الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المشروع الإسرائيلي الأخطر في المنطقة 

المشروع الإسرائيلي الأخطر في المنطقة 

09.12.2020
محمد عايش



القدس العربي 
الثلاثاء 8/12/2020 
خطوتان قامت بهما اسرائيل مؤخراً، تصبان في صالح مشروعها الأخطر على الإطلاق الذي يهدد منطقتنا العربية، وهو المشروع الذي يرمي إلى ضمان التفوق الإسرائيلي في كافة المجالات، بما يجعل من تل أبيب مركز المنطقة ومحورها، ويجعل مزيداً من الدول العربية تحبو من أجل طلب الود والرضا الإسرائيلي. 
المشروع الإسرائيلي الأخطر يعود إلى عشرات السنين الماضية، ويهدف إلى ضمان التفوق على الدول كافة في المنطقة، وعلى كل المستويات، وليس فقط على المستوى العسكري، بل العلمي والاقتصادي والتكنولوجي أيضاً، وهذا هو التهديد الأكبر للأمن القومي العربي، الذي يتوجب على العرب أن يتنبهوا له ويستفيقوا، قبل أن يتحولوا إلى عبيد بالمعنى الحرفي عند دولة الاحتلال.. هذا إن لم يكن بعضُ العرب قد تحولوا بالفعل إلى عبيد عند الإسرائيليين. 
الخطوة الأولى التي قامت بها إسرائيل في هذا السياق، هي التطبيع مع دولة الإمارات التي تشكل مركزا تجارياً مهماً على المستوى العربي، وعلى مستوى المنطقة، فضلا عن أن أسواق الخليج هي الأكبر والأهم والأغنى في منطقتنا، بما يعني أن أخطر ما في تطبيع الاحتلال مع إسرائيل هو أنه فتح أسواقا مهمة أشبه بمناجم الذهب أمام الإسرائيليين، وهو ما سيؤدي إلى خلاصهم من الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها فيروس كورونا، ومن ثم يؤدي إلى ضمان أسواق لصناعاتهم على المدى الطويل، بما يضمن في نهاية المطاف تفوقهم الصناعي والاقتصادي. 
وبطبيعة الحال فإن الوجود الإسرائيلي في الإمارات سوف يفتح أسواق الخليج كافة، وذلك بفضل اتفاقات مجلس التعاون الخليجي، ما يعني أن المنتج الإسرائيلي قد يتسلل أيضا إلى أسواق الدول، التي لا تزال لم تعترف بإسرائيل، ولا تقيم أي علاقات معها، إلا أنها تبقي على العلاقات التجارية، من دون أي قيود مع كل من الإمارات والبحرين، ما يعني في نهاية المطاف أن الإسرائيليين حققوا مرادهم بالوصول إلى أسواق الخليج كافة، واستفادوا من القوة الشرائية لكل مواطنيه. 
اغتالت إسرائيل عدداً كبيراً من العلماء والأكاديميين، من دون اكتراث بجنسيتهم ولا بانتمائهم، لضمان تفوقها العلمي 
أما الخطوة الثانية التي حققها الإسرائيليون مؤخراً في الطريق نحو التفوق، وفي سبيل مشروعهم الأخطر على العرب، فهي اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وهذا الاغتيال لا علاقة له بالتطورات الأخيرة في المنطقة، ولا باللقاءات التطبيعية، ولا بقرب رحيل ترامب عن البيت الأبيض، وإنما هو حلقة من مشروع خطير يعود إلى عشرات السنين الماضية، ويرمي إلى تصفية العلماء والنخب المميزة من بلادنا العربية والإسلامية. اغتيال زاده ليس سوى حلقة في قائمة طويلة من الاغتيالات الإسرائيلية، التي استهدفت العلماء العرب والمسلمين، سواء من كان منهم في إيران أو العراق أو سوريا أو باكستان، أو بطبيعة الحال العلماء الذين عملوا مع المقاومة الفلسطينية مثل المهندس التونسي محمد الزواري، الذي اغتيل في 2016 والأكاديمي الفلسطيني فادي البطش الذي اغتيل في 2018. 
نتذكر جميعاً الغارة الجوية الاسرائيلية التي استهدفت المفاعل النووي العراقي في تموز/ يوليو 1981، وقبلها بعام واحد فقط اغتيال العالم النووي المصري الدكتور يحيى المشد، الذي كان يعمل في المفاعل العراقي ذاته، وصولاً إلى تدمير العراق بأكمله، عبر احتلاله من قبل الولايات المتحدة في عام 2003، وبين هذا وذاك اغتالت اسرائيل عدداً كبيراً من العلماء والأكاديميين، من دون أي اكتراث بجنسيتهم ولا بانتمائهم ونفذت عدداً كبيراً من جرائم الاغتيال. 
والخلاصة هو أنه ثمة مشروع إسرائيلي بالغ الخطورة يهدف إلى ضمان التفوق المطلق والكامل في المنطقة، بما يجعل دول الشرق الاوسط، منفردة أو مجتمعة، لا تقوى على مواجهة اسرائيل في أي مجال من المجالات، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو التكنولوجية، وصولاً إلى تحويل هذه الدول إلى مجرد كيانات تطلب الرضا الإسرائيلي، وتخشى فقط من أي مواجهة، ولا تقوى على الصمود أمام دولة الاحتلال ولو حتى في مسابقة تلفزيونية تافهة.