الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المجازر تدخل لبنان في البازار الإقليمي هل يجري ضرب الخطوط الحمر النهائية؟

المجازر تدخل لبنان في البازار الإقليمي هل يجري ضرب الخطوط الحمر النهائية؟

24.08.2013
روزانا بومنصف

النهار
السبت 24/8/2013
لن تترك الاحداث المأسوية المتلاحقة في لبنان المجال الكافي للحزن على الضحايا بحيث تمحو تفجيرات ارهابية جديدة ذيول ما سبقها بارهاب أكبر وعدد أكبر من الضحايا او تحاول ان تمحو أيضاً معالم مجزرة انسانية لم يفق لبنان ولا العالم من هولها بعد والتي حصلت في منطقة الغوطة في دمشق. وفيما يتحسس اللبنانيون خسائرهم البشرية المتعاظمة يوماً بعد يوم قبل أي أمر أخر، يخشى كثر انه قد يتعين ادراك انه لا يجب النظر الى الحدث او المأساة المباشرة فحسب، بل الى الصورة المتكاملة من ضمن تطورات الوضع الداخلي والوضع الاقليمي على حد سواء. وحين يعلن قائد الجيش اللبناني قبل ايام، الحرب على الارهاب، ويؤكد ذلك تالياً وزير الدفاع، فانما يضع ذلك لبنان في قلب او في صلب المعركة القائمة ليس فقط في لبنان بل في المنطقة أيضاً على نحو يفترض كثر او يتوقعون ان يدخل لبنان الصورة التي ترتسم في عدد من دول المنطقة استناداً الى هذا العنوان او الشعار. لذلك يبدو بالنسبة الى مصادر سياسية معنية ان ما بات محسوماً بداية ان لبنان وتبعاً للانفجارين الارهابيين الجديدين اللذين ضربا مدينة طرابلس واوقعاً ما يزيد على 350 شخصاً بين قتيل وجريح هو ان ثمة نقلة نوعية في طبيعة الاخطار التي تتهدد البلد وقد زادت حدتها وارتفع منسوبها. هذه النقلة النوعية تم تلمسها وفق مصادر معنية قبل الانفجارين الارهابيين الاخيرين من جملة مؤشرات داخلية وخارجية لم يكن آخرها انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية بل طاول الصواريخ أيضاً التي اطلقت على اسرائيل من منطقة قريبة من صور في الجنوب الى جانب جملة مواقف داخلية وخارجية وتطورات تشي باحتمال ازدياد استباحة الوضع اللبناني. وليس من اسباب تدفع هذه المصادر لاعتبار ما يجري بعيداً من مخطط مدروس يهدف اصحابه من ورائه الى الوصول الى نتائج معينة او ان ما يجري لا يندرج من ضمن استكمال شمول لبنان من ضمن ما يحصل في سوريا بحيث يخشى الا يمكن اعتبار كل الانزلاق الامني الذي يشهده لبنان مجرد تداعيات عفوية او طبيعية للتطورات السورية. كما ليس من أسباب تدفع هذه المصادر لاعتبار ان لبنان لا يخضع لتحويله ساحة ابتزاز او ضغط من اجل الحصول على مكاسب او تعزيز مواقع او تثبيتها او حتى عدم خسارتها او ايضا الحصول على ادوار ضمنية من ضمن الصراع الاقليمي الجاري عبر سوريا امتدادا الى لبنان او في حال خسارة سوريا عبر انتهاء النظام فيها. وهذه المصادر تستعيد عبر هذه التطورات الكثير من نماذج مماثلة حصلت في اواخر السبعينات والثمانينات في لبنان من عمليات خطف وتفجيرات كان لا بدّ في نهاية الأمر ان تؤدي الى نتائج محدّدة. وتخشى هذه المصادر ان يكون لبنان على عتبة امر مماثل تحضيراً او استباقاً لما يمكن ان يحصل في سوريا. فما حصل في منطقة الغوطة في دمشق أمر خطير سيرتب تبعات لا بد منها في حال أدى استخدام الاسلحة الكيماوية الى تدخل غربي لا بد منه في حال ثبت استخدامه باعتبار ان صدقية المجتمع الدولي باتت على المحك ولا يمكنه التغاضي عما حصل ولو انه يحاول التوصل الى الخطوات اللازمة عبر المطالبة بتحقيق دولي حول هذا الأمر. وهذا التدخل في حال حصوله قد يرتب تداعيات اقليمية معينة في ضوء تورط افرقاء بقوة الى جانب النظام وما يعنيه ذلك من خسارة جسيمة. اما في حال عدم حصوله وتطيير مفهوم الخطوط الحمر التي كانت وضعتها الولايات المتحدة لاستخدام الاسلحة الكيماوية فان سوريا والمنطقة قد تكونان على عتبة جديدة من ازدياد شدة الحرب واساليبها ونتائجها أيضاً. وتالياً اذا كانت الخطوط الحمر الانسانية قد زالت ولم تعد موجودة فهل ان الخطوط الجغرافية هي التي تمنع اضمحلال الخطوط الحمر في لبنان أيضاً التي كانت تمنع انزلاق لبنان الى ما هو أدهى مما يشهده حالياً اي الى الحرب الأهلية الداخلية؟
إذ يدحض الانفجاران الارهابيان في طرابلس نظرية متكاملة حول ان "حزب الله" هو وحده المستهدف في كل ما جرى خلال الأشهر الأخيرة عبر ارهابيين تكفيريين، بل ان هناك اضافات تكمل الصورة انطلاقاً او بناء على استهداف مناطق الحزب سابقاً. يتفق غالبية الافرقاء السياسيين على توصيف وتقويم الانفجارين الارهابيين في طرابلس بعد انفجار الرويس انه للفتنة الداخلية من خلال استهداف منطقة سنية الطابع في مقابل منطقة شيعية الطابع. كما يتفقون على التداعيات والانعكاسات ويحذر جميعهم من مخاطرها التي ستصيب الجميع وليس فريقاً دون آخر. وقد اعتبر الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله انه اذا استمرت التفجيرات فان لبنان يكون على حافة الهاوية. لكن هؤلاء الافرقاء لا يتفقون على وصف العلاج المناسب على رغم كل الاثمان التي يدفعها اللبنانيون علماً ان ذلك قد يكون أبرز الاولويات التي تحتم عدم انزلاق لبنان الى الهاوية التي يحذر منها الجميع. ويعود ذلك الى ان الرهانات عالية وكبيرة جداً في المنطقة وقد ادخل لبنان بازارها من الباب العريض بحيث يخشى ان يدفع او يكون ثمناً لهذه الرهانات من خلال تخيير المعنيين المؤثرين دولياً بين ما يمكن ان يؤول اليه الوضع الحالي تبعا للتطورات الأخيرة او ان يكون بديلاً عن خسارة جسيمة في سوريا. وهذا على الاقل ما يخشاه كثر من المتابعين المهتمين.