الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المبادرة الروسية الإيرانية لسورية .. هل تزرع الخيبة مجددا؟!

المبادرة الروسية الإيرانية لسورية .. هل تزرع الخيبة مجددا؟!

23.12.2014
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاثنين 22-12-2014
يبدو أن مبادرة "ستيفان دي مستورا" المبعوث الجديد للأمم المتحدة إلى سورية -الموالاة والمعارضة – لم تنطلق من تلقاء الرجل وأفكاره دون الاعتماد الكبير على الغرب ورأسه أمريكا ودون الاستناد إلى روسيا الاتحادية والتنسيق القوي مع إيران وهما الدولتان اللتان تلعبان مع أمريكا وإسرائيل وما يسمى أصدقاء سورية! – دورا بارزا في حلبة الصراع بشأن الملف السوري الذي أريد له من البداية أن يكون معقدا كي يجري التدمير الحسي والمعنوي على العباد والبلاد من أجل الصهاينة اليهود لحفظ أمن إسرائيل وعدم إتاحة أي فرصة من الوقت إلا لصيانة الوطن سورية وإعمارها وهيكلتها من جديد وبالطبع فإن هذا سيأخذ وقتا مديدا وسنوات طوالا كي تبقى جبهات سورية ومصر والعراق القوية في مشغلة لذويها عن التفرغ لإسرائيل العدو الأول للعرب والمسلمين بحيث تبقى وحدها المتفرجة الدائمة التي لا تمس بأذى. ولأن الصهاينة الحاقدين - إلا على من انتهج منهاجهم على وجه الحقيقة - فهم لا يهتمون للعنتريات الكلامية التي ما قتلت ذبابة من جماعتهم – لذا أضيفت إيران المتفرج والمشارك كاليهود في التخطيط ضد الشعب السوري دون أن تمس كذلك بأذى إلا القادة الشيعة والجنود منهم الذين تصدوا للثوار وقاتلوهم فقد أعيدوا إلى إيران أو إلى لبنان مما يسمى حزب الله بمئات التوابيت كما هو معروف. هذا ولأن أمريكا وإسرائيل وروسيا وإيران وأصدقاء سورية أخفقوا في جنيف 1 وفي جنيف 2 واستقال المسؤولون عن المشهد السوري فقد جاء دي مستورا بأوراق أخرى ليضمن نجاحه – وإن التقى بفصائل المعارضة السورية المسلحة وقياداتها في تركيا – لكنه واضح التوجه للميل مع الأسد. وعلى أي حال وعلى هذا الأساس فقد تمت تحت الكواليس طبخة الحل السياسي للقضية السورية ربما بهدف إنجاحها هذه المرة، ولكن من يدري!
مما رشح من الأخبار والتحليلات أن أمريكا أظهرت عجزها عن الحل بعد لقاءات جنيف وأنها هذه المرة تريد أن تفوض روسيا وإيران على مبادرة من كليهما تنتهي بمعالجة تلك المعضلة على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي "كيري" لأن أمريكا تريد أن ترضي إيران تماما وإيران داعم أيديولوجي ومصلحي مباشر للأسد وتريد أن ترضي تركيا وتركيا داعم أيديولوجي وإنساني للثورة السورية على الفساد والاستبداد والمجازر والمذابح الرهيبة - بحيث تربت داعش في أحضانها-. ولم تكن تركيا قبل ذلك على سوء علاقة مع سورية بل كان أردوغان والأسد صديقين حميمين إذ لم يكن يتوقع أحد أن الكارثة ستصل إلى هذا الحد يوميا وبالبراميل المتفجرة والكيماوي والحرق والسحل والاختطاف وتدنيس الحرمات والأقداس من نساء وشيوخ وأطفال ومساجد وكنائس ومشاف ومدارس.. ولكن بقيت إيران تتصدى مع الأسد وبقيت أمريكا برئيسها أوباما الذي لم يأت رئيس أمريكي أكثر فشلا منه إلى هذه المدة بل كان سببا رئيسيا في تعطيل الدور الأمريكي في سورية خصوصا بعد ما استخدم الأسد الكيماوي في قتل أكثر من ألفي إنسان وطفل وامرأة دون أي دم يسيل. وقايض الروس على ذلك – ولعل هذا مفبرك بينهما مسبقا – فأمروا الأسد بتسليمه ورضيت إيران وفرحت إسرائيل. وإن الدور اليوم يعود بمبادرة سرية من أمريكا وإسرائيل مع روسيا وإيران. وبغض النظر عما تناولته الصحافة المختلفة جليا منذ الأسبوعين الماضيين من إبقاء بشار الأسد مدة سنتين مع تحديد صلاحياته دعما لمرحلة انتقالية وبأن يكون وزير الدفاع علويا ووزير الداخلية سنيا والشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري السابق للمعارضة والثورة رئيسا للحكومة وأشياء أخرى. أو رواية ثالثة بتسليم رئاسة الحكومة إلى رياض حجاب رئيس الحكومة السابق في سورية والخطيب إلى رئاسة الدستور ومكونات الشعب السوري.. إلا أننا نشير أن إقصاء روسيا عن التحالف الدولي ضد داعش ربما حرك لديها أفكارا لمقايضة أمريكا في الشأن السوري ولا يبعد عن التحليل وضع العقوبات والملف النووي وإيران وأوكرانيا وداعش في هذا الصدد فجاءت أفكار الخطيب ووفده المرافق لتعرض على روسيا كلاعبة أساسية في الملف السوري. ففي اجتهادهم أن حقن الدماء بات واجب الوقت في سورية وهو موقف استراتيجي مبدئيا لكن هذا وإن صح من وجه مؤقت بيد أنه - منطقيا - لا يمكن للخصم أن يكون حكما، والدواء المسكن فائدته ليست ناجعة استراتيجيا كما ينطق الشعب والتاريخ لكننا من وجه آخر وعلى المدى البعيد وبالنظر إلى الإستراتيجية التاريخية فسيظل العار والشنار يلحق شعبنا الثائر وأبناءهم وأحفادهم خصوصا إذا أبقي الأسد وشبيحته وأكابر المجرمين على رأس العباد. فما لم تتحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة وتغيير اللانظام بكامل أركانه فإننا لن نجني شيئا. وعلى كل فإن روسيا وأمريكا وإيران على علم بما يجري. ولعله بعد ذلك ربما جاءت المبادرة التي نقلتها صحيفة الأهرام المصرية أقرب إلى شيء من النضج الممكن وإن كان الإسلام السياسي ورجاله ليس لهم حظ وافر فيها. أقول: إنها مبادرة للدراسة وقد رأينا " لا رجاني" رئيس مجلس الشورى الإيراني قد وصل إلى دمشق أمس وصرح بضرورة الحل السياسي للأزمة السورية. أقول: إنها قد غدت قضية وليست أزمة، ولكن يبدو أنه بعد التقدم المهم للثوار وقضائهم المبرم على معسكري وادي الضيف والحامدية الكبيرين جدا وريف حلب شكل هاجسا قويا جدا لدى الدول الكبرى وإيران واللانظام مثلما حدث في البوسنة باتفاقية " دايتون" حيث إنهم اضطروا إليها نظرا لتقدم ثوار البوسنة ورجحان كفتهم في الصراع وقتها مع الصرب والكروات. إن المبادرة الجديدة التي تجعل للثوار والمعارضة في الداخل والخارج نصيبا في المرحلة الانتقالية والحكم وكذلك تستبعد المجرمين من الصف الأول والثاني الذين هم مع الأسد وتحدد مهام المرحلة الانتقالية بالاسترشاد بدستور 1950 إلى حين وضع دستور جديد للبلاد. وتحل مجلس الشعب وتصادر ممتلكات حزب العبث إلى ملكية الدولة الجديدة وتحترم حقوق الأقليات وتشكل برلمانا جديدا ولجانا للمصالحة في كل محافظة. وتطالب روسيا أن تلعب دورا أساسيا في إقناع الأسد بقبول هذا الحل تحت التهديد – كما حدث للمالكي في العراق- نقول: لعل في بعض هذه البنود ما يدعو للرد الشافي لتعود سورية حرة أبية دولة المعتقد والمواطنة والقانون لا دولة الفوضى والعوائل والأشخاص.