الرئيسة \  تقارير  \  المجلس الأطلسي يوضح: ماذا بعد اعتراف بوتين باستقلال دونيتسك ولوجانسك؟

المجلس الأطلسي يوضح: ماذا بعد اعتراف بوتين باستقلال دونيتسك ولوجانسك؟

24.02.2022
سارة أحمد


الشروق نيوز
الاربعاء 23/2/2022
بعد اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الاثنين، باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانيسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، استعرض "المجلس الأطلسي" (مركز بحثي مقره واشنطن)، آراء الخبراء والباحثين السياسيين، حول السيناريوهات المحتملة للوضع على الساحة العالمية بعد قرار بوتين.
وقال المجلس الأطلسي، في تقرير مطول إن التحذيرات الغربية القاسية على مدى أسابيع بدأت تتحقق على أرض الواقع، حينما أمر بوتين القوات الروسية بدخول المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا بعد الاعتراف باستقلالهما، مشيرا إلى أن النظام الأمني في أوروبا بعد الحرب الباردة يترنح الآن، حيث يتساءل الكثيرون عما إذا كانت تلك القوات ستتوقف عند خط التماس الذي يفصل الجمهوريات المنشقة عن الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية.
واعتبر السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا، جون هيربست، أن بوتين لم يفاجئ احدا حينما أعلن عن استقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، مشيرا إلى أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الروسي أوضح أن لديه خططا بشأن دول أخرى مستقلة ظهرت عندما انهار الاتحاد السوفيتي، وكما رأينا في مسودات المعاهدات التي أرسلتها روسيا إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، فإن تلك الخطط تتطرق أيضا إلى دول حلف وارسو السابق.
وتابع هيربست: "ما ستفعله الولايات المتحدة وحلف (الناتو) والاتحاد الأوروبي مهم للغاية، لقد ارتكب بوتين خطوة استفزازية كبيرة، وإذا كان رد الغرب مجرد خطابات شفهية، فإن بوتين سيشم رائحة الضعف ومن المرجح أن يصعد الأمر".
وأكد الدبلوماسي الأمريكي السابق أنه "يجب على الغرب الرد الآن"، قائلا: "هذا يعني ضرورة فرض بعض العقوبات الشديدة على الفور".
وأضاف: "يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستستهدف بالعقوبات النشاط الاقتصادي في المناطق التي اعترف بها بوتين، وإذا كان هذا هو الحد الأقصى للرد على خطوة بوتين، سيكون بمثابة دعوة لموسكو إلى مزيد من التصعيد".
ورأى هيربست أن الرد المناسب يجب أن يتعلق بخط انابيب "نورد ستريم 2"، والذي ما كان ينبغي على إدارة بايدن السماح له بالمضي قدما العام الماضي.
وتابع: "إذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب على الولايات المتحدة معاقبة بنك روسي كبير واحد على الأقل، بالإضافة إلى بعض الشخصيات البارزة في دائرة الرئيس الروسي.
ونوه هيربست إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أيضا أن توضح أنه سيتم فرض عقوبات أكثر بكثير إذا شنت موسكو هجوما كبيرا جديدا"، مضيفا: "لقد حان الوقت لإرسال المزيد من قوات ومعدات الناتو إلى الجناح الشرقي للحلف".
كما اعتقد السفير الأمريكي السابق، أنه يجب على الإدارة الأمريكية التراجع عن قرارها بعدم المساعدة في إجلاء المدنيين الأمريكيين من أوكرانيا، معللا ذلك بأنه سيتم محاصرة الآلاف من الأمريكيين هناك إذا قام بوتين بالغزو. وأكد: "مثل هذه العملية (الخاصة بالإجلاء) من شأنها أن تعقد الخطط الروسية".
بدوره، قال المتحدث باسم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مايكل بوسيوركيو، إن قرارات بوتين تضفي الطابع الرسمي على السيطرة على منطقة كبيرة من شرق أوكرانيا، كان يسيطر عليها فعلياً منذ عام 2014.
ووصف بوسيوركيو، إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الاثنين، عن فرض عقوبات جديدة على التجارة والتمويل في المنطقتين التين اعلن بوتين استقلالهما، بأنه "ضئيل ومتأخر للغاية".
ورأى أنه من أجل ردع المزيد من العدوان الروسي وإلحاق ألم ملموس بالدائرة المقربة من بوتين، تحتاج بريطانيا إلى استهداف 2500 روسي اشتروا ما يسمى بـ"التأشيرات الذهبية"، فضلا عن قيام الدول الغربية بإلغاء حقوق الهبوط لشركة الخطوط الجوية الروسية "إيروفلوت" وشركات الطيران التجارية الروسية الأخرى بمطاراتها.
كما نوه بوسيوركيو، إلى أنه يجب البدء في طرح "الخيار النووي" آلا وهو إلغاء خط أنابيب نورد ستريم 2.
من جانبه، أشار توماس واريك، مستشار مبادرة "سكوكروفت" للأمن في الشرق الأوسط، إلى أن قرار بوتين بإرسال قوات إلى دونيتسك ولوجانسك بشرق أوكرانيا، ليس الخطوة الأولى ولا الأخيرة في الحرب الهجينة التى يشنها.
وأوضح واريك: "هذه حرب هجينة، فهدف بوتين هو النصر الاستراتيجي على كل من أوكرانيا والغرب، وليس العمل التكتيكي المتمثل في نقل القوات إلى دونيتسك ولوجانسك"
وقال واريك إن بوتين استخدم عمليات التضليل وسيناريو العلم الزائف، لتبرير العمل العسكري الروسي، مشيرا إلي أنه اتخذ خطوة عسكرية علنية، لكن ضد الأراضي التي لا تسيطر عليها كييف"
يشار إلي أن "عملية العلم الزائف" هو مصطلح سياسي يعني القيام بفعل بقصد إخفاء المصدر الفعلي للمسؤولية وإلقاء اللوم على طرف آخر، وتم استخدام المصطلح أول مرة في القرن الـ 16 عندما كانت تخدع القراصنة السفن التجارية برفع راية دولة صديقة لخداعها ومن ثم مباغتتها.
وتابع واريك:"لم يشن بوتين بعد حملة شاملة للإستيلاء على كييف تسمح له بتنصيب حكومة صورية، لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى عقوبات مدمرة".
ورجح واريك، أن تكون الجولة التالية المحتملة لبوتين في الحرب الهجينة هي الدبلوماسية، لمحاولة الحصول على تنازلات حقيقية من أوكرانيا والغرب دون غزو فعلي.
في سياق متصل، رأي الباحث في مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن، آرون أير، أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الخطاب الذي استخدمه بوتين خلال إعلانه الاعتراف بدونيتسك ولوجانسك، بما في ذلك وصفه أوكرانيا باعتبارها جزءاً تاريخياً من روسيا، تم انتزاعه بشكل غير قانوني من موسكو ويديره نظام صوري تسيطر عليه الولايات المتحدة والغرب.
واشار آرون أير إلي أن دونيتسك ولوجانسك لن يكونا كافيين في النهاية لبوتين، داعيا لاتخاذ إجراء لتغيير حسابات بوتين بشكل جذري.
إلى ذلك، اعتبر كريستوفر بريبل، نائب رئيس قسم دراسات السياسة الخارجية والدفاع في معهد "كيتو"، أن الحشد العسكري الروسي على طول الحدود مع أوكرانيا، واحتمال الغزو الروسي، يكشف حدود النفوذ الأمريكي والأوروبي على بوتين.
وأوضح بريبل : "قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لأوكرانيا، وهددت إدارة بايدن بفرض عقوبات اقتصادية خانقة، لكن الغزو الروسي قد يوحي بفشل هذا التهديد الرادع".
ومضى قائلا: "لن يكون هذا الفشل لأول مرة، إذ لم تجبر الإجراءات العقابية الأمريكية والأوروبية ضد روسيا منذ ضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014 على التراجع".
وأشار بريبل إلى أن النتائج المترتبة على الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد لكن تمتد إلى ما هو أبعد من أوكرانيا، مع تأثيرات على الاقتصاد العالمي من ارتفاع أسعار النفط.
وتابع: "يتعاطف العديد من الأمريكيين مع محنة أوكرانيا، لكنهم يعارضون بشدة تدخلاً أمريكياً أعمق هناك".