الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعارضة وثوار سوريا .. ما هكذا تورد الإبل !

المعارضة وثوار سوريا .. ما هكذا تورد الإبل !

03.10.2013
علي الرشيد


الشرق القطرية
الاربعاء 2/10/2013
كأنه لا يكفي  الشعب السوري والثورة السورية، ما يواجهانه من تحديات، وما يعتري ملفهما من تعقيدات لأسباب كثيرة ، أهمها: إجرام هذا النظام الذي ثبت أنه لا حدّ لدمويته، والدعم اللامحدود الذي يتلقاه من إيران وروسيا، وتخاذل المجتمع الدولي والأصدقاء والأشقاء عن نصرة الشعب السوري، لأسباب معروفة، وهو ما أسهم في إطالة أمد هذه الأزمة ، ومضاعفة حجم الآلام والتضحيات التي يدفع ثمنها هذا الشعب غاليا.. كأنه لا يكفيهما كل ذلك، حتى تزيد المعارضة بشقيها الثوري والسياسي، في الداخل والخارج الوطأة عليه ، وتدخله في دوّامة من الحزن والهم والقنوط ، بسبب خلافاتها إلى حد التناحر أحيانا ، وغياب الرؤية المشتركة لها، والموقف الموحد الذي ينبغي تسعى لبلوغه ولو بالحدود الدنيا.
أقول هذه الكلام بسبب عدة ممارسات غير مسؤولة صدرت عن أطراف هذه المعارضة في الآونة الأخيرة، سواء في إطارها الداخلي، أو بين مكوناتها المختلفة، ولعل أهمها ما يلي:
ـ تضارب التصريحات بين رئيس الائتلاف الوطني وبين عدد من المسؤولين فيه حول المشاركة في مؤتمر جنيف ـ2 ، مع عدم دخولي في صوابية أي من الرأيين ، علما بأن مثل هذه الحالة تكررت مع رئيس الائتلاف السابق معاذ الخطيب ، وهو ما يكشف عن ضعف البنية التنظيمية لهذا الائتلاف وهشاشة مأسسته.
ـ إعلان مجموعة من الفصائل والألوية المقاتلة على الأرض التابعة للجيش الحر وغيره، في المناطق المحررة بشمال سوريا ، عدم اعترافها بالائتلاف الوطني وما ينبثق عنه من هيئات كالحكومة وما يصدر عنه من قرارات .
ـ التنافس بين الفصائل المقاتلة على الأرض في المناطق المحررة، إلى درجة قيام بعضها بالاقتتال بالسلاح من أجل إقصاء الآخرين، ولعل أوضح مثال على ذلك ما قام به تنظيم ما  يعرف بـ " دولة العراق والشام الإسلامية " ضد "لواء التوحيد" وغيره من الألوية في المناطق المحررة في حلب  بالشمال السوري.
ـ الإعلان عن تشكيل الاتحاد الديمقراطي للسوريين قبل أيام والذي لا يعرف مبررات قيامه مع وجود الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، خصوصا أنه ليس حزبا جديدا ، مع الخشية في أن يكون إما لمنافسة الأخير ، أو ردة فعل من قبل التيارات العلمانية والليبرالية واليسارية، على ادعاءاتها المتكررة وانزعاجها المتواصل من حضور الإسلاميين الواسع في المجلس الوطني السوري سابقا  أو الائتلاف حاليا ، أو النزعة الدينية للفصائل المقاتلة على الأرض، والتي تقوم بتجميع وتكتيل نفسها في أطر جديدة كما هو الحال في " جيش الإسلام" التي تم تشكيله مؤخرا.
إن التصرفات السابقة تتسم بفهم ضيق ونظرة محدودة وأنانية قاصرة، لأسباب كثيرة، وينبني عليها مخاطر جمة، ويمكن إجمال أهم ذلك بما يلي:
ـ إن الثورة حتى تنجح لا بد لها من الإفادة من طاقات جميع أبنائها ، كلٌ في مجاله ، فهي تحتاج للسياسي  الذي يسهم في مجال المناصرة والتفاوض ويمثلها أمام العالم ، وهي بنفس الوقت بحاجة للمقاتل والثائر الذي يواجه النظام وداعميه على الأرض ، ولا غنى لها عن هذين الجناحين ، خصوصا في ظل ظروف فرضت هذا الواقع تاريخيا ولوجستيا ، ونظرا لغياب وجود شخصية كارزمية تجمع بين الأمرين معا ، ويجمع عليها الناس.
ـ الخلافات التي تطرأ والتي لا توجد إدارة رشيدة لها أو قواعد لتنظيمها ، قد تؤدي إلى زيادة في تصعيد أشكالها وإشكالياتها، ومن ثم  تفضي إما إلى الانقسام والتشرذم  في الائتلافات المشكّلة أو إلى الاحتراب والاقتتال بالسلاح، كما حدث مؤخرا في حلب، وهو ما يؤدي إلى إفناء قوة الثورة ، لصالح خصمها. ومن ثم الفشل والاندحار .الأصل أن يكون التفكير متجها لمزيد من التوحّد والتكتل والتعاضد أمام شراسة الخصم على مذهب : "لمت الآلام منّا شملنا" وليس العكس كما هو حاصل الآن.
الاختلاف سنة طبيعية من سنن الحياة، وهو أمر مفهوم ومقبول على مستوى الأفكار والمكوّنات، ولكن ما ليس مقبولا أو مفهوما ألا يستطيع أصحاب الهم والمصاب الواحد الذين يواجهون نظاما مستبدا وأعداء شرسين أن لا يتفقوا على الحد الأدنى من الرؤية الواضحة لمسارهم ، على الأقل، حتى إسقاط النظام، ويضبطوا إيقاع  التحرك عبره حتى بلوغ أهدافهم في الحرية والكرامة.