الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المشهد السوري كما أراه ..

المشهد السوري كما أراه ..

17.06.2013
محمد العكوش

الراي الاردنية
الاثنين 17/6/2013
الدول الراعية للحرب في سوريا تتحدث عن الحل السلمي وعن مؤتمر جنيف الثاني ، ولكنها تعمل لادامة القتال، وكأن ما نزف من الدم السوري لا يكفي، وما حدث من خراب لايكفي لاعادة سوريا الى العصر الحجري او اعادة المجتمع السوري الى عهد ما قبل قيام الدولة!!
 وعندما نتوقف امام المشهد السوري بكل ما يحمل من عتمة الروح وجفاف في المخيلة ، وما يختزن من الحزن في القلب والوجدان ، نحس اننا لا نفهم لغة الاخرين ولا مقاصدهم، وقد اغلقوا كل النوافذ والابواب الى تقود الى الحوار والحل السلمي وانهاء معاناة الشعب السوري بوقف شلال الدم من الجرح الشامي الرعّاف.
 ومنذ الهتاف الاول ، والطلقة الاولى ، قبل عامين ونصف ، قلنا ان ما يحدث في سوريا او لها ، يختلف عن كل ما سبق من فصول ربيع الغضب التي عاشتها بعض العواصم العربية والتي تم فيها التغيير الذي لم يكن في مستوى تطلعات الجماهير وتضحياتها حتى الان ، لعدم وجود رصيد من الخبرة والتقاليد الديموقراطية ،او معرفة في بناء النظم الاجتماعية ، او ادارة مؤسسات الدولة ، بالنسبة للقيادات الحاكمة الجديدة ، نتيجة الفهم المشوه للحرية والديموقراطية.
وبعد اعوام الدم الطويلة في سوريا يسأل او يتساءل الكثيرون عن سبب اطالة الحرب ، وعن سر تماسك النظام والجيش والحزب رغم شراسة الهجمة وكثرة الاطراف المشاركة في الاشتباك، وحجم الدعم المقدم على الصعيدين المالي والعسكري للمسلحين على اختلاف مشاربهم
 والاجابة على هذه الاسئلة والتساؤلات لا تحتاج الى الكثير من العناء او التفكير، لأن ما يحدث في سوريا يخضع للسيناريو الاميركي الاوروبي في العراق ، وهوتوظيف غضب الفئة المعارضة للنظام في غياب الاصلاح والعدالة، والعمل على اسقاطه بالعمل العسكري واشاعة الفوضى في البلاد بعد تخريبها وتدميرها وتفتيت مكونات مجتمعها ، من اجل تقسيمها على القاعدة الطائفية والعرقية ، او تركها في حالة فراغ سياسي وامني لتحويلها الى ساحة اشتباك داخلي دائم كما حدث في ليبيا .
 هذا المشهد المخيف المرعب ، ما زال ماثلا امام النظام والجيش والحزب في سوريا. ففي العراق تم اسقاط النظام وتقويض الدولة وحل الجيش والفتك بقياداته واجتثاث البعث ، واعتقد ان السوريين استفادوا من تجربة العراق المرة المحزنة، واخذوا منها الدروس والعبر ، فتماسك النظام والجيش والحزب طوال اعوام المحنة.
هذا على الصعيد السوري الداخلي ، اما على الصعيد الاقليمي فهناك عوامل مهمة اخرى ساعدت على التماسك والصمود تتمثل بوجود محور متحالف مع النظام السوري ، اقطابه ايران وحزب الله والاحزاب والقوى التقدمبة في البلاد العربية . اضافة الى كل ذلك هناك محور دولي مساند لسوريا تقوده روسيا ، وهو المحور الذي يحول حتى الان من توجيه ضربة عسكرية غربية لسوريا ، كما يمنع اتخاذ اي قرار داخل مجلس الامن ضد النظام السوري .
رغم كل التفاصبل اعتقد ان المشهد السوري سيظل مفتوحا امام كل الاحتمالات ، سوى الحل السلمي للازمة الذي استبعده من المسار نهائيا ، اوعلى المدى القريب او المتوسط على الاقل .