الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المساعدات الأمريكية غير القاتلة للثورة السورية

المساعدات الأمريكية غير القاتلة للثورة السورية

18.05.2014
داود البصري


الشرق القطرية
السبت 17/5/2014
غالبا ما تتردد في وسائل الإعلام الدولية مصطلحات غريبة وعائمة وغير مفهومة للمتلقي، ومن أهمها مصطلح (مساعدات غير قاتلة)!، وهي الصيغة اللفظية التي تؤكد عليها الدبلوماسية الأمريكية وهي تتحدث بخفر وحياء عن المساعدات المحدودة و الشحيحة التي تقدمها إدارة الرئيس أوباما للجيش السوري الحر أو للائتلاف الوطني السوري! وهي صيغة مثيرة للتأمل؟ فماذا يعني الإصرار الأمريكي على المساعدات غير القاتلة تلك والنظام قد أبدع منذ أربعة أعوام في استعمال مختلف أنواع وأسلحة وحتى مساعدات القتل والدمار للشعب السوري؟ بدءا من معدات التعذيب مرورا بالبراميل القذرة وليس انتهاء بالسلاح الكيمياوي غاز الخردل أو السيانيد أو غاز الكلور وما توفر وتيسر من الترسانة الكيمياوية السورية وحليفتها الإيرانية أيضا، إضافة لامتلاك النظام السوري قدرة وحرية استعمال ترسانته التي كانت مخصصة نظريا ودعائيا لمعارك الصمود والتصدي والتوازن الإستراتيجي!! فإذا بالواقع العملياتي بات يؤكد أن كل تلكم الجهود التسليحية إنما هي في الأساس كانت مخصصة لاستئصال الشعب السوري إن فكر في الثورة والانتفاض والتخلص من حكم الطغاة والقتلة ووارثي عرش الجماجم و الجنون الفاشي؟
هل تضحك الولايات المتحدة على نفسها وهي تتذرع وتختفي خلف حكاية المساعدات غير القاتلة التي لا تحمي أحدا ولا يمكنها من تغيير موازين الصراع الشرسة عبر القوة العسكرية غير المتكافئة والإمكانيات الواسعة للنظام عبر المساعدات الهائلة القادمة من حلفائه الروس والإيرانيين والعراقيين والكوريين الشماليين والصينيين، بينما يتحدث أوباما عن حبوب الأسبرين وأطنان الأرز والصابون والبطانيات ولربما بعض من الشورية والعدس؟
فهل بهذه الطريقة تريد أمريكا في عهد ( أوباما الزاهر ) إدارة معركة إقليمية وحتى دولية من حجم المعركة السورية ؟ لقد أقامت الولايات المتحدة الدنيا وأقعدتها ضد ممارسات صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا وتدخلت في البلدين بكل فاعلية وعبر تحريك الناتو بينما نراها في الحالة السورية وهي تتعثر خجلا بأردية فشلها؟
لقد تحولت معاناة الشعب السوري الذي يتعرض للتشريد والتشتت والدمار لأكبر مشكلة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية ألقت بكاهلها على دول المنطقة الضعيفة اقتصاديا مثل لبنان والأردن ومصر وحتى دول المغرب العربي التي اجتاحتها قوافل وحشود اللاجئين السوريين الهاربين من الهولوكوست البعثي الإيراني هناك؟
بينما تتحدث الولايات المتحدة في زمن حرب النجوم عن خوض الصراع عبر تقديم الباقلاء والحمص والفلافل ربما للجيش السوري الحر!!..
فعلى أحرار الشام استقبال زخات رصاص القتلة وبراميلهم القذرة فيما تقدم لهم الولايات المتحدة الصابون فقط للاغتسال من الغبار الناجم عن القصف ببراميل الأسد؟ ويبدو أن الحيرة القاتلة التي تنتاب الإدارة الأمريكية بعد أن عجزت عن قيادة عمل دولي حقيقي لإيقاف المجزرة الإنسانية المريعة في سوريا، قد خلقت تصورات خيالية حول مساعدات غير قتالية ومضحكة لن تجعل النظام السوري المتمرس والعريق في التصفية و الاستئصال يرتدع بل سيزداد توحشا وهمجية وعدوانية بل سيزداد اطمئنانا على قدرته على تحقير الإرادة الدولية وتجاهل الرأي العام الدولي، ومحاولة كسب الوقت والتقاط الأنفاس ومن ثم تصفية الثورة عبر تقطيع أوصال المناطق الثائرة ومحاولة إشاعة الإحباط في نفوس الثوار وإجهاض الثورة وتجاهل كل الدماء التي أريقت وهي بمئات الآلاف من البشر، لقد علمنا التاريخ من أن الأنظمة التي هي على شاكلة النظام السوري لن تسقط بالأمنيات ولا بعمليات التدليك والمساج ولا عبر عملية سياسية ضيقة الآفاق و الأبعاد، بل عبر حشد الجهود والإمكانيات وتحطيم القدرات القتالية العدوانية للنظام الفاشي وليس عبر مساعدات السكر والرز لقوى المعارضة الحرة...
من جديد يلتقط النظام السوري القاتل أنفاسه وتفشل القوى الدولية أمام سطوته.. وتلك معضلة أخلاقية كبرى..