الرئيسة \  مشاركات  \  المعارضة السياسية السورية بين الارضاء والأخطاء

المعارضة السياسية السورية بين الارضاء والأخطاء

14.02.2015
د. ابراهيم رمضان الشدادي



القول أن المعارضة السورية باتت تثبت فشلها وبأمتياز ربما من الأجحاف وسوء التقدير, نظرا للظروف الدولية والأقليمية المخيبة للأمال ,ولكن هذا لا يعني الأستعانة بالصمت والمكابرة والمزايدة وترك الشعب السوري في مهب الريح بين الحصار والنزوح واللجوء هو الحل البديل والأمثل,ولكن التحلي بالشجاعة في الطروحات والرؤى تشترط أمتلاك تجربة سياسية غنية بالانكسارات والانتصارات الشيء الذي يفتقره المعارضة السورية تبعا للنظام السياسي الحاكم الذي صادر الحياة السياسية جملة وتفصيلا لفترة زمنية تفوق أربعة عقود ,واستحكم قبضته على جميع المفاصل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأعلامية للمجتمع السوري ,وبالتالي تمكن النظام وبجدارة بأستبداده وشموليته وقمعيته أحداث تغييرا جذريا في بنية المفاهيم الفكرية, فالنخبة مثلا لم تعد تحمل نفس المدلول بالأفعال أو بالأعمال ,وباتت عصية على الفرز الفلسفي والتنظيري ,والايدولوجيا لم تعد بنفس المقاييس العقائدية الناظمة لبنية المجتمعات أنما باتت أقرب الى الالغاز والاحجية ,وأمست ظاهرة غريبة تعني القدرة على التلاعب بالعبارات والمفردات بغية رسم حدود فكرية وعقائدية للمجتمع ,وترويضه داخل هذه الحلقة الايدولوجية بمفاهيم ذرائعية كاذبة,ولا نريد الاطالة في المقدمة والأسهاب في تفكيك لغز النظام البعثي الذي يحتضر كي لا يضيق بنا المجال في هذا السياق ,وأعتقد من الكافي ما أوردناه مسبقا للحكم على المعارضة السورية التي وضعت بغتة على المحك بأنهم أناس هربوا من أسوار ومتاريس محصنة أشبه بالمصحات الأمراض العقلية أو مراكز غسيل الدماغ ,وهذا لا يعني أنتقاصا من القيمة الفكرية والسياسية للمعارضة السورية بل ينبغي أيراد هذا الشيء في مقدمة المرافعات للدفاع عن المعارضة ,
ومما لا يخفي على أحد بمختلف توجهاته أن المعارضة في سوريا كانت تجارب فردية ,ومندرجة تحت مسمى الترف الفكري وتطغى عليها الطابع الارستقراطي فعلا أو عملا ,وبالمناسبة الكثير من الشخصيات الفكرية قاموا بجهود تستحق الاحترام والتقدير بيد أنها بقيت قاصرة لأنهم لم يتمكنوا من صناعة حاضنة شعبية تتبناهم أو تتبنى حتى أفكارهم كما ذكرنا لأسباب تتعلق بالقمع والبطش من قبل النظام الحاكم, وهذا الأمر أنعكس سلبا على تلك الشخصيات وباتت عاجزة على أحداث ظاهرة على الأرض في المرحلة الثورية التي أجتاحت المجتمع بغتة ,
لاريب التعقيدات التكوين المجتمعي للدولة السورية أضافت عبئا جديدا للمعارضة السورية ,ويتجلى هذا الأمر بوضوح في قضية الخوض بالمزايدات الى حد الوصول الى بازارات رخصية مما شوهت صورة المعارض والمعارضة جمعا وفردا ,وأشغلتها عن عوامل الالتحاق بركب الحاضر ونزوع نحو المستقبل , بل أفلستها ,كونها تدفع أستحقاقات الماضي بأثر رجعي, وبغية توضيح الصورة لا ضير لو أتخذنا المكونين الأساسين للشعب السوري عرقيا – الكردي والعربي – مع الحفاظ على مشاعر باقي المكونات بالطبع ,
ما هو ليس بخاف على أحد بقاء القضية الكردية (وبغض النظر عن الأطروحات وأبعاد هذه القضية في أدبيات التنظيمات الكردية وأنما أخذها بالمنحى الحقوقي والاجتماعي فقط ) طي الكتمان وحبيسة الدروج الأقبية الأمنية السورية ,وبالتالي أصبحت المعارضة السورية العربية تتحمل جزءا من أخطاء النظام البعثي من منظور الثوري الكردي التي بدأ يرى النور ,وهذا الامر مع أنعدام قناعاتي به ولكن لا يعني بنفس الوقت أنه لم تثقل كاهل المعارضة السورية العربية بعبئ جديد مرافقا الشعور ببراءته من هذه القضية وفي الحقيقة أجده من الأنصاف القول بأنهم أبرياء من ممارسات النظام البعثي ,بالمناسبة موضوع الأمني للقضية تستغل على حدود الطرفين ,الأولى المزايدات الكردية –الكردية أي طرف قضى أكثر حالات الاستجواب والسجن  في أقبية النظام البعث يحلل لنفسه ما شاء,والثانية تستغل في قضية سعي بعض الأكراد أنتزاع ما يشبه الأعتذار من المعارضة السورية لممارسات النظام البعثي بحق الكورد الأمر الذي يترفع عنه المعارضة ويتمسك به بعض الكورد على مبدأ كلمة حق يراد بها باطل.
فالمعارضة السورية التي تحلت بدرجات شديدة من الحذر والحرص على مفردات خطابه السياسي وجدت نفسها أمام تراث من الأعباء والأخطاء والصعوبات برغم من قصر فترة الزمنية لتجربتها السياسية ,فالمجلس الوطني بأعتقادي كانت تجربة تجسيدية للتخلص من الأحكام المسبقة (كالأقصاء والتهميش والتصنيف )الراكدة في خاطر جميع المكونات الدولة السورية ,وبالتالي جاهدوا مشكورين لتمثيل المجتمع السوري بما فيه التوجهات القبلية والعشائرية, مما أدى الى صناعة مجتمع لايمكن السيطرة عليه نظرا لتشعب الرؤى والطروحات تبعا لتوجهات المتمثلة لأطيافها مما أشغلتها عن القضية المركزية والأساسية, وهي أعادة بناء الدولة السورية تتصف بالمواطنة المتساوية على أساس مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الأجتماعية بعيدا عن الانقسامات العرقية والطائفية والدينية والمذهبية وبعد مرور كل هذا الوقت أزدادت المعوقات
بلا شك المسؤولية تنبغي أن تكون جماعية مع الأخذ بعين الأعتبار الأطر والأليات المؤقتة أو الدائمة والفصل بين القضايا الطارئة والاستراتيجية والمؤائمة بين المعطيات والمخرجات الأمر الذي لم يحصل حتى بالمستويات الدنيا ,أنما أتسمت بالارتجالية والأنشائية يتخللها الشعاراتية والانفعالاتية ومن جميع بالأطراف وبمبدأ التعادل – واحدة بواحدة –الأمر الذي أبقى النظام البعث منتصرا مع الأبقاء على حالة التعادل بين المعارضة ,والمتفق عليه أستغل النظام وبأحترافية جميع هفوات المعارضة الى حد أستغلال طرف على حساب الأخر ونظرا للضغوطات الاقليمية والدولية التي شلت مفاصل المعارضة السورية أجبرت الخطاب السياسي العربي على أستخدام المفرادت تتسم بنوع من العنجهية ,أما فيما يتعلق بالخطاب السياسي الكردي فهو دائما يتسم بالأزدواجية مما يجعل من الصعوبة التعامل معه لمستوى الكردي –الكردي ,ناهيك عن أمكانية القدرة على الموائمة بين الخطابين الكردي والعربي وتوظيفها من أجل تحقيق المصلحة العامة للشعب السوري بمختلف مكوناته وأنتشاله من حالة اليأس والضياع