الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعارضة السورية أو "داعش"

المعارضة السورية أو "داعش"

04.01.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 3-1-2015
مفهوم تماماً أن تبدي فصائل المعارضة السورية، على اختلافها، تشككها -حد الرفض في بعض الحالات- في الجهود الروسية الحالية التي يقال إنها تهدف إلى إيجاد مخرج للأزمة في سورية. لكن الغريب فعلاً أن يأتي الهجوم على هذه الجهود، والذي يكاد يكون صريحاً ومعلناً، من قبل نظام بشار الأسد ذاته وحلفائه، كما يبدو ذلك خصوصاً في الحملة الإعلامية المنسقة التي تحاول التقليل من وزن وتأثير قوى المعارضة التي يُفترض أن تشارك في اجتماعات موسكو الموعودة نهاية هذا الشهر.
إذ يمكن الاتفاق حتماً على أن المعارضة السياسية المدعوة أو يُفترض دعوتها إلى "حوارات" موسكو لا تملك اليد الطولى في الصراع على الأرض. لكن، هل يريد نظام الأسد، بالنتيجة البدهية، التفاوض مع تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" (واللذين يمكنهما المطالبة بمفاوضة إيران وروسيا اللتين تبقيان النظام حياً)؟! طبعاً، لا يبدو ذلك منطقياً أو ممكناً، إنما هدف النظام الذي لم يتغير رغم قرابة أربع سنوات من الحرب في سورية، هو رفض تقديم أي "تنازل"، بأي شكل أو درجة، يؤدي إلى إصلاح حقيقي، ويمكّن المعارضة السورية، بما فيها معارضة الداخل، من إقناع السوريين بإلقاء السلاح وإنهاء الحرب.
المؤسف أن هذا "التذاكي" المخجل إزاء حجم الموت والدمار في سورية، صار يجد صدى لدى الروس، ربما تعبيراً عن ضعف إزاء تعنت النظام، وذلك من خلال محاولة اصطناع معارضة سورية لا تملك أي مشروعية، ولو حتى رمزية بالحد الأدنى، تمكنها من المساهمة فعلياً في التوصل إلى حل حقيقي للأزمة. ولعل خطر تحويل روسيا جهودها إلى حملة علاقة عامة لصالح الأسد (هذا إن لم تكن النية مبيتة بهذا الاتجاه أصلاً)، عبر إلقاء اللوم لاحقاً على المعارضة في فشل "الحوارات/ المفاوضات"، هذا الخطر يتبدى في مطالبة هيئة التنسيق (معارضة الداخل) موسكو، في رسالة خطية إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف، بأن "يتم حساب بعض المدعوين من مؤيدي النظام ضمن وفد النظام وليس ضمن وفد المعارضة". فهل تريد روسيا تدمير مصداقيتها حتى لدى المعارضة التي يقال إنها محسوبة عليها؟ أم تريد تدمير مصداقية هذه المعارضة؟ وفي الحالتين يكون السؤال: لأجل أي شيء، وضمن أي رؤية؟ فالأسد منذ اليوم الأول للثورة، استخدم أشد أساليب القتل والتنكيل بحق السوريين، وبدعم مطلق من روسيا وإيران في ذروة قوتهما السياسية والاقتصادية، لكن النتيجة كانت استمرار الاقتتال والدمار، بل وأصبح مجرد ظهور الأسد في دمشق، وتحت جنح الظلام، خبراً استثنائياً يحتفى به إعلامياً!
ما يجب الإقرار به في سورية، من قبل حلفاء النظام تحديداً، هو أن القاعدة الحاكمة الآن لم تعد: الأسد أو "داعش" وأشباهه، بل الصحيح فقط هو: إما تمكين المعارضة المعتدلة أو تمكين "داعش" والتطرف والإرهاب عموماً. وعلى هؤلاء الحلفاء أن يختاروا بشكل واضح بين الأمرين، حرصاً على مصالحهم وليس على دماء السوريين حتماً، وقد دعموا سفكها سنوات بلا أدنى تردد.