الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المنطقة بعد "داعش"

المنطقة بعد "داعش"

10.07.2017
د. شملان يوسف العيسى


الاتحاد
الاحد 9/7/2017
برزت في الآونة الأخيرة عدة تساؤلات في الصحافة والإعلام العربي والأجنبي حول مستقبل المنطقة العربية بعد القضاء على الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش" و"القاعدة" والأحزاب الشيعية المتطرفة مثل "حزب الله" اللبناني أو العراقي وغيرهما. وكان السؤال الرئيسي: هل ملاحقة فلول "داعش" في الموصل والرقة وغيرهما سينهي العمليات الإرهابية في المنطقة والعالم؟
الإجابة حتماً هي لا؛ لأن الكثير من دول العالم شكلت مراكز متخصصة لدراسة جذور الإرهاب وتمويله والفكر الذي يروج له، وبرزت على السطح مؤخراً تصورات متشائمة ترى بأن مرحلة ما بعد "داعش" ربما تكون أكثر خطورة من مرحلة "داعش" نفسها، فالجماعات الإسلامية المتطرفة في كل أنحاء المعمورة لن تختفي، خصوصاً وأننا نرى جماعات جهادية جديدة في آسيا وأفريقيا، كلها تحمل السلاح وتخوض مواجهات عسكرية ضد بلدانها.
الجماعات الإسلامية الجهادية المتطرفة لن تختفي إذا لم نعالج الأسباب والدوافع التي أدت إلى حمل السلاح وبروز التطرف والإرهاب. وهناك قلق متزايد من الوضع في العراق، إذ ثمة حالة من عدم الثقة لدى قطاع كبير من الشعب العراقي في الطبقة السياسية الحاكمة، حيث تغلب المصالح الشخصية والفئوية على المصالح العامة. فالأحزاب والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران لن تقبل بإعادة المناطق المحررة التي يقطنها السُنة والمسيحيون والآشوريون وغيرهم من الأقليات، إلى سكانها المحليين. لأن الأحزاب الطائفية لا ترى بأن حل المشكلة الطائفية يكمن في وحدة الشعب والأرض العراقيين.
إلى مَن سيؤول سلاح "داعش" في العراق بعد انتهاء المعارك ضد التنظيم؟ وهل سينتهي بيد مليشيات "الحشد الشعبي" والأحزاب الدينية المناوئة للحلول السلمية الداعية لتوحيد العراق؟ ومَن سيدير المناطق المحررة في الموصل والأنبار؟ وهل ستعود هذه المناطق إلى أهاليها الأصليين بعد تحريرها من الإرهاب، أم سيشهد العراق صراعاً جديداً على مناطق وأراضي السُنة؟ كل ذلك مرتبط بإدارة الحكم في العراق، وما إذا كان ساسته سيتفقون حول مستقبل بلادهم؟ وهل يدعمون وحدة أراضي العراق أم حكماً فيدرالياً يسمح للأقاليم بإدارة نفسها ذاتياً؟
الخلافات في العراق سوف تستمر وسوف تستمر معها العمليات الإرهابية. وكل المؤشرات السياسية ترى بأن العراق ما بعد "داعش" سيكون أكثر تعقيداً وتفككاً؛ فالأكراد يريدون الاستقلال، والشيعة يريدون الهيمنة مع التمتع بحكم ذاتي لمناطقهم في الجنوب. والسؤال مرة أخرى هو: ماذا عن السُنة وغيرهم من فئات الشعب العراقي؟ السُنة يرون بأن القوة الحقيقية بيد "الحشد الشعبي" المدعوم من الحكومة وإيران، بينما هم لا يملكون قوة حقيقية، لأن قانون الحرس الوطني لم يتم إقراره من قبل النواب الشيعة في البرلمان.
الدولة الوحيدة التي تستطيع تقرير مصير المنطقة عموماً، لاسيما العراق وسوريا، هي الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها بأن مهمته الرئيسة هي القضاء على الإرهاب، لكن عملياً وفعلياً هم يعملون على ضمان مصالحهم قبل كل شيء.
ومرة أخرى: ماذا عن دول الخليج العربي؟ وأين تكمن مصالحها في مرحلة ما بعد "داعش"؟ واضح أن المنطقة أصبحت تحت النفوذ الأميركي، فأميركا ستحمي دول الخليج من أي اعتداء خارجي، لكن مواجهة الإرهابيين في بلداننا تتطلب ترسيخ مفهوم المواطنة وحكم القانون، لضمان الاستقرار والأمن العامين.