الرئيسة \  تقارير  \  المعابر ورقة تركية على طريق التطبيع مع سوريا

المعابر ورقة تركية على طريق التطبيع مع سوريا

05.10.2022
العرب اللندنية


العرب اللندنية
الثلاثاء 4/10/2022
دمشق - بدأت أنقرة مؤخرا بالتمهيد لفتح الطرق والمعابر بين مناطق نفوذها في الشمال السوري، ومناطق سيطرة القوات السورية وصولا إلى دمشق، في مسعى لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد إلا أن الخطوة تصطدم بفيتو أميركي.
وأفادت تقارير إعلامية بأن أنقرة أعلمت الفصائل الموالية لها شمالي سوريا باقتراب فتح ثلاثة معابر إنسانية جرى إغلاقها سابقا تصل مناطق سيطرة الحكومة السورية بالشمال السوري كاملا، وشدّدت تركيا على أن المعابر المشار إليها ستفتح بشكل دائم، على خلاف الآليّة القائمة حاليا والمقتصرة على فتحها خلال إرسال المساعدات الإنسانية عبر الخطوط فقط.
وتؤشر الخطوة على أن تركيا عازمة على استثمار ورقة المعابر المحلية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وذلك في إطار عودة علاقاتها مع دمشق، وتأمين مصدر تمويل اقتصادي من شأنه مساعدتها في دفع مستحقات فصائل “الجيش الوطني”، الموالي لها شمالي سوريا.
ويرى المحلل السياسي عقيل حسين أن ” بدء تركيا بخطوات فتح المعابر هو بمثابة تعزيز للثقة بين أنقرة ودمشق، وذلك ضمن خطة إعادة العلاقات بين الجانبين، في حين ستعالج تركيا ملف وجودها في سوريا عبر اتفاقيات سابقة”.
ويقول حسين “لن يتوقف الأمر عند فتح المعابر بين مناطق نفوذ تركيا ومناطق سيطرة النظام، بل المطلوب بالتأكيد هو إعادة فتح الطريق الدولية، وصولا إلى تشغيل الطريق الذي يربط بين تركيا والأردن عن طريق سوريا“.
ملف عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق يواجه عوائق أبرزها الرفض الأميركي لأي خطوة تركية في التقارب مع سوريا
وكشفت تقارير إعلامية عن اجتماع بين وزراء خارجية “مسار أستانة“، انضمّ إليه لاحقا المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، لمناقشة سُبل دفع العملية السياسية قُدما، بالإضافة إلى ملف المساعدات الإنسانية، وطرق تسريع وتيرة إيصالها، وإزالة العوائق أمامها.
وبحسب التقارير فإن “تركيا كانت قد جهّزت ورقة عمل حملتها معها إلى نيويورك، تشتمل على مجموعة قضايا من بينها الوجود العسكري التركي في سوريا، والذي تطالب دمشق بإنهائه كخطوة أوّلية للانفتاح بين البلدين“.
في حين تؤكد أنقرة على ضرورة بقاء قواتها في الأراضي السورية، مع إمكانية سحبها وفق جدول زمني محدد، مقرون بخطوات مقابِلة على الأرض، “متعلقة بملف قوات سوريا الديمقراطية وملف اللاجئين السوريين بالإضافة إلى تحقيق قفزة في مسار الحلّ السياسي“.
ويعتقد حسين أن أنقرة ستعالج ملف وجودها العسكري بناء على الاتفاقيات الموقّعة بينها وبين دمشق من جهة، وبينها وبين الدول الفاعلة في الشأن السوري والحليفة مع دمشق وتحديدا روسيا من جهة أخرى.
وحول ذلك يضيف حسين “كما هو معلوم، تركيا ترتبط مع النظام باتفاقية أضنة عام 1998، التي تتيح لقواتها التوغل في الأراضي السورية مسافة 5 كيلومترات من أجل ملاحقة التنظيمات الإرهابية، كما ترتبط مع روسيا ومن خلفها النظام بطبيعة الحال باتفاقية عام 2019 التي تمنح الجيش التركي الحق في التوغل بعمق الأراضي السورية بعمق 30 كيلومترا، وبالتالي تركيا تتعامل مع ملف وجودها العسكري بناء على الاتفاقيتين، وتعتقد أنها ليست مضطرة لتقديم تنازلات بهذا الصدد من حيث المبدأ، لكن برأيي عند الوصول للتفاصيل يمكن لتركيا أن تقدم بعض التنازلات؛ لكن بما لا يشمل بطبيعة الحال انسحابها الكامل من الأراضي السورية“.
وكانت فرقة “السلطان مراد“، المنضوية في صفوف “الجيش الوطني“، الموالي لتركيا سمحت قبل أيام بعبور شاحنتين تحملان مادة البرغل عن طريق معبر “أبوالزندين“، الفاصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الجيش السوري في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وذلك للمرة الأولى بعد سنوات من إغلاق المعبر.
المشهد الفصائلي في الشمال السوري لم يتغير، إذ لا تزال العشرات من الفصائل تنشط خارج إطار هذا "الجيش"
وتباينت التحليلات حول افتتاح المعبر الفاصل بين الجيش السوري، و“الوطني” المدعوم من أنقرة، خصوصا بعد الإعلان الذي صدر عن قيادة الأخير الأسبوع الماضي، بتشكيل ما يسمّى “مجلس ثوري موحد“، وذلك بهدف توحيد كل من القيادة العسكرية، وإنهاء حالة الانقسام والاحتراب.
وقال الباحث في العلاقات الدولية، علي بوركو إن “تشجيع تركيا لتفعيل هذه المبادرة، وقبول قادة الفصائل خلال مدة قصيرة عليها يدل على أن الرؤية التركية بدأت تتبلور حول المصالحة السورية التركية، ودور الفصائل في هذا التقارب.
وهذا التقارب غير المسبوق بعد عداوة مريرة، يوحي بنظر بوركو أن أنقرة ذاهبة نحو تطويع الفصائل إلى أن تكون أكثر مرونة مع دمشق ورأب الصدع بين الجانبين، خصوصا وأن آفاق الحل السياسي باتت شبه معدومة فيما يخص الملف السوري على المستوى الدولي.
ويشير مراقبون إلى أن فتح المعابر يساهم في تعزيز قدرة الطرفين على تمويل عملياتهما من النقد الأجنبي، حيث يمكنهما الاستفادة من الدولار الأميركي في مناطق المعارضة بينما يتعامل بالليرة السورية في المناطق الواقعة تحت سيطرة دمشق.
والمشهد الفصائلي في الشمال السوري لم يتغير، إذ لا تزال العشرات من الفصائل تنشط خارج إطار هذا “الجيش“، الذي لا يملك سلطة القرار على الفصائل، وهذا برأي محللين يقود نحو أن تكون الرؤية التركية الجديدة هي إعادة تأهيل دمج هذه الفصائل مع دمشق من البوابة الاقتصادية بداية لطمأنة الطرفين، ومن ثم الضغط نحو إعادة دمج الطرفين.
ويواجه ملف عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق العديد من العوائق أبرزها الرفض الأميركي لأيّ خطوة تركية في التقارب مع دمشق.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، للصحافيين قبل أسابيع، “لكن لكي نكون واضحين لن تعرب الإدارة الأميركية عن أيّ دعم لجهود التطبيع مع بشار الأسد أو إعادة تأهيله، ولا تنوي الولايات المتحدة رفع مستوى علاقاتنا الدبلوماسية مع الأسد، ولا ندعم تطبيع العلاقات بين الدول الأخرى أيضا“.