الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المملكة ومجلس الأمن.. "الموقف" قبل "المقعد"

المملكة ومجلس الأمن.. "الموقف" قبل "المقعد"

20.10.2013
الوطن السعودية


السبت 19/10/2013
يمكن وصف اعتذار المملكة عن شغل مقعدها الذي انتُخبت له، في مجلس الأمن، بأوصاف إعلامية كثيرة، منها:، أنه مفاجئ، وتاريخي، وأخلاقي، وحازم، وغير مسبوق، واستثنائي، وفريد، وقوي، ومواجه، وبأنه تعبير عن الوصول إلى الدرجة القصوى من الاستياء الناجم عن فشل مجلس الأمن في النهوض بالمهام التي قام من أجلها.
الأهم من كل ذلك، هو أن السياسة الخارجية السعودية قائمة على أدبيات ثابتة عمادها الأخلاق، واحترام حقوق الدول ومواطنيها في العيش بسلام، وهو ما لم يحققه مجلس الأمن، لأنه يكيل بمكيالين، ويفرز القضايا الدولية بحسب مصالح قوى الهيمنة، وما فشله ـ عبر 65 عاما ـ في حل القضية الفلسطينية، ثم فشله في منع سفك الدماء في سورية، وقبل هذا وذاك فشله في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بأنواعها، إلا دلائل واضحة على أن سياساته غير معيارية، وأنها خاضعة لإرادات مسبقة، لا للوائح محددة.
المطالبات بإصلاح مجلس الأمن، والقول بأن نظامه لم يعد صالحا للزمان، يتردد منذ سنوات، وعبر قنوات كثيرة، بيد أن رغبة القوى المهيمنة في الإبقاء على الوضع الحالي حالت دون اتخاذ أي إجراء يعيد المجلس إلى أهداف إنشائه، ولذا كان لا بد من وجود مواقف قوية تتجاوز المطالبات إلى التعبير بوضوح عن الاستياء من "آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن"، مما جعل المجلس عاجزا عن تحمل مسؤولياته، وهو المتحقق في الموقف السعودي الحازم والحاسم.
أن تكون المملكة عضواً في مجلس الأمن الدولي بعدد كبير من الأصوات بلغ 176 من أصل 193، فهذا يعني أن العالم وضع ثقته فيها، وأن سياستها الدولية ذات ثقل كبير أهلها لأن تحوز على تلك الثقة التي لم تأتِ إلا بجهود مخلصة تجاه القضايا الإقليمية والدولية المهمة، جهود تمكنت المملكة عبرها من رسم مسارات سياسية متزنة تقرن القول بالفعل، ولا تعتمد على الارتجال في أدائها بقدر اعتمادها على الحسابات الدقيقة بما يقود للنجاح دائماً لتحقيق المنجز المأمول، لكن المملكة ليست الدولة التي تبحث عن دور أو تفرح به، إلا إذا كان فاعلا وحقيقياً ومحققا لآمال الشعوب.
المملكة ذات ثقل دولي سياسي كبير، سواء أكانت عضوا في مجلس الأمن أم لم تكن، ولذا كانت أخلاقيات السياسة السعودية أهم من تسجيل حضور شكلي في مجلس معطل؛ ذلك أن الدور الذي يمكن أن تنهض به المملكة وهي خارج المجلس أقوى تأثيرا، من الدور الذي يمكن أن تؤديه وهي عضو في مجلس ذي نظام متهالك، يمنح البعض حق التحكم في مصائر العالمين، دون حق واضح.