الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المنطقة في خطر وعلينا حماية الأردن

المنطقة في خطر وعلينا حماية الأردن

30.05.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الخميس 30/5/2013
لأن كل هذا الذي يجري بين روسيا وأميركا في العلن والسر يشير إلى أن هناك لعبة دولية جديدة وأن هذه اللعبة على غرار «سايكس-بيكو» ستؤدي حتماً إلى زوال أنظمة، من بينها هذا النظام السوري بالتأكيد، وغروب شمس دول نستطيع التكهن بخرائطها من كل هذا الذي يجري في العراق والذي يجري في سوريا في ضوء هذا التدخل الإيراني وهذه «الممانعة» الروسية وقيام دول جديدة من المفترض أن يكون من بينها الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة.
لا دخان بلا نار وحقيقة أن تراجع الأميركيين خطوة بلا مقابل خطوتين إلى الأمام كما يقول فلاديمير لينين وليس فلاديمير بوتين، الذي يسعى لتنصيبه نفسه إمبراطوراً لروسيا الصاعدة الجديدة يدل على أنَّ وراء الأكمة ما وراؤها وأن هناك شيئاً يجري في الخفاء وأن جنيف2 التي يجري الحديث عنها قد تتحول إلى «يالطا» جديدة يتم تقاسم النفوذ بموجبها في هذه المنطقة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية.
لقد كان من الممكن أن تنتهي الأمور بسرعة وأن يسارع بشار الأسد إلى التنحي كما تنحى حسني مبارك وتحقن كل هذه الدماء التي سالت كما حُقنت الدماء في مصر وقد كان من الممكن ألاَّ يكون هناك كل هذا الدمار والخراب وكل هذه المآسي وكل هذه الأعداد من النازحين والمُشردين لو لم يستغل الروس الفرصة ويبادروا إلى وضع عصيهم في دواليب هذه الأزمة لتصعيب حلها والعمل على المزيد من تفاقمها لإستخدامها في تصفية حساباتهم مع الأميركيين وإستعادة إن ليـس كل فبعض نفوذهم في هذه المنطقة الشرق أوسطية الهامة والإستراتيجية والحساسة.
لا توجد في «لعب» الأمم لا عواطف ولا دوافع إنسانية وهناك مثلٌ أردني قديم يقول :»إذا هب هواك ذري على ذقن صاحبك» وحقيقة أن الروس قد ذروا على ذقن بشار الأسد وأنهم في نهاية الأمر سيضحّوا به بعد ان إستغلوا مأساة الشعب السوري لإثبات أن روسيا دولة عظمى وأنها نهضت من كبوتها وأنها أصبحت مؤهلة لإستعادة «مجد» الإتحاد السوفياتي الغابر وإلزام الأميركيين بالإعتراف بهذه الحقيقة والإذعان لضغطهم بإستعادة تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط وفي إفريقيا وفي مناطق حيوية في آسيا وأميركا اللاتينية.
إنَّ العلاقات بين الدول مصالح وليس عواطف ولهذا فإن بوتيـن، الذي يبـدو أنه يفكر جدياً في تنصيب نفسه إمبراطوراً لروسيا على غرار كبار أباطرة آل رومانوف، وجد أن مأساة الشعب السوري تشكل فرصة لتعويض بعض ما كانت خسرته بلاده بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي وقبل ذلك التي خسرت أوروبا الشرقية كلها وخسرت الشرق الأوسط بأسره، بإستثناء إستثناءات قليلة غير مضمونة، وخسرت أيضاً مناطق هامة في القرن الإفريقي وفي إفريقيا كلها.
إنه لا يمكن الإطمئنان إلى الدول الكبرى التي تصادق وتعادي وتقترب وتبتعد على أساس مصالحها وحقيقة أن هذا يجب أن يفرض علينا هنا في المملكة الأردنية الهاشمية أن لا نغْرق في ألاعيبنا الصغيرة التافهة فعلاً وأنْ يكون حتى نومنا كـ»نوم الذئب.. عين مغمضة وعين متيقضة ومفتَّحة» إذْ أن هناك كثيرين مثل الذين إستغلوا الأزمة السورية لتصفية حساباتهم مع الأميركيين على حساب الشعب السوري.. إنَّ هناك خرائط جديدة لهذه المنطقة وعلينا أن ندرك معنى كل هذا الذي يجري في العراق ومعنى كل هذا التدخل الإيراني في الشأن السوري ومعنى إلتحاق حزب الله بحرب بشار الأسد على شعبه.