الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المفاوضات الكيماوية.. من ربح ومن خسر؟

المفاوضات الكيماوية.. من ربح ومن خسر؟

19.09.2013
يوسف القبلان



الرياض
الاربعاء 18/9/2013
    الصورة التي بثتها وكالات الأنباء لوزيريْ خارجية أمريكا وروسيا بعد نهاية المفاوضات التي يمكن تسميتها (المفاوضات الكيماوية) بسبب خطورة موضوعها وقوة طرفي التفاوض، تلك الصورة التي التقطت بعد الاتفاق يظهر فيها وزير خارجية روسيا مبتسما ابتسامة عريضة بينما كانت ابتسامة وزير خارجية أمريكا خفيفة وغير ملحوظة.
وبحسب ما يقوله المختصون بالاتصالات الانسانية وبحسب لغة الجسد فان الصورة المبتسمة تعبر عن الرضا في حالة المفاوضات ولكن هل تعبر عن الانتصار؟
حالة التفاوض بين أمريكا وروسيا حول أسلحة سورية الكيماوية شارك فيها بشكل مباشر طرفان لكن المرتبطين والمنتظرين كثيرون وفي مقدمتهم النظام السوري الذي رحب باتفاقية تدمير الأسلحة الكيماوية وأعلن أنه انتصر.
ما هو هذا الانتصار الذي يتحدث عنه النظام السوري؟
هل ايقاف الضربة الأمريكية هي الانتصار؟ هل يعتقد النظام أنه حسم المعركة مع المعارضة؟ وهل هذا يفسر الصورة المبتسمة لوزير خارجية روسيا؟
يرى بعض المحللين أن روسيا هي المنتصرة فعلا لأن موقفها منذ بداية الأزمة لم يتغير الا في المساحة التكتيكية ومثلها في المفاوضات وزير خارجيتها الذي يبدو أن له شخصية مؤثرة وربما تعكس ملامح وجهه الصارمة عودة روسيا القوية الى الساحة الدولية.
أما أمريكا حسب رأي نفس المحللين فكانت مواقفها مترددة وغامضة حتى وصلت الى طريق مسدود لم تخرج منه الا بحبل المبادرة الكيماوية، وهذا الموقف انعكس سلبا على أداء المفاوض الأمريكي الذي اضطر في النهاية الى الموافقة على اتفاقية لا تتفق مع مواقف أمريكا المعلنه وخاصة شرعية النظام السوري والتهديد المعروف (الخط الأحمر).
رأي آخر يرى أن الطرفين انتصرا في المفاوضات وانتصر معهما النظام السوري، واسرائيل (وهل يمكن أن توافق امريكا على اتفاقية لا تخدم اسرائيل) وايران، وحزب الله؟ أما الخاسر الأكبر فهو المعارضة وأما القضية الأهم التي أهملتها المفاوضات فهي القضية الانسانية.
وقد يكون من المبكر الحكم على هذه الاتفاقية لكن الجانب القانوني المتعلق بمحاكمة النظام غير موجود، والضربة الغربية ألغيت وهذا ما جعل بعض السياسيين في أمريكا ينتقدون الاتفاقية ومنهم السيناتور جون ماكين الذي يرى أن هذه الاتفاقية ستمنح النظام السوري وقتا للمماطلة والخداع وقتل المزيد من الناس.
ويرى آخرون أن المفاوض الأمريكى كسب نقطة مهمة وهى أن القضية السورية سوف تحال الى مجلس الأمن لمناقشتها وفقا للبند السابع في حالة عدم السماح للمراقبيين الدوليين بالوصول الى الأماكن المشبوهة. ولكن حتى في هذه النقطة لم تكن الرؤية متطابقة وكل طرف يفسرها من زاويته الخاصة فهل هذا الغموض مقصود أم هو حل رمادى - كما هى العادة في الاتفاقيات السياسية مثل تلك المتعلقه بفلسطين -؟
ولذلك يتكرر السؤال: من المنتصر في الاتفاقية الكيماوية؟
نستطيع القول إن الاتفاقية لم تحسم القضية وفتحت الباب لخلافات قادمة حول العقوبات التى ستفرض على النظام السوري في حالة عدم التزامه بتنفيذ الاتفاقية فأمريكا تقول إن العمل العسكرى خيار مطروح، أما روسيا فلها رأي آخر وهكذا بدأ الاختلاف فور اعلان الاتفاق فماذا نتوقع في قادم الأيام؟