الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المسألة السورية في ضوء الأزمة بين روسيا وتركيا

المسألة السورية في ضوء الأزمة بين روسيا وتركيا

01.12.2015
العزب الطيب الطاهر



الشرق القطرية
الاثنين 30/11/2015
باندلاع أزمة إسقاط الطائرة الروسية، من طراز سوخوي 24 بواسطة مقاتلة تركية الثلاثاء الماضي، دخلت المسألة السورية، طورا مغايرا عما كان سائدا من قبل، يتراوح بين التصعيد على الصعيد العسكري والتراجع على المستوى السياسي، وقد تشهد المزيد من التعقيد، إن ركزت الأطراف المعنية، على تداعيات إسقاط الطائرة الروسية فحسب، دون أن تضع في حسبانها جوهر المسألة السورية الممتدة، منذ ما يقرب من خمس سنوات، والذي يتمثل في المرحلة الراهنة في ضرورة البحث عن حل لها، ينهي مرحلة سفك الدماء التي أفضت إلى قتل أكثر من 300 ألف مواطن، وجرح مئات الألوف وتشريد الملايين بين لاجئين بالخارج ونازحين بالداخل، على نحو يحافظ على محددات الدولة السورية ووحدتها واستقلالها وسيادتها على كامل أراضيها، بصرف النظر عن الأشخاص، لأن الأوطان في المراحل الاستثنائية تكتسب الأهمية القصوى، صحيح أن الطرفين الروسي والتركي، عملا منذ تفجر الأزمة على إبقائها خارج دائرة الخيار العسكري، لإدراكهما مخاطره على المستويين الإقليمي والدولي. وفي مقدمة تجليات هذه المخاطر إمكانية التسبب في حرب عالمية ثالثة، ما دفعهما - خاصة روسيا - على الإقدام على تنفيذ سلسلة من الإجراءات العقابية عسكريا واقتصاديا في سياق ما يعرف بالمحافظة على ماء الوجه ورد الإهانة التركية، ولكنها لن تصل إلى حد الإعلان عن قطيعة كاملة مع أنقرة، لأنة ثمة مصالح مشتركة بالذات على صعيد التجارة والاستثمار والطاقة والمشروعات الكبرى التي تبلغ كلفتها مليارات الدولارات، التي لو تخليا عنها في هذه المرحلة فإنها قد تتسبب في حالة من الركود الاقتصادي، كلاهما في غنى عنه. وثمة مراهنة في هذا الصدد، على عقد قمة ثنائية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أبدى نزوعا لالتئامها، على هامش قمة المناخ العالمية، التي سوف تحتضنها باريس نهاية الشهر الحالي والتي من شأنها – إن تمت – أن توقف الأزمة عن المضي في اتجاه التصعيد بين موسكو وأنقرة، خاصة على صعيد تبادل الحملات السياسية والإعلامية التي شهدت حدة غير مسبوقة تجاوزت المألوف الدبلوماسي والبرتوكولي، فضلا عن تبادل اتهامات خطيرة بين الطرفين. وتكمن خطورة استمرار تداعيات أزمة إسقاط المقاتلة الروسية دون احتواء، في تعطيل أو بالأحرى تجميد مسار الحل السياسي للمسألة السورية، والذي حصل على جرعة قوية إقليميا ودوليا في اجتماعات فيينا الأخيرة، والتي وضعت ما يشبه خارطة طريق لهذا الحل، ستتجلى أولى خطواتها في بدء مفاوضات بين أطراف الأزمة السورية في جنيف: الحكم والمعارضة، تحت رعاية أممية وهو ما يطلق عليه البعض جنيف 2 أو جنيف 3، واللافت أن أغلبية قوى المعارضة، بما فيها الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، قد أبدت استعدادها للمشاركة في مؤتمر الرياض، وذلك رغم التحفظات التي أبداها الأخير، والتي دفعته التطمينات التي حصل عليها من جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، إلى قرار المشاركة، في ضوء نتائج زيارته لأبو ظبي الإثنين الماضي، والتي اجتمع فيها مع كل من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة، وعادل الجبير وزير الخارجية السعودي والتي تركزت على سبل توحيد المعارضة والضمانات المطلوبة لها. وبالطبع ثمة جهود بذلت من قبل على صعيد توحيد رؤية المعارضة، سواء من قبل الجامعة العربية التي عقدت اجتماعا موسعا في أغسطس من العام 2012 لمعظم فصائلها، أو من قبل مصر التي استضافت مؤتمرين خلال العام الأخير، ونتج عن هذه الجهود وثائق مهمة، بوسعها أن تشكل قيمة مضافة للوثائق والمواقف الموحدة المرتقبة، في مؤتمر الرياض حتى لا يبدأ من الصفر.