الرئيسة \  مشاركات  \  الملك سلمان سياسة الحزم والعزم

الملك سلمان سياسة الحزم والعزم

16.01.2016
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
تحظى المملكة العربية السعودية باهتمام كبير من حكومات دول العالم ، فقد وهب الله لهذه الدولة ثروة النفط شريان الصناعة وغيرها الرئيسي في العالم الى جانب أهميتها ومكانتها في العالم الاسلامي فالحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة يحظيان باهتمام ورعاية حكومة المملكة منذ توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود . وقد حرض أبناء المؤسس على حماية الحرمين الشريفين واستقرار المملكة سياسيا وأمنيا اضافة الى مساهمتهم باصلاحات عمرانية وبناء المؤسسات التعليمية والمنشئات والمدن الصناعية . وقد ساهم المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز / رحمه الله / من خلال تأسيسه للمنشئات العلمية  والمهنية اضافة الى بروز المملكة قوة اقتصادية لتصبح عضوا بين دول محور العشرين الصناعية والغنية القوية والرئيسية في العالم طموحات الكثير من اهل العلم والمعرفة التطلع للعمل في السعودية والمشاركة بشكل فعال في بناء الدولة السعودية الصناعية والعلمية .
والسعودية دولة تقع بمنطقة موضوعة على كف عفريت لم تعرف دولها وخاصة بلاد الشام / سوريا وفلسطين ولبنان باستثناء الاردن  / اضافة الى العراق منذ تاريخها الحديث بعيد انهيار دولة الخلافة العثمانية هدوءً واستقرارا، عدا عن ذلك فاليمن الدولة  الجارة للسعودية  تعاني من عدم استقرار سياسي وامني بل هي دولة وعلى حسب تأكيد الكثير من خبراء السياسة الدولية وخبراء منطقة الخليج العربي دولة فاشلة اضافة الى اطماع ايران في البحرين وفرض هيمنتها الدينية في اليمن للتحرش في السعودية من خلال تشجيعها شيعة السعودية على إثارة الاضطرابات ببلدهم . قادت السعودية حملة عسكرية مع بعض دول الخليج العربي لإطفاء نار الفتنة بالبحرين عام 2011 التي أشعلتها ايران بحجة مساعدتها لفئة معينة من الشعب البحريني الين يزعمون بان حقوقهم مهضومة ويريدون الحرية اكثر وارساء حقوق . كان التدخل العسكري الذي اطلق عليه وقتذاك بـ / درع الجزيرة / في عهد الملك عبد الله ن عبد العزيز رحمه الله .
الا انه بعد وفاته في الثالث من ربيع الثاني من عام 1436 هجرية الذي وافق لـ 23 كانون ثان / يناير من عام 2015  واستلام اخوه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز / حفظه الله / مقاليد السلطة وتغييرات اتخذها مثل  ترتيب البيت السعودي بما يتوافق مع المرحلة الجديدة في البلاد، وبما يتلاءم مع المعطيات السياسية والأمنية داخلية وعربية ودولية .
الا ان القرار باستعادة الشرعية في اليمن بالتدخل العسكري الذي يطلق عليه بـ / عاصفة الحزم /  ضد جماعة الحوثيين الذين يستمدون قوتهم من ايران ويعيثون باليمن فسادا ويريدون من وراء ذلك تحقيق أطماع ايران بمنطقة الخليج العربي  وإعلان السعودية مؤخرا عن تحالف اسلامي لمواجهة الارهاب كان لها الاهتمام الاكبر لدى  السياسة الدولية.
استطاع  المغفور له باذن الله وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل  ابراز قوة الدبلوماسية السعودية بقوة على جميع الاصعدة الدولية ، وباستلام عادل الجبير رئاسة الدبلوماسية السعودية اصبحت اكثر قوة فحضوره الممتاز بالمؤتمرات التي عقدت حول سوريا واليمن أثبت من خلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها مع نظراءه وزراء خارجية الدول الاوروبية الذين اجتمع معهم ومع وزيري الخارجية الامريكي والروسي جونكيري وسيرجي لافروف ان السعودية لن تركع للضغوط  وترفض بشدة اي تدخل بسياستها الداخلية ، فبالمؤتمر الصحافي  الذي عقده ببرلين مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير في وقت سابق من شهر آب /اوجسطس من عام 2015  أكد الجبير ان علاقات بلاده مع ايران  طبيعية والرياض مستعدة لتطويرها اذا اوقفت طهرا تدخلها بشئون منطقة الخليج العربي وخاصة في اليمن وأنهت  دعمها لنظام بشار اسد وهيمنتها السياسية والدينية على العراق مؤكدا في اكثر من  مناسبة انه لا مستقبل لاسد في سوريا المستقبل واذا لم يرحل طواعية فالحل العسكري سيرغمه على ذلك .
اعتقد الكثيرون بان الاتفاق الذي تم بين الدول المعنية بملف ايران النووي وبين ايران بانهاء ملفها النووي سياسيا ان يؤثر ذلك على السعودية سلبيا بحيث  ان تلجأ الرياض الى سياسة الانزواء والخضوع لابتزاز ايران وضغط الغرب ولكن تبين عكس ذلك .
اعلان السعودية عن تحالف اسلامي عسكري لمواجهة التنظيمات الارهابية في مقدمتها تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / الذي اساء للاسلام والمسلمين كان وراء تشكيك الكثير من المراقبين العسكريين والسياسة الدولية اذ يعتقد الكثيرون عدم وجود خطط  استراتيجية عسكرية لهذا التحالف وما اذا كانت الدول التي اعلنت السعودية انضمامها الى التحالف موافقة على ذلك . وقد وصف قائد الجيش الالماني السابق وعضو هئية رئاسة خطط حلف شمال الاطلسي / الناتو / العسكرية فيما بعد كلاوس ناومان ، المعروف بمعاداته للسعودية وتركيا وقطر ،  الاعلان بمثابة عرض السعودية عضلاتها امام إيران والغرب الا انه انتقد كلامه عندا استطرد قائلا بأن السعودية تريد قيام تحالفات اسلامية لمواجهة الغرب بشكل حقيقي والخطر على العالم يكمن في الرياض ، بينما اشار  خبير الشرق الاوسط لدى كتلة الديموقراطيين الاشتراكيين رولف موتسيرنيش ان التحالف العسكري خيالي مستندا الى تصريح منسوب لوزير الدفاع الاندونيسي  لوهوت باندجياتان عدم درايته ما اذا كانت بلاده قد دخلت التحالف الاسلامي الذي تريد السعودية قيادته وتصريح لوزير الخارجية الباكستاني عزيز شاوذري بانه تفاجأ باعلان الرياض عن التحالف المذكور.
سياسة الحزم والعزم التي تقودها السعودية منذ استلام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة ببلاده ومناداته وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز ان يكون وليا للعهد وإسناده حقيبة الدفاع لنجله الامير محمد بن سلمان وان يكون ولي ولي العهد ساهمت وضع السعودية باهتمام اكثر للسياسة الدولية .
فقد حذر جهاز المخابرات الالمانية الخارجية بتقرير وزعته في وقت سابق من كانون اول / ديسمبر الحالي من سياسة اندفاعية تكمن بتدخل الرياض بشئون الدول الاسلامية . وعزا الجهاز تحذيره هذا الى ان الامير محمد بن سلمان يريد من خلال منصبه إثبات شخصيته كرجل قوي على الساحة الدولية للسياسة ، فاعلانه مؤخرا على تحالف عسكري اسلامي ضد الارهاب يضم اكثر من اربع وثلاثين دولة دليل واضح ان القيادة السعودية الجديدة تسعى للتربع على زعامة الدول العربية والاسلامية معربا عن قلقه بروز نزاعات جديدة بمنطقة الشرق الاوسط تقف السعودية وراءها وسياسة الدبلوماسية الحذرة التي كان الجيل السابق من العائلة السعودية ينتهجها أصبحت تتلاشي لتحل مكانها سياسة قوة السعودية دبلوماسيا وميدانيا.
ويعتقد جهاز المخابرات بتحليله عن الوضع في السعودية ان ثقة العلاقات تلك الدولة مع الولايات المتحدة الامريكية تتلاشى باضطراد منذ  إعالان وزير الخارجية الامريكية جون كيري في وقت سابق من تشرين اول / اكتوبر من عام 2014 احتمال انتهاء النزاع مع ايران حول ملفها النووي من خلال زيارات ومباحثات سرية تمت بين واشنطن وطهران بدون لم الرياض فالسعودية وايران تتنافسان على زعامة منطقة الشرق الاوسط  والخليج العربي والعالم الاسلامي سياسيا ودينيا.  والسبب الرئيسي للخلاف بين السعودية وايران والنزاع بينهما على الزعامة الدينية والسياسية يعود الى العنف في سوريا واليمن والعراق والبحرين ولبنان  اذ تقوم ايران بدعم الميلييات الشيعية بتلك الدولة ولا سيما تاثيرها السياسي والديني في العراق ولبنان وتحاول من خلال دعمها اللا متناهي للحوثيين في اليمن التحرش بالسعودية واثارة القلاقل بها ، هذا التدخل السافر كان وراء التدخل العسكري السعودي بالتعاون مع بعض دول الخليج العربي في اليمن لوضع حد للمد الايراني بالمنطقة والسعودية تريد وراء تدخلها العسكري باليمن انها على استعداد كبير للمواجهة مع ايران عدا عن ذلك فالسعودية ومنذ استلام الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة تسعى من خلال علاقاتها الوطيدة مع بعض دول الغرب اقتناء المعدات العسكرية لتكون اكبر دولة عسكرية بمنطقة الشرق الاوسط .
ويرى تقرير المخابرات بان الامير محمد بن سلمان يسعى من خلال قوة شخصيته كسب الشعب السعودي وأفراد العائلة المالكة السعودية الى جانبه للمضي في سياسة القوة للسعودية التي تقف ولا تزال تؤكد دعمها للشعب السوري بانتفاضته على رئيس نظام تلك الدولة بشار اسد ، فمشاركة الرياض بمؤتمر فيينا تبين جراء موقف السعودية الصلب تجاه مستقبل بشار اسد  رفضها اي مستقبل له ببلاده وعليه ان يترك منصبه وتأكيد وزير الخارجية عادل الجبير ان على اسد ان يرحل وان  استمر على رفضه بالحل العسكري ضده هو الانسب . وطالب جهاز المخابرات الحكومة الالمانية تحديد علاقتها مع السعودية  وعدم تصدير لها معدات عسكرية الا بعد ان تعرف معرفة ما اذا كانت اسلحة السعودية ستذهب الى المعارضة السورية وتستخدم في الحرب اليمنية .
هذا التقرير كان وراء مطالبة رئيس كتلة الخضر بالبرلمان الالماني انطون هوفرايتر الحكومة الالمانية اصدار قرار بمعاقبة السعودية اقتصاديا وعدم  بيعها اي قطعة من السلاح  للضغط عليها وبالتالي وضع حد لبسط همينتها الدينية والسياسية بمنطقة الشرق الاوسط برمته  مؤكدا بتصريح لصحيفة / زاربروكين / يوم 7 كانون اول / ديسمبر ان تقرير المخابرات الالمانية يجب ان يؤخذ بجدية مضيفا بان السعودية التي تدعم الفكر الاسلامي الذي يدعو للمواجهة تريد ايضا ابراز قوتها سياسيا ودينيا واقتصاديا ليس بالعالم الاسلامي فحسب بل على الصعيد الدولي . بينما رأى ناطق شئون السياسة الدفاعية والخارجية لدى كتلة التحالف اليساري   بالبرلمان الالماني يان فان اكين بتقرير المخايرات بانه في غاية الخطورة وعلى الحكومة الالمانية انتهاج سياسة جديدة بتعاونها الاستراتيجي مع السعودية تكمن بتقليص هذا التعاون وعدم تسليحها .
الا ان الحكومة الالمانية أشارت بأنها لا علاقة لها  بتقرير المخابرات المذكور مؤكدة حرصها على تعاون استراتيجي مثمر مع الرياض ورأي المخابرات يعتبر عن وجهة نظرها فقط .
أما رئيس معهد بحوث الاسلام والدول العربية في جامعهة مدينة ماينتس / جنوب / دونتر ماير ، وصف تقرير المخابرات وتصريحات هوف رايتر وفان آكين بعدم الواقعية وتقرير المخابرات  مصدره المعادين للسعودية مؤكدا ان السعودية شريك استراتيجي واقتصادي هام لالمانيا والحكومة الالمانية ليها تطوير تعاونها الاستراتيجي مع الرياض لصالح السلام العالمي ودخولها التحالف الدولي ضد تنظيمات الارهاب الدولية ولا سيما ضد ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / لقي ترحيبا بالغام من جميع دول العالم واعلانها قيام تحالف عسكري اسلامي ضد هذه التنظيمات دليل كبير على حرص السعودية الحفاظ على سمعة الاسلام وأي سوء للعلاقات تنتهجه برلين ضد الرياض فالضرر سيلحق ببرلين فقط .
ويتساءل رئيس معهد بحوث الاسلام والشرق في جامعة  مدينة هامبورج  جيرهارد شوماخر عن سبب تجاهل المخابرات الالمانية السياسة التي تنتهجها ايران فهي تقوم بدعم شيعة العالم وتقوم بتجيند ميليشيات شيعية لمحاربة الشعب السوري وتقوم بدعم الحوثيين في اليمن الذين لا يملكون اي فكر سياسي ينهي العنف واعادة بناء اليمن من جديد وتقف وراء التمييز الديني في العراق واثارة الفتن في لبنان من خلال دعمها لما يُطلق عليه بـ / حزب الله / بينما تضع المخابرات الالمانية السعودية في راس الحربة فالسعودية تعاني من الارهاب اكثر من ايران وقامت بدعم المسلمين في جميع انحاء العالم ولا سيما دعمها ببناء المساجد والمعاهد الاسلامية في اوروبا ولم تضع فكر نشر العقيدة الوهابية كشرط اساسي لهذا الدعم على غرار ايران التي تضع  شروكها بمساعدة بناء المساجد ان يكون الفكر الشيعي منهجها لهذه  المساجد ، مؤكدا ان السعودية دولة اسلامية هامة تحظى باحترام بالغ من جميع قادة العالم الاسلام والغرب حريص على علاقات قويه معها .