الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعارضة السورية في جنيف ـ 2.. الحضور المهم

المعارضة السورية في جنيف ـ 2.. الحضور المهم

30.01.2014
علي الرشيد


الشرق القطرية
الاربعاء 29/1/2014
ما زالت انتقادات كثيرين ممن هم في صفوف المعارضة السورية تنصبّ على وفد الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة بدءا من مجرد قبوله الدخول في عملية تفاوض مع النظام السوري في جنيف ـ 2 والجلوس إلى طاولة حوار معه، ومرورا بأدائه الفني في هذا الماراثون المتواصل حتى الآن، وليس انتهاء بالمستقبل العبثي المنتظر لهذا اللقاء ـ من وجهة نظرهم ـ بالنظر إلى قوة النظام وسجلّه المعروف بالكذب والمكر والخديعة والمراوغة.
وقبل الخوض في تقييم المشاركة وجدواها وأداء الفريق المفاوض لائتلاف المعارضة لابد من الإشارة إلى ما يلي:
ـ كلا الطرفين (النظام والمعارضة) أتى للمفاوضات مُكرها، وقد مورست على كليهما ضغوط كثيرة مما يسمى المجتمع الدولي، ولكل من وراء عدم رغبته بالحضور أصلا دواع ومبررات.
ـ كل قادة الثورات والتغيير عبر التاريخ القريب والبعيد كانوا يقاتلون ويفاوضون، ولا غضاضة في هذا الأمر، فالنضال والمقاومة ماهما إلا وسيلة للوصول إلى أهداف سياسية، وتأملوا ذلك في سير قادة عظام كعمر المختار وبيجوفيتش للتأكد من برهان ذلك، دون أن يخوِّنهم أحد. ـ إن من أهم الأسباب التي قد استدعت المفاوضات هو عدم تمكن أي من الطرفين (النظام والثوار) من الحسم أو التفوق الواضح على الأرض، بغضّ النظر عن الأسباب التي أوصلت الأمور إلى هذا الوضع، ومن أهمه الدعم الروسي والإيراني اللا محدود للنظام، بما في ذلك الخبراء والسلاح النوعي ومقاتلو مليشيات حزب الله وغيرها، مقابل تقصير واضح في عدم تزويد الثوار بالسلاح المؤثر من قبل من يُدعون أصدقاء سوريا، بحجة الخوف من الجماعات المتطرفة.
ـ المفاوضات لم يمض على بدئها سوى أيام بعدد أصابع اليد الواحدة، وبالتالي فإن من المبكر التسرّع في الحكم على الأداء، كما أن من غير المعقول التشاؤم والتهوين وعدم الثقة وسوء الظن، والانطلاق من الأحكام المسبقة.
من الواضح أن النظام منذ الجلسة الافتتاحية لم يكن مرتاحا، وتلقى عددا من الصفعات تمثلت في الآتي:
ـ الاعتراف بالمعارضة الممثلة بالائتلاف كندّ له، ينبغي عليه التفاوض معها، بعد أن كان يرفض مجرد التلفظ باسمها، وهو ما يعني اعترافا ضنميا من قبله بها.
ـ الضغط على النظام من قبل المعارضة وأطراف دولية لبحث مسألة حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وتشكيلها، ووضع جدول زمني للتفاوض حول هذه النقطة بناء على مقررات جنيف ـ 1 وتهديد المعارضة له بالانسحاب فيما تمت المماطلة بهذا البند.
ـ بينما بدا وفد المعارضة أمام العالم منضبطا في أدائه موحدا في موقفه ومطالباته، مؤكداً على القبول بنتائج ومقررات جنيف ـ 1 بدا وفد النظام مشاكسا، خارجا عن الأعراف الدبلوماسية، مماطلا، ومراوغا، يحاول التملص من نتائج جنيف ـ 1 وأهمها الحكومة الانتقالية كاملة الصلاحيات ووجوب رحيل الأسد ومن تلخطت دماؤهم بدماء الشعب السوري من الحاشية التي هي حوله.
ـ بدا النظام مرتبكا بشأن تلبية الملفات الإنسانية سواء بفكّ الطوق عن المناطق المحاصرة، والكفّ عن تجويع الناس والإفراج عن النساء والأطفال، كما بدا عاريا أمام عالم متحد يطالبه بإنجاز ذلك وهو يرفض.
ـ ظهور التشبيح الإعلامي للنظام ومفاوضيه على الملأ والمتمثل بسبّ الدول والأشخاص والقنوات التلفزيونية جهارا نهارا، واستخدام لغة التهديد والوعيد خارج اللياقة الدبلوماسية منذ الجلسة الأولى (خطاب وليد المعلم وزير خارجية النظام) ولغة الكذب، وضم شبيحة وعناصر أمنية تحت مسمى الإعلاميين التابعين له لمضايقة الإعلاميين ومراقبتهم ومهاجمتهم بالألفاظ النابية، وخرق قواعد التفاوض المحددة من قبل الأمم المتحدة، حيث سربوا وثيقة قدموها لغرف التفاوض، ثم توجهوا للإعلام بكثافة لاتهام الائتلاف برفضها.
ـ مما ساعد على ظهور المرتبك لوفد النظام أولا: ما أظهرته وكالة الأناضول بالتزامن مع انطلاق المؤتمر الدولي، من جرائم التعذيب والتجويع من خلال 55.000 صورة موثّقة، والتي أودت بحياة 11.000 معتقلا، وتأكيد خبراء ومحققين دوليين أن ماتمّ يرقى لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وثانيا: الأداء المتميز لوفد المعارضة، ووضوح أهداف تحركه ولغته الإعلامية، بدءا من كلمة الجربا التي تتحدث بلغة الأرقام والشواهد والحقائق المحددة، دون اتهامات تلقى جزافا.
لا أحد ينكر أن النظام قد يلعب على عنصر الوقت، مستخدما المراوغة والمكر وتشتيت المعارضة بأمور ثانوية وفرعية جدا، دون أن يقدم لها أو للشعب السوري شيئا، لكن ما ستكسبه المعارضة ضمن جدول زمني محدد من (3 ـ 6) أشهر على أبعد تقدير، هو ممارسة مزيد من الضغوط السياسية والإعلامية والحقوقية ضده، وإظهار مزيد من فضائحه وتشبيحه، وعدم تلبيته للحد الأدنى من المتطلبات الإنسانية لشعبه المحاصر والمعتقل من قبله، وعلى الأقل عدم منح النظام نصرا رخيصا، بوصفه الجهة التي تبحث عن حل سياسي فقط، بينما لا ترغب المعارضة بذلك. إعطاء النظام نصر رخيص بإظهاره على أنه الجهة التي تبحث عن حل سياسي وتمكينه من قلب الطاولة
وخرق قواعد التفاوض المحددة من قبل الأمم المتحدة، حيث سربوا نص وثيقة قدموها في غرفة التفاوض، ثم توجهوا للإعلام بكثافة لاتهام وفد الائتلاف الوطني
ماذا نستفيد من الهروب من جنيف سوى إعطاء النظام نصر رخيص بإظهاره على أنه الجهة التي تبحث عن حل سياسي وتمكينه من قلب الطاولة على المعارضة؟ ماذا نستفيد من الهروب من جنيف سوى إعطاء النظام نصر رخيص بإظهاره على أنه الجهة التي تبحث عن حل سياسي وتمكينه من قلب الطاولة على المعارضة؟
ماذا نستفيد من الهروب من جنيف سوى إعطاء النظام نصرا رخيصا بإظهاره على أنه الجهة التي تبحث عن حل سياسي وتمكينه من قلب الطاولة على المعارضة؟