الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المواجهة الكبرى في سوريا

المواجهة الكبرى في سوريا

02.11.2015
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الاحد 1/11/2015
تتدحرج كرة النار في سوريا، بسبب تحول الثورة السورية إلى "أزمة إقليمية – دولية"، ويغوص الجميع في حقل ألغام، يمكن أن ينفجر في أي لحظة، ولأن جميع اللاعبين يدركون هذه الحقيقة فقد تداعوا إلى العاصمة النمساوية من أجل الحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، ربما تتوسع لتصبح حربا عالمية.
وهذا ما يفسر تداعي 17 دولة إلى فيينا، في 30 أكتوبر الجاري، للتوصل إلى تفاهم مشترك يبعد شبح هذه الحرب الشاملة، وتضم قائمة الحاضرين الدول العظمى "أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا" وتركيا وإيران إضافة إلى الدول العربية "السعودية وقطر والإمارات والعراق ولبنان وعمان والأردن ومصر" إلى جانب ألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي"، والتي أصدرت بيانا مشتركا فيه من الخلافات والاختلافات أكثر مما فيه من القواسم المشتركة اتفقت فيه على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية، وأن مؤسسات الدولة ستظل قائمة، وحماية حقوق كل السوريين بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني، وتسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب. والاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وغيره من الجماعات "الإرهابية"، كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون، وأن الشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
في هذا الصفقة يبدو أن الرابح هو الإرهابي بشار الأسد، لأن إزاحته لم تكن جزءا من البيان، فروسيا وإيران تتمسكان بالأسد، بتأييد أمريكي "خفي"، برغم التصريحات الأمريكية المعدة "لاستهلاك الحلفاء العرب"، وقد كشف ذلك بوضوح وزير الدفاع الأمريكي بقوله: "إن الحل العسكري في سوريا ليس مطروحا وأن المقاربة الأمريكية هي مقاربة سياسية" وتصريحات الرئيس أوباما أن "عهد المواجهات الكبرى قد ولى، ولن يكون هناك حرب باردة جديدة مع روسيا"، والتنسيق الإيراني الأمريكي قبل الاجتماع الموسع في فيينا، وهو ما يقرب أمريكا إلى الخانة الروسية الإيرانية، أكثر من المثلث السعودي التركي القطري.
هذا التقارب "الروسي والإيراني الأمريكي" لم يعجب السعودية التي تتذمر سرا من خيانة الحليف الأمريكي، ولعل هذا ما يفسر الرد السعودي الحاسم لوزير خارجيتها عادل الجبير بقوله: "إن السعودية ستسقط الأسد بالطرق السياسية أو العسكرية"، ما استوجب ردا روسيا على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف قال فيه: "روسيا ترى أن مصير الأسد أمر يحدده السوريون وحدهم". ورد عليه وزير الخارجية السعودي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية: "الأسد فقد الشرعية ويده ملطخة بالدماء، وهو المسؤول عن دخول المليشيات الطائفية، والرياض تتمسك برأيها بأن الأسد يجب أن يتنحى عن منصبه بسرعة.. وهو سيغادر إما من خلال عملية سياسية أو سيتم خلعه بالقوة".
هذا الموقف دفع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى القول: إن "التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا سيكون أمرا صعبا"، وغاصت أمريكا في الظلمات وجاء الموقف الأمريكي هلاميا في الوسط على لسان وزير الخارجية جون كيري: "لا يمكن للاختلافات أن تعوق الدبلوماسية، وإيجاد حل"، مما يعني اقتراب الموقف الأمريكي من الموقفين الروسي والإيراني على اعتبار "أن إزاحة الأسد مسألة سورية داخلية"، خلافا للموقف السعودي القطري التركي.
ما يظهر من المشهد السوري حاليا يشير إلى أن الأمور تتجه إلى مواجهة كبرى بين المحور "السعودي القطري التركي" والمحور "الروسي الإيراني العراقي الأسدي"، وهي مواجهة لن يوقفها إلا معجزة، ربما لن تأتي أو قد يطول انتظارها