الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعارضات في سورية.. إلى أين؟

المعارضات في سورية.. إلى أين؟

29.05.2013
جهاد المحيسن


الغد الاردنية
الاربعاء 29/5/2013
ربما تكون المعارضات في سورية من أكثر المعارضات انقساما، ويمكن لها أن تحتل المركز الأول في موسوعة "غينيس" لو أرادت ذلك، والتي قام مبكرا كل فصيل من فصائلها بتسجيل أوراق اعتماد معارضته لدولة ما في العالم. ولذلك، فقدت هذه المعارضات المتشظية والفسيفسائية قدرتها على خلق الحد الأدنى من التوافق على قيادة لها، ما أضعف صورتها لدى القوى الداعمة لها، والتي ورطتها في حربها على سورية.
وفي كل مرة تؤكد هذه المعارضات على انقسامها وتعدد ولائها. ففي اجتماعات اسطنبول الأخيرة، لم تتمكن من توحيد صفها، رغم أن باقي الأطياف المعارضة لم تكن موجودة أصلا في هذه الاجتماعات، وفشل الائتلاف الوطني في تحقيق الحد الأدنى من التوافق بين المعارضين المختلفين أصلا، كل حسب مرجعيته الدولية؛ سواء أكانت قطرية أم سعودية أم تركية، أو غيرها من أقطاب المعادلة الدولية اللاعبة في الساحة السورية.
نحن، إذن، أمام تيارات متصارعة، تتنازعها انتماءات أيديولوجية ودولية مختلفة، تتوزع ما بين الإخوان المسلمين والعلمانيين والليبراليين. وهذه التيارات بات في حكم المؤكد أنه قد استطابت لها لعبة العبث والرقص فوق دماء السوريين باسم الثورة!
ويبدو أن مستقبل هذه المعارضات، إذا ما أضفنا إليها القوى الراديكالية السلفية التي تقاتل في داخل سورية، سيحمل مزيدا من الانشقاق والتفكك، ويؤكد على وجهة نظر النظام السوري عندما كان يقول دوما مع من نتحاور؟ ومن هم أو هي المعارضة؟
فقد تبين أنها معارضة تفتقد إلى الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية، وأنها قد ارتهنت لعواصم المال، ولم تعد تفكر مطلقا في التخلي عن شاشات الفضائيات والمقابلات الصحفية. ولذلك، فإن آخر اهتماماتها سيكون إيجاد حل للوضع القائم في سورية، لأن ذلك سيكلفها النعيم الذي عاشته في عامي الموت المنصرمين.
ورغم القرار الأخير لوزراء خارجية أوروبا في بروكسل برفع الحظر المفروض على الأسلحة، والذي جاء متوافقا مع الضغوطات والرغبات البريطانية-الفرنسية؛ البلدين الوحيدين في الاتحاد الأوروبي اللذين يطالبان منذ فترة طويلة بالعودة إلى خيار تسليح المعارضة، إلا أن هذا القرار لن يغير على أرض الواقع شيئا فيما يخص المجموعات المسلحة متعددة الجنسيات والهويات والولاءات في سورية؛ فهي تتكبد الخسائر في صفوفها بشكل منهجي ومنظم، وبما يدل على تماسك الجيش السوري الذي راهن كثيرون على انقسامه منذ اندلاع الحرب على سورية، ولم يعتقد ممولو تلك المجموعات أن سيناريو الحرب العبثية التي رسموها سيتغير بهذا الشكل السريع، وأن خططهم التي رسموها لإنهاء الدولة السورية وتحويلها إلى ركام لم تتحقق.
ولا يعدو قرار رفع الحظر الذي لم يكن مطبقا بشكل عملي على أرض الواقع سوى مناورة استبسل الفرنسيون والبريطانيون للتوصل إليها لتحسين وضعهم التفاوضي، بعد أن سحب الأصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية البساط من تحت أرجلهم، وتم الاتفاق على العناوين الرئيسة لمؤتمر "جنيف 2" في موسكو!