الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المهنئون والمعزون في القصير

المهنئون والمعزون في القصير

09.06.2013
جمال الشواهين

السبيل
الاحد 9/6/2013
يرقصون على الدماء وجراح أرامل وأيتام من عزف على بوق ينعق بالخراب والدمار والجريمة، ثم يتمايلون طربا على صراخ الخوف من ذبح إلى اغتصاب فتنكيل بالصغير والكبير، وليس مهماً إن كان ذكرا أو أنثى. ويرفعون رايات النصر سوداء من قيح قلوب فاتها النور منذ أمد بعيد واستمرت تنبض خدعا مرت طوال الوقت، وهي تتكشف للناظرين بحسرة على ما فات من أوهام الحلم الذي يغيب قسرا.
لو أنّ التحرير كان لجولاننا أو لفلسطيننا لما صدقنا حجم هذه الأهازيج وتقديم التهاني، وقد ظنوا أنّهم أعادوا فتح الأندلس وأسقطوا القسطنطينية ليستحقوا النشوة من خمر الدم الذي فاح سوريا سوريا ويكثر الآن ممّن هبّ ودبّ الذين خدعتهم الدنيا ليظنوا جهادهم في سوريا لسبيل الله وهو لعيون الصهيوني الذي يقتل سوريا بسوريا نفسها من الوريد إلى الوريد.
أما وأنّها احتفالات وتهاني من أجل «تحرير» بلدة بحجم القصير، التي هي أقصر من مدى طلقة مسدس وأقل من برميل بارود، يبتدعها نفر ليسوا من العير ولا النفير متسللين خلسة لبيت السفير طمعا وشراهة في نفاق، استحقوا عليه فتات الذل لجيوب تنفق منها على الشقاق والرذيلة فإنّها ولا ريب المهانة بعينها، والطعن الذي مارسوه من الخلف مرارا. فأيّ فرح هذا الذي يمارس على قلة شرف كل ما يجري، وكيف الطرف من الطرف وهذا يقتل وذاك يذبح لنخسر كلنا، ومن هو هذا الجهبذ الفهيم الذي يزف بشارة الدم على الدم بلا رفعة فيتصندح متصورا ببسمة أبله مع أغرار غرر بهم لتناول حلوى شامية، وكأن بكداش لم ينتقل من هناك إلى هنا حاملا اسم وشهرة سوريا بلا دمشق!
يا أيها الذين ذبحوا من أهل القصير التي نزف معها ما حولها، كنتم ضحية مرتين، ولا نصر لأحد عليكم ولا لكم، وقد أوجعتم القلوب معكم وزدتم الحسرة غصات، وكلنا ننهزم من كلنا، والبكاء سوريا وحسب، والدم كله أيضا. ويا أيها المهنئ بالدم السوري السوري بدمك البارد ومن وزنك الصفر اشبع من لحم الذين ماتوا بلا حول مكرهين، وانتشي كلما شاهدت سوريا يموت من بارود نظام أو سلاح معارضة ومن لف مع ذاك أو لفيف هؤلاء. ويا من تتقبل التهاني عد لسيرة دم السوري على السوري حرام، ودع عنك جوقة المسبحين بحمد «الخرجية» الذين سينفضون من حولك وكل سوريا كلما دعاهم من يدفع أكثر، وابحث عن نفسك بنفسك عسى أن تعود سوريا إلى سوريا، وللذين يعزون ويتقبلون العزاء عن كل قطرة دم لأيّ سوري.