الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "المسار الإنساني" لسوريا

"المسار الإنساني" لسوريا

05.11.2013
علي بردى


النهار
الاثنين 4/11/2013
فرح المجتمع الدولي – ولا يزال مزهواً – بعملية تدمير مخزون سوريا الهائل من الأسلحة الكيميائية. غير أن التخلص من واحدة من أقذر الترسانات في العالم، لا يبرر عجزه المخجل عن وضع حد لأسوأ مأساة إنسانية يشهدها القرن الحادي والعشرون.
كان الرئيس الراحل حافظ الأسد ينحني للريح إذا هبت عليه. يغتنم الفرص قنصاً. عرف ابنه الرئيس بشار الأسد أن عليه أن يشتري الوقت. اقتضت "الحكمة" أن يبيع الأسلحة الكيميائية. توافرت لديه ترسانات أخرى ليست أقل فتكاً. الوجهة؟ هيهات لو كانت اسرائيل. لا يفوّت فرصة ليحاضر في العرب عن المقاومة ضد هذه التي لا تفوّت فرصة لتعتدي. ينهمك في اقناع الولايات المتحدة والغرب بأنه ينصرف الآن الى مكافحة الإرهاب. حبذا لو فعل ذلك قبل أن يحلم أولاد درعا بالوعود الكاذبة لما سمي "الربيع العربي". أهو قناع آخر لـ"الأفول العربي"؟
من علامات هذا الأفول أن الإنتفاضة السورية، التي تحوّلت حرباً أهلية ضارية، لم تشهد بعد حتى هدنة واحدة على رغم مضي أكثر من 30 شهراً على انطلاقتها في آذار 2011. سقط حتى الآن زهاء 125 ألف قتيل. مع اقتراب فصل الشتاء، تشهد البلاد تردياً سريعاً وكبيراً للوضع الإنساني. لا تستطيع وكالات الإغاثة الوصول الى أكثر من مليونين ونصف مليون من السوريين المحاصرين في المناطق المختلفة. يعيش الملايين في ملاجئ موقتة. يتعرضون للأنواء والأخطار. نحو عشرة في المئة من سكان سوريا صاروا لاجئين. تنوء دول الجوار تحت أعباء ضخمة من أجلهم. يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين أكثر من ربع سكان لبنان. ليست لدى الأردن قدرات ومقومات مثل تركيا أو العراق لتحمل مسؤولية تدفق انساني استثنائي كهذا. انفجار سوريا ينبغي ألا يكون مدعاة للتشفي، ويجب ألا يكون أداة للترهيب.
تكشف الوقائع الميدانية على الأرض أن الخيار العسكري لن يؤدي الا الى مزيد من الخراب والقتل. غير أن الواضح حتى الآن أن قيادة النظام من جهة وقادة المعارضة من جهة أخرى يكرسون كل جهودهم في هذا الإتجاه. تبذل ايران و"حزب الله" وآخرون – وخلفهم روسيا - كل المستطاع لقلب الموازين لمصلحة الأسد.
في المقابل، تسعى السعودية ودول الخليج وتركيا – ومعها بعض الغرب – الى توحيد صفوف المعارضة وتعزيز قدراتها من أجل اطاحة حكم البعث. هذه أيضاً حرب اقليمية بالوكالة.
لا يمكن المسار الديبلوماسي المتمثل بعقد مؤتمر جنيف – 2 واطلاق العملية السياسية نحو "سوريا الجديدة"، أن يوقف هذه الحرب إذا لم يعبأ أحد بـ"مسار إنساني" يخفف هذه المأساة عن السوريين.