الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الموقف الأميركي من تدخل روسيا في سوريا

الموقف الأميركي من تدخل روسيا في سوريا

20.10.2015
د. هايل ودعان الدعجة



الرأي الاردنية
الاثنين 19/10/2015
بغض النظر عن طبيعة التفسيرات او التحليلات التي تناولت التدخل الروسي في سوريا، فان ذلك لا يمنع من وصف ما يجري بالحدث المفاجئ والمحير في ظل تدهور علاقات روسيا مع الغرب على خلفية ضمها لجزيرة القرم وتدخلها في شرق أوكرانيا . ما يضع هذا التدخل امام احد احتمالين، اما انه جاء بتوافق وضوء اخضر أميركي او انه جاء بقرار روسي بحت . ان ما يجعل الإدارة الأميركية تمضي في الاحتمال الأول وتدخل في توافقات وتفاهمات مع الطرف الروسي، ادراكها بان الازمة السورية تسير بالاتجاه السلمي، وان روسيا تمتلك من الأوراق ما يجعلها قادرة على الدفع بالنظام السوري بهذا الاتجاه، بعد انجاز مهمتها العسكرية مع الأطراف المسلحة الأخرى، وهي المهمة التي تصب في خدمة الأهداف الأميركية، دون ان يخوض جيشها حروبا جديدة او تدفع اكلافا مادية او بشرية، طالما ان روسيا تتولى محاربة تنظيم داعش والتنظيمات المسلحة الأخرى نيابة عنها . وبالتالي جرها وتوريطها في المستنقع السوري، كما تورطت في أفغانستان واستنزافها عسكريا ، خاصة اذا ما اضطرت لدخول حرب برية او طال امد تدخلها غير المحدد بسقف زمني في ظل السعي الاميركي الحفاظ على توازن القوة بين الأطراف المتحاربة . الى جانب إمكانية التحاور مع روسيا والجلوس معها على طاولة المفاوضات لبحث عملية التسوية السياسية بعد ان يصبح ملف الازمة بيدها، بدلا من التحاور او الجلوس مع النظام السوري . وكذلك احتمال تقليص النفوذ الإيراني في سوريا لصالح روسيا، ما يؤدي الى اثارة الخلافات بين الطرفين نتيجة عدم ارتياح ايران لهذا التدخل. دون ان نغفل بان تحالف روسيا مع ايران وسوريا وحزب الله والمليشيات الشيعية في المنطقة، قد يثير حفيظة الجماعات الإسلامية المعتدلة والدول الإسلامية السنية في المنطقة ضدها، ما يجعل هذه الجماعات توجه بوصلتها الحربية باتجاه روسيا، ويمنح الإدارة الاميركية فرصة ثمينة لخلق فوضى جديدة من خلال اذكاء نيران الطائفية في المشهد الإقليمي، تماشيا مع سياستها القائمة على الفوضى الخلاقة مع إبقاء خيوط اللعبة بيدها .
اما اذا ما كان تدخل روسيا وفقا للاحتمال الثاني، أي بقرار بحت منها، دفاعا عن مصالحها او استثمارا لتلكؤ الولايات المتحدة وترددها وعدم جديتها في حسم موضوع الازمة السورية او استغلالا للاستراتيجية الأميركية الجديدة بالتحول الى منطقة شرق اسيا والمحيط الهادي، لمواجهة المنافسة الصينية والروسية المتوقعة هناك .
فربما يعمد الجانب الأميركي الى تعقيد مهمة من خلال عدم التعاون معها عسكريا لتحديد مواقع التنظيمات الارهابية او عدم استعدادها لتنسيق الطلعات الجوية معها أيضا ، ما يجعل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك وقوع مواجهات بين قوات التحالف والقوات الروسية.
وقد يذهب الجانب الأميركي الى ابعد من ذلك، كأن يفكر بتوسيع نطاق دعمه للمعارضة السورية المعتدلة بحيث تصبح الطائرات الروسية في مرمى نيران المعارضة . ومع اتهام القوات الروسية باستهداف مواقع مسلحي المعارضة المعتدلة بدلا من داعش، فان هذا من شأنه اثارة غضب الدول الداعمة والمؤيدة لهذه الفصائل ضد روسيا او قد تقوم الولايات المتحدة بشن عمليات عسكرية ضد مواقع النظام السوري، بطريقة قد تؤدي الى ارباك خطط روسيا في سوريا .