الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المخدوعون في الأزمة السورية

المخدوعون في الأزمة السورية

28.10.2013
جهاد المومني


الراي الاردنية
الاحد 27/10/2013
تأجيل الحلول السياسية للازمة السورية او تعطيلها بشكل او بآخر جزء من استراتيجية المصالح بالنسبة للدول الكبرى والصغرى على السواء ,وتتفق سياسة التعطيل مع استراتيجية النظام السوري في البقاء مهما كلف الثمن ,والثابت في هذا المشهد الجلي - على عكس ما يعتقده زعماء المعارضة السورية - هو ان الولايات المتحدة الاميركية تمارس لعبة التسويف مع اصدقائها العرب دعاة الحل السريع في سوريا ,وتمارس شتى اشكال الكذب السياسي بالاتفاق مع روسيا حتى لا ينتهي نظام الاسد بأي من الحلول المقترحة حربا او سلما ,فالمطلوب – وفق- المقتضى الاميركي الان – المحافظة على نظام الاسد بل وامداده يالسلاح اذا تأخرت روسيا عن هذا الواجب ,ثم الحرص على مشاركة حزب الله ولواء ابو فضل العباس ولواء القدس وغيرها من التنظيمات المسلحة الشيعية في الحرب الدائرة في سوريا لمواجهة جبهة النصرة وقوات دولة العراق والشام ومجموعات السنة التي تحارب ثلاث جهات دفعة واحدة النظام والجيش السوري الحر والقوات الشيعية,ومن المهم جدا بالنسبة لموسكو وواشنطن ان يستمر هذا القتال الى اطول زمن ممكن .
كان من السهل على الوزير الروسي لافروف اقناع نظيرة الاميركي كيري عشية الافراج عن صفقة الكيماوي السوري باهمية الا تتشجع الولايات المتحدة كثيرا لاسقاط نظام الاسد ثم سلمه قائمة بالاسباب التي تعتقدها روسيا كافية لامداد جيش الاسد بالاسلحة وحماية نظامه دبلوماسيا في الامم المتحدة ومؤسساتها ,ولما ابدى كيري قلقه من اسلحة سوريا الكيماوية خاصة على مستقبل الحليف المشترك اسرائيل جرى التداول مطولا حول فكرة مقبوله للطرفين تنهي مخاوف اسرائيل من احتمال سقوط النظام وتسلم المعارضة للاسلحة الكيميائية ,فجاء الحل بالتشاور هاتفيا وعبر قنوات الاتصال السريع بين الكرملن والبيت الابيض باتفاق على تدمير اسلحة سوريا الكيمائية في هذه المرحلة على ان تلتزم الولايات المتحدة بعدم اضعاف النظام امام مجموعات المعارضة وغالبيتها من التنظيمات الارهابية التي تعتبر عدوا لدودا لكل من واشنطن وموسكو والدول الغربية التي تدور في فلك واشنطن.
لم تنضج فكرة الاستغناء عن نظام الاسد لانه لا يزال يقف على قدمية ينفذ اخطر مخطط دبرته واشنطن في العراق بين السنة والشيعة ولم تنجح كثيرا ,ثم ها هو نظام الاسد يجعل من سوريا ساحة اقتتال دموي بين المذهبين الكبريين مما يضمن في نهاية المطاف صراعا مريرا بين المجموعات المتطرفة من الجهتين تعطي الولايات المتحدة فرصة التفرج بدل الانخراط المباشر في الحرب على الارهاب خاصة بعد ان تجمعت قواته كلها في سوريا ,اما النظام السوري فقد نجح بامتياز في تمييز نفسه بكونه البديل الوحيد وذلك بدعمه السري لهذه الجماعات المتطرفة بل وتشكيل بعضها وفتح الطريق لها لتمارس شتى اشكال القتل والارهاب ضد الشعب السوري حتى يصبح الخيار بينه وبين الارهابيين دون اي ذكر لقوى المعارضة المعتدلة,وحتى الان تنجح خطة النظام السوري في تشكيل منطقة ذهنية عازلة بين افعاله وافعال المتطرفين وبنفس الوقت لا يتوانى عن محاولات التقرب من الغرب والبعث برسائل تطمين على مصالحة في سوريا بعد نهاية ما يعتبره الكابوس .
خدعت روسيا الولايات المتحدة بتلقيمها طعم الكيماوي, وبدورها خدعت الولايات المتحدة حلفاءها العرب الذين راهنوا على تكرار ما فعلته في ليبيا ,لكن الذي ثبت في كل الاحوال هو ان ما يقلق واشنطن وادارة الديمقراطيين الحاليين فيها ليس مصير السوريين ,ولا علاقات الولايات المتحدة بالاصدقاء العرب ,وانما مصير اسرائيل وبناء على ذلك اضعفت واشنطن كل الجبهات كي تبقي على جبهة النووي الايراني في الصدارة .