الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المشهد السوري والدور الخليجي

المشهد السوري والدور الخليجي

20.04.2013
د. علي الطراح

الاتحاد
السبت 20/4/2013
الوضع يزداد حدة في المشهد السوري، وضحايا الصراع يرتفع عددهم بشكل مخيف، والدمار يحل بسوريا دون أن يكترث العالم لما يحدث لهذا البلد من تدمير له تداعياته المستقبلية على المنطقة العربية قاطبة. والكل يدرك طبيعة الصراع وظروفه، ولعل الصراع الذي تقوده إيران في الخليج العربي والمنطقة العربية هو ما يقلقنا جميعاً. فاليوم اليد الإيرانية في العراق كما هي في سوريا، وها هي تدخل مصر بمباركة إخوانية، وفي ظل الغموض وتداخل أوراق اللعبة يبدو من المهم إدراك أن أطراف الصراع تواجه أزمة حقيقية على أرض الواقع، وأن الحل الأمني ليس بيد أي من الأطراف، ومن ثم، فإن البحث في الحل السياسي هو المخرج على أن يدرك النظام السوري أن أوراق اللعبة لا يديرها ولا يتحكم فيها، وأنه في أي لحظة قد يكون ضحية للمساومة الدولية، ومن ثم يفقد النظام كل شيء في الوقت الذي ما زالت هناك بارقة أمل في الحل السياسي.
دعونا نتصارح في ركائز الأزمة كمدخل للتفاهم السياسي، فلا أحد يعترض على الدور الإقليمي لإيران، فهي دولة ضمن منظومة الإقليم الخليجي، ودول الخليج العربي أعلنت مراراً رغبتها في التعاون وتحقيق السلام والاستقرار في الإقليم، إلا أن إيران لها طموحاتها الخاصة بها، وهي اليوم تحتل جزراً عربية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أنها تلعب بالورقة المذهبية، ولا نعتقد أن لمصلحة إيران أن تدفع بمزيد من المواجهات المذهبية، كما أنه ليس لدول الخليج العربي رغبة في التصعيد المذهبي لكون هذه الدول تؤمن بأهمية الاحترام لكل العقائد والمذاهب.
وعلى المستوى المعارضة السورية، فيبدو أن الانقسام هو سيد الموقف، وأن ما يحدث اليوم يشكل تحدياً للمنطقة بأكملها لكون بعض الفصائل المعارضة لها أجنداتها الخاصة التي تسعى لنشر الفكر العنيف والمعادي للإسلام الوسطي وهو ما يشكل أحد أكبر المخاطر التي تهدد المصالح الغربية، ومن ثم فإن الحديث عن قيادة موحدة للمعارضة في الداخل ما زال يشكل أحد أبرز التحديات لأطراف الصراع الإقليمي. ونحن ندرك أن التجاذب الإيراني السعودي هو أحد ملامح الصراع، إلا أن المملكة العربية السعودية أبدت في أكثر من مرة رغبتها في استقرار المنطقة العربية، وطالبت إيران بالكف عن اللعب بالنار، إلا أن إيران تعتقد أنها بدعمها للنظام في سوريا تقلص من المد السعودي كما تعتقد.
ونحن اليوم نواجه أزمة في مصر نتيجة لحكم "الإخوان المسلمين"، ومصر "الإخوان" تقحم إيران في الحل السلمي للصراع السوري في الوقت الذي تلعب فيه إيران الدور المؤجج، ولذا دعونا نفكر في المصالح المشتركة دون المساس بالمصالح الخاصة بأطراف الصراع، ولعل التفاهم السعودي الإيراني هو المدخل لحل الصراع، ما يفتح الباب لدخول دخول الخليج لقيادة تفاهم سياسي لمصلحة المعارضة العقلانية في تشكيل حكومة سورية جديدة تعمل على وقف العنف والدمار. فالوساطة مطلوبة في هذه المرحلة للوصول إلى صيغة تفاهم بين أطراف الصراع الإقليمي، خصوصاً أنه ليس من مصلحة إيران أن تستمر في المواجهة الخفية مع دول الخليج العربي. ويبدو لنا أن الحالة السورية تبحث الآن عن مخرج للأزمة الطاحنة، ودول الخليج العربي، تستطيع إنجاز الكثير من أجل حل النزاع في المشهد السوري.