الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المشهد في الإعلام السوري

المشهد في الإعلام السوري

01.08.2013
جهاد المومني

الرأي الاردنية
الخميس 1/8/2013
لا غرابة ان يستغل الاعلام الرسمي السوري اتجاهات الرأي العام الغربي والمزاج الشعبي المناهض للتطرف وللحركات الاسلامية وللتشدد الديني ليظهر النظام في دمشق على انه خيمة العلمانية والاعتدال في المنطقة العربية المتجهة بسرعة نحو صراع عميق على اسس دينية وطائفية، وعلى رأي الجعفري مندوب سوريا لدى الامم المتحدة فإن سوريا اليوم هي آخر حصون الاعتدال وتتعرض لمؤامرة لانها كذلك، وهو ايضا الذي خاطب الغرب قائلا ان سوريا اليوم تقاتل نيابة عن كل العالم، ويبدو ان الغرب يقبل بهذه الرواية السورية تماما او انه معجب بما يقوم به النظام السوري كما تدل على ذلك المواقف السياسية للغرب من الحرب في سوريا.
في الاعلام السوري الذراع المساند للدبلوماسية السورية النشطة محاولات واضحة لوضع سوريا في صف الدول الغربية ازاء التشدد ومن الاسلام الراديكالي وموجات التكفير، ويقترب الاعلام الرسمي السوري كثيرا من وضع المعارضين للحكم في الجهة المقابلة له ولنمط الحياة الغربية وللنظام الغربي عموما ومن نظام البعث بعد التحديث عليه في زمن الرئيس بشار الاسد، وكيف ان سوريا دولة مختلفة وذات توجه علماني واضح وتقدم خطابا عصريا مقارنة مع انظمة المنطقة التي تدعم الثورة المناهضة للنظام، ويعمل الاعلام الرسمي في هذه الاوقات على اشاعة فكرة ان الدول التي تدعم الثورة المسلحة ضد نظام الحكم انما هي تعمل ضد سوريا الحديثة التي تنبذ التطرف والتشدد ولها تاريخ حافل في مواجهة الحركات الاسلامية وهذا هو سر الهجمة عليها من قبل دول وانظمة وصفها مندوب سوريا بالمتخلفة وهكذا يصفها الاعلام الرسمي السوري.
شاشة التلفزيون السوري الرسمي تعمل ليل نهار على نقل مشاهد من الحياة السورية لا مكان فيها للتدين كما هي حال المجتمع السوري الذي نعرفه، فلا صور ابدا للنساء المجلببات ولا للرجال الملتحين وقلما يشار الى الجوانب المتعلقة بالطقوس الدينية خاصة في شهر رمضان، فالمشهد على عكس الواقع تماما حيث يبدو الشارع السوري على شاشة التلفزيون مختلفا عما هو في حقيقة الامر وكأن الاعلام هناك يقول للعالم انظر كيف هي سوريا وكيف يخطط هؤلاء الارهابيون لها ان تكون، ولا يغفل الاعلام السوري عن اظهار المسيحيين وغيرهم من الطوائف الدينية في سوريا بكثافة على شاشة التلفزيون الرسمي ويبرع القائمون على هذا الاعلام في جعل المشاهد متعلقا بما يرى من اختلاف بين سوريا التي يعيث فيها الارهابيون تدميرا وبين هذه التي تبدو على الشاشة بعمقها الحضاري وحداثتها بل وفي بعض الاحيان يتجرأ الاعلام السوري على اظهار بعض الديمقراطية ويسمح بانتقادات لم يسبق ان عرفها الاعلام السوري لانها بكل بساطة لم تكن مسموحة ابدا وتدخل ضمن باب المحظورات التي تؤدي الى غياهب السجون والمعتقلات.
وعلى صعيد الوجوه التي تظهر ويتحدث اصحابها للمشاهدين عبر الشاشة الرسمية, فمن الملاحظ ان التركيز الان ينصب على اظهار الوجوه الجميلة وخاصة النسائية وبتركيز على الشباب، في مقابل وجوه اخرى تمثلها العصابات التكفيرية المسلحة تلك التي تظهر دميمة يرتكب اصحابها المجازر ويجبرون الناس على تطبيق الشريعة ويمنعون النساء من قيادة السيارات وينفذون الاعدامات ذبحا بكل من يختلف معهم او يعترض طريقهم، وثمة مقارنات تظهر في الاعلام السوري بين نموذجين واحد يمثله النظام العصري المنفتح على العالم، وآخر هو الاقرب الى النموذج الافغاني والى حكم طالبان، هذا بالاضافة الى الموقف الثابت من التطرف والتشدد الديني في كل الاحوال وهو ما ميز الاعلام السوري دائما طوال حكم البعث.