الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المضحوك منهم وعليهم

المضحوك منهم وعليهم

15.06.2013
حمود أبو طالب

عكاظ
السبت 15/6/2013
فجأة، قرر البيت الأبيض تبديل سياسة المراقبة والحضور الناعم في الأزمة السورية بلغة أقرب إلى الإيحاء بالتدخل المباشر، بعد الإعلان عن تسليح المعارضة مساء الخميس. الجميع كان يتساءل: لماذا تتردد أمريكا، ولماذا كانت تقف موقفا مواربا مقابل موقف واضح يشبه التحدي لروسيا وإيران والصين، ماذا كانت تنتظر وهي ترى انقلابا جيوسياسيا في واحدة من أهم وأخطر الساحات، وما الذي تنتظره أن يحدث بعد أن دخلت إيران بالذات في ساحة المعركة بشكل مباشر وعن طريق ذراعها المحلي حزب الله، وهي التي تحذر من خطر إيران النووي ومحاولاتها تعديل الخارطة الإقليمية لصالحها. مثل هذه الأسئلة، وإن كانت منطقية، إلا أنها لا تمثل قيمة أو معنى في السياسة، ولدى لاعب سياسي كبير كأمريكا. السياسة تحقيق أهداف في أوقات محددة، وعندما تنضج كل المعطيات والظروف الملائمة، ليس هناك مكان للعواطف أو المثاليات أو القيم الإنسانية في لعبة المصالح السياسية. ذهب أكثر من 93 ألف قتيل منذ اندلاع الثورة ضد النظام السوري، وحدثت مجازر إنسانية وحشية، ودخلت على خط الثورة فصائل وأطراف عديدة حتى لم تعد هناك ملامح واضحة لمن يقود مقاومة النظام أو من يمثل شرعية الثورة. كل ذلك وأمريكا تناور وتتعامل مع الوضع كمن يقول: لم تحن الساعة بعد.
هل باستطاعة أحد أن يقتنع تماما بأن استخدام السلاح الكيماوي هو السبب الذي جعل أمريكا تقول إن النظام السوري تجاوز الخط الأحمر، وهل لم يكن باستطاعة أمريكا معرفة أن هذا السلاح كان مستخدما منذ وقت سابق، كما أكدت كثير من المصادر، وهل موت 150 إلى 200 بالكيماوي هو الذي حرك ركود الموقف الأمريكي، ليتحول إلى إعلان الدعم المسلح للمعارضة، رغم أنه لم يتم الإفصاح بعد عن حجم ونوع هذا الدعم؟.
جاءت أمريكا بعد خلط الأوراق واختلاط الأطراف وتبدل المواقف واختلاف موازين القوى في الساحة السورية، وبعد أن أصبح الشعب السوري تائها لا يعرف من يمثله ومن سيتولى أمره غدا. كل الأطراف الرئيسية في اللعبة ليس بينها خلاف، كما قد يبدو للساذجين أمثالنا، كلهم يمارسون السياسة بأدواتها البراغماتية ونحن نمارسها بالعاطفة، ولذلك دائما تبدو أسئلتنا مضحكة لهم. وسيستمرون في الضحك علينا ومنا.