الرئيسة \  تقارير  \  “المونيتور”: هل يجد بوتين في الشرق الأوسط مخرجًا من العزلة الغربية؟

“المونيتور”: هل يجد بوتين في الشرق الأوسط مخرجًا من العزلة الغربية؟

07.03.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاحد 6/3/2022
مع تصاعد العقوبات ضد روسيا من المرجح أن تتطلع إلى تلقي الدعم من دول العالم الإسلامي والشرق الأوسط، ولكن حتى هذه النافذة في طريقها للانغلاق.
نشر موقع “المونيتور” الأمريكي تحليلًا لكيريل سيمينوف، المحلل المستقل والمتخصص في القضايا السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، تحدث فيه عن التقارب الجاري بين روسيا ودول إسلامية، وكيف يمكن أن تلتفَّ هذه العلاقات المتأرجحة على العقوبات المفروضة على روسيا من الدول الغربية بسبب العمليات العسكرية الروسية التي جرت مؤخرًا في أوكرانيا.
زيارة عشية الاجتياح                     
يستهل الكاتب تحليله بالقول: بعد بدء الحملة العسكرية الروسية ضد أوكرانيا وما نتج عنها من عقوباتٍ غير مسبوقة ضد موسكو، تركِّز موسكو انتباهها على الدول الكبرى في العالم الإسلامي والشرق الأوسط الكبير لإبطال تأثير العزلة التي فرضتها عليها الدول الغربية.
وبدأت العملية العسكرية ضد أوكرانيا عندما كان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في زيارة رسمية إلى موسكو. وكان قد وصل إلى العاصمة الروسية عشية بدء العملية العسكرية؛ ما أثار التكهنات حول ما يعنيه ذلك، وهل يُعد تأييدًا ضمنيًّا من باكستان لأعمال روسيا أم لا.
وقد سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في مؤتمر صحافي في 23 فبراير (شباط) عمّا إذا كانت واشنطن تَعُدُّ اختيار رئيس الوزراء الباكستاني زيارة موسكو في هذا التوقيت بالذات بمثابة “تأييد غير مباشر” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فأجاب “عليك أن تسأل الحكومة الباكستانية. فأنا لست في وضع يسمح لي أن أقيِّم توقيت سفر نظرائي إلى بلد آخر”.
ولم تُؤجَّل الزيارة أبدًا حتى مع الاستعدادات العسكرية الروسية الواضحة والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى على روسيا بسبب اعترافها باستقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك، التي تدعمهما، في شرق أوكرانيا في 21 فبراير. ووصل خان إلى موسكو مساء 23 فبراير، أي عشية الغزو، لكنه أجرى محادثات مع بوتين في 24 فبراير عندما كانت القوات الروسية تتقدم بالفعل في الأراضي الأوكرانية.
وكان خان قد شكر في 17 يناير (كانون الثاني) الرئيس بوتين نيابةً عن المسلمين بعد أن قال بوتين إن عدم احترام النبي محمد ليس جزءًا من حرية التعبير، وقال خان بعد مكالمة مع بوتين: “إنه أول زعيم غربي يُظهر تعاطفًا وحساسية تجاه مشاعر المسلمين التي يُكنِّونها لنبيهم”.
تحالف روسي أذربيجاني
ويلفت الكاتب إلى أنه قبل يومين من وصول رئيس الوزراء الباكستاني، زار الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف موسكو في 21 فبراير. ووسط التصعيد الحاصل بين روسيا و”حلف شمال الأطلسي (الناتو)” والتحضيرات الروسية لعملية عسكرية ضد أوكرانيا، وقَّع علييف إعلانًا لتعاون تحالفي بين روسيا وأذربيجان، واتفق البلدان على تزويد بعضهما بعضًا بالدعم العسكري.
وجاء في الإعلان “من أجل ضمان الأمن والحفاظ على السلام والاستقرار، يمكن للاتحاد الروسي وجمهورية أذربيجان النظر في تقديم المساعدة العسكرية لبعضهما بعضًا على أساس ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية المنفردة، مع مراعاة الالتزامات القانونية الدولية القائمة لكل من الطرفين”. وإضافة إلى ذلك اتفق بوتين وعلييف على الامتناع عن أي أعمال يرى أحد الطرفين أنها تضر بالشراكة الإستراتيجية والعلاقات بين الدولتين.
وهكذا فقدت العاصمة الأرمنية يريفان مكانتها باعتبارها حليفًا وحيدًا لموسكو في جنوب القوقاز. ويمكن أن يعزز هذا الاتفاق أيضًا عمق شراكة موسكو الإستراتيجية مع تلك الدول الأخرى الحليفة لأذربيجان أو لديها علاقات مميزة معها. ويُعد توقيع التعاون التحالفي بين روسيا وأذربيجان ذا أهمية خاصة؛ لأن أذربيجان حليفة بالفعل لتركيا على أساس ما يُسمى بإعلان شوشا، وهي شريك إستراتيجي لباكستان وتجري معه مناوراتٍ عسكرية مشتركة بانتظام.
تركيا.. عضو الناتو المنفتح للتواصل مع بوتين
يرى الكاتب أنه لم يزل بإمكان موسكو الاعتماد على الموقف الخاص لأنقرة، الذي يختلف كثيرًا عن النهج الذي تتبعه الدول الأخرى الأعضاء في حلف الناتو تجاه الأحداث في أوكرانيا، ويمكن اعتباره الأكثر ملاءمة للكرملين. ففي البداية نحن نتحدث عن رفض أنقرة الانضمام إلى العقوبات الأشد ضد روسيا، كما امتنعت تركيا في 25 فبراير عن التصويت على تعليق حقوق روسيا في مجلس أوروبا لأنها “تؤيد استمرار الحوار تحت أي ظرف”. إضافة إلى أن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، وبعيدًا عن تصريحاته التي تُدين غزو روسيا لأوكرانيا، لم يزل مستعدًا للتواصل مع بوتين وعلى استعداد لإجراء اتصالات مباشرة وجهًا لوجه معه.
وفي اجتماع للحزب الحاكم في 26 فبراير، حيث كان الوضع في أوكرانيا هو القضية الرئيسة في الاجتماع، قال أردوغان: “في محادثة هاتفية مع السيد بوتين، دعوته لزيارة تركيا للعمل على تسوية الوضع”، وفقًا لقناة “تي جي آر تي” خبر التلفزيونية.
وبدوره دعا الشيخ علي القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى التعجيل بإحلال السلام في أوكرانيا في تغريدة بتاريخ 27 فبراير، وقال القره داغي أيضًا إن تركيا وباكستان يمكنهما التدخل لحل الصراع، إذ غرد قائلًا: “أناشد الدول التي لها علاقات جيدة مع الطرفين المتصارعين – مثل #تركيا و#باكستان – إلى القيام بجهود الوساطة المخلصة الجادة للإيقاف الفوري للحرب المدمرة التي تخسر فيها الشعوب كثيرًا على جميع المستويات، بل يخسر العالم أجمع”.
مصالح الإمارات مع روسيا
ويلفت الكاتب أيضًا إلى موقف دولة شرق أوسطية أخرى من هذا الصراع وهي الإمارات، التي هي حاليًا عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وانضمت الإمارات إلى كل من الصين والهند في الامتناع عن التصويت على قرار أممي يدين الغزو، في موقف يُنظر إليه على أنه مؤيد لروسيا. وبرَّرت أبوظبي امتناعها عن التصويت بالقول إن “نتيجته كانت مؤكدة”.
وقالت الإمارات في بيان صدر عن بعثتها الدائمة في الأمم المتحدة إن “نتيجة هذا التصويت كانت مؤكدة، ولكن يجب أن تظل سبل الحوار مفتوحة بصورة عاجلة أكثر من أي وقت مضى، ونحن نحثُّ على التهدئة الفورية ووقف أعمال القتال”.
ومن المهم الإشارة إلى أن القادة الحوثيين في اليمن، اعترفوا بعد روسيا بجمهورتي دونيتسك ولوهانسك، وأكَّدوا بذلك ولاءهم لروسيا. وفي هذا الموقف، أمام موسكو فرص جديدة للتأثير على قادة الحوثيين فيما يتعلق بمنع الهجمات الصاروخية على الإمارات، والتي يمكن استخدامها أيضًا للحفاظ على موقف إيجابي تجاه روسيا من القادة في أبوظبي، التي قد تحاول الاستفادة من التأثير التي تملكه روسيا على الحوثيين.
بالإضافة إلى ذلك، أشاد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في 25 فبراير بدعم روسيا لهم في أعقاب هجمات الحوثيين الأخيرة على أهداف مدنية في الإمارات. وجرى التأكيد أيضًا على ضرورة التعاون بين البلدين على مسار التسوية اليمنية خلال محادثة هاتفية في 24 فبراير بين وزيري خارجية الإمارات وروسيا.
مَخرَج روسيا من العزلة
يشير الكاتب إلى أنه مع الأخذ في الاعتبار العقوبات غير المسبوقة التي فرضها عدد من الدول على روسيا، قد يكون التعاون مع دول العالم الإسلامي، أو الشرق الأوسط أحد “النوافذ” القليلة أمام روسيا من أجل الحصول على دعم اقتصادي وسياسي محدود.
وما زالت روسيا تأمل في أن تتمكن من إمداد الشرق الأوسط بالأسلحة، ولعب دور الوسيط في تسوية نزاعات المنطقة. كما أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تزل مهتمة باستيراد الحبوب الروسية؛ إذ أدَّى الصراع في أوكرانيا (التي تُعد أيضًا، إلى جانب روسيا، مورِّدًا رئيسًا للحبوب إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) بالفعل إلى زيادة أسعار الحبوب ووقف توريدها.
وفي الوقت نفسه تُحِد العقوبات المفروضة على روسيا على نحو خطير من فرص تفاعل روسيا مع العالم الإسلامي، وهناك بالفعل مشكلات تتعلق بتوريد الأسلحة الروسية. ويتضح هذا على وجه الخصوص من رفض إندونيسيا ومصر والجزائر شراء مقاتلات روسية من طراز (سو-35)، وخِطط الإمارات لشراء نظير كوري جنوبي لنظام الدفاع الجوي الروسي (إس-350)، وشراء السعودية للنظير الصيني لنظام الدفاع الجوي الروسي (تور- إم) بدلًا عن شراء الأصل الروسي.
ومع ذلك هناك فرص أخرى لتطوير تعاون عسكري تقني مع دول المنطقة للالتفاف على العقوبات، والتي تتعلق في الأساس برغبة هذه الدول في تطوير الصناعات العسكرية الخاصة بهم، وابتكار تطورات عسكرية بأنفسهم. ولكن علينا أن نضع في الاعتبار أن كل يوم يمضي على استمرار العمليات القتالية، فإن نافذة الفرص المتاحة أمام روسيا للحفاظ على العلاقات مع العالم الإسلامي تتضاءل، بحسب ما يختم الكاتب.