤس اصحابها بالبراميل المتفجرة احد العوامل الرئيسية لتدفق اللاجئين على اوروبا المشغولة حاليا بأزمة اللاجئين الذين استطاعوا إحداث نزاع بين الدول العضوة بالاتحاد الاوروبي يهدد كيان هذا الاتحاد .
الدبلوماسية الضعيفة كانت وراء اندلاع الحرب العالميتين الاولى والثانية واذا ما استمرت برودة  الدبلوماسية الاوروبية لانهاء الملف السوري والاوكراني فان حربا جديدة بين الشرق والغرب ستندلع لا محالة  جراء تحالفات عسكرية جديدة باوروبا والشرق الاوسط وسيكون الامر كما قال قديما  الحصين بن حمام الذي يقال له ما نغ الضيم ، وهو جاهلي أدرك الاسلام  :
نفلق هاما من رجل أعزة علينا    وهم كانوا أعق وأظلما
فالسلام بالشرق الاوسط هو سلام لاوروبا على حد رأي عضو المفوضية الاوروبية لشئون الشرق الاوسط واوروبا وشمال افريقيا ميشائيل باور .