الرئيسة \  تقارير  \  “المونيتور”: 3 فوائد ستجنيها الصين من فتح أول قنصلية لها في إيران

“المونيتور”: 3 فوائد ستجنيها الصين من فتح أول قنصلية لها في إيران

05.02.2022
ساسة بوست


ساسة بوست     
الخميس 3/2/2022
في خطوة شديدة الرمزية، وافق مجلس الوزراء الإيراني مؤخرًا على افتتاح قنصلية صينية في مدينة بندر عباس، عاصمة مقاطعة هرمزجان الساحلية والميناء التجاري الرئيس لإيران، وستكون هذه أول قنصلية صينية في إيران
تتوقف الشراكة الإستراتيجية الطويلة الأجل بين إيران والصين على المستجدات الخاصة بمباحثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وهذا ما حاولت سابينا صديقي، محلِّلة مختصة في الشؤون الجيوسياسية والخارجية، توضيحه في تقريرها المنشور في موقع “المونيتور” الأمريكي.
في مستهل تقريرها، تشير الكاتبة إلى أنه في خطوة شديدة الرمزية، وافق مجلس الوزراء الإيراني مؤخرًا على افتتاح قنصلية صينية في مدينة بندر عباس، عاصمة مقاطعة هرمزجان الساحلية والميناء التجاري الرئيس لإيران، وستكون هذه أول قنصلية صينية في إيران بينما توجد لإيران حاليًا ثلاث قنصليات في الصين. ويُرجَّح أن يكون هذا التطور مرتبطًا بالاتفاقية الإستراتيجية التي وقَّعتها إيران مع الصين في مارس (آذار) 2021 وتمتد لـ25 عامًا.
شراكة إيران والصين رسالة إلى الغرب
يُوضح التقرير أن هذه الاتفاقية، التي تتضمن التعاون بين البلدين تجاريًّا وعسكريًّا وأمنيًّا، تُدخِل طهران في مشروع بكين الضخم؛ مبادرة الحزام والطريق، وفي حين أن التوقيع على الاتفاقية كان منذ قرابة عام مضى، فقد بدأت “مرحلة التنفيذ” في وقت سابق من هذا الشهر، وفي ختام المباحثات المستفيضة مع نظيره الصيني وانج يي، وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية، بعد أيام قليلة من الموافقة على فتح القنصلية الصينية، صرَّح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان قائلًا: “بدأنا تنفيذ الشراكة الصينية الإيرانية الطويلة الأجل الآن، كما ستعزز القنصلية الصينية التي افتتحت في مدينة بندر عباس العلاقات التجارية الثنائية”.
وفي إشارة إلى وجود خطأ في تصريح وزير الخارجية الإيراني، يقول سينا ​​توسي، محلل أبحاث بارز في المجلس القومي الإيراني الأمريكي ومقره واشنطن، لموقع “المونيتور” إنه: “في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الإيراني، عبد اللهيان، دخول اتفاقية الشراكة الإستراتيجية، التي هلَّل لها كثيرون والممتدة لمدة 25 عامًا، مرحلة التنفيذ، لم يُوافق البرلمان الإيراني على الاتفاقية بعد، ويعتمد تنفيذ الاتفاقية على نجاح محادثات الاتفاق النووي في فيينا، التي تتمنى الصين أيضًا نجاحها، خاصة أن لديها مخاوف بشأن مخاطر انتشار برنامج إيران النووي”.
ويلفت التقرير إلى أنه على الرغم من عدم وجود أنشطة كبيرة تتعلق بمبادرة الحزام والطريق في إيران منذ توقيع الاتفاقية الممتدة لـ25 عامًا، فإن افتتاح القنصلية الصينية في إيران يُعد تطورًا مهمًّا، وفي حديثه مع موقع “المونيتور” عن أهمية موقع هذه القنصلية، يرى دبلوماسي أوروبي في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، اشترط عدم الإفصاح عن هويته، أن: “اختيار مدينة بندر عباس ذو أهمية بالغة حقًّا، لأنه أهم مركز للنقل ويقع في منطقة إستراتيجية، أما فيما يخص الشراكة الإستراتيجية الممتدة لـ25 عامًا، فهي بالفعل رسالة سياسية مهمة تبعثها طهران إلى الغرب”.
استعداد إيراني لمحادثات مباشرة مع الولايات المتحدة
كما سلَّط هذا الدبلوماسي الأوروبي الضوء على العلاقات الصينية الإيرانية –بحسب التقرير- قائلًا: “لطالما كانت الصين شريكًا إستراتيجيًّا لطهران، لا سيما بوصفها أحد المشترين الأساسيين للنفط الخام الإيراني، بالإضافة إلى استثماراتها، كما تحتاج بكين إلى إيران لدعم مبادرة الحزام والطريق وتعزيز المصالح الجيوسياسية الصينية، بينما تحتاج كلا الدولتين بعضهما إلى بعض لاحتواء الضغوط الأمريكية في المنطقة والتصدي لها”.
برنامج تعاون شامل.. هل تنقذ الصين إيران من أثر العقوبات الأمريكية؟
غير أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على طهران في أعقاب الاتفاق النووي لعام 2015، الذي يُعرف رسميًّا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)” جعلت من الصعب على بكين إطلاق أي مشروعات مهمة لمبادرة الحزام والطريق في إيران. ولا تزال محادثات فيينا التي تُعقد لإحياء الاتفاق النووي عالقة، ويبدو الأمر في بعض الأحيان أن صبر اللوبي الغربي بدأ ينفد.
وألمح التقرير إلى أنه من جهة أخرى، تُؤكد طهران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المنصرم على ضرورة رفع العقوبات “بصورة فورية” ودون تأخير، وللمرة الأولى منذ عام 2018، أبدت إيران استعدادها لإجراء محادثات مباشرة مع واشنطن، حينما أعلن أمير عبد اللهيان أنه: “إذا وصلنا إلى مرحلة في المفاوضات تتطلب إجراء حوار مع الولايات المتحدة لإبرام اتفاقية جيدة، فلن تتجاهلها إيران”.
وتبقى حقيقة أنه على الرغم من وجود شراكة إستراتيجية واقتصادية طويلة الأجل بين بكين وطهران، فإن كثيرًا من الأمور يعتمد على النتائج الإيجابية التي تتمخض عنها محادثات الاتفاق النووي، وظاهريًّا، قد تستخدم بكين نفوذها بصفتها شريكًا إستراتيجيًّا لدفع طهران للدخول في الاتفاق النووي لكي تتخلص من عوائق العقوبات المفروضة.
3 فوائد لافتتاح القنصلية الصينية في إيران
ينقل التقرير تأكيد توسي أهمية إحياء الاتفاق النووي، قائلًا إن: “إيران تسعى حاليًا إلى تعميق العلاقات مع جميع القوى العالمية الرئيسة، مثل الصين والهند وروسيا والغرب (فيما عدا الولايات المتحدة)، ويكمن الركن الأساسي لتحقيق إيران الفوائد الكاملة لهذه العلاقات في الإحياء الناجح للاتفاق النووي الإيراني وتخفيف العقوبات الذي يترتب على ذلك”.
بيد أن توسي حذَّر من أنه في حالة انهيار محادثات فيينا “ستظل العقوبات الأمريكية الثانوية مفروضة على إيران وقد تفرض الأمم المتحدة أيضًا عقوبات أخرى عليها، وصحيحٌ أن المسؤولين الإيرانيين يتحدثون عن عدم ربط سياساتهم الاقتصادية بمصير مباحثات الاتفاق النووي، لكن الحقيقة هي أن إيران لن تتمكن من تعميق العلاقات مع جيرانها والقوى العالمية مثل الصين والهند وروسيا، إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات الثانوية”.
ويُنوِّه التقرير إلى أنه على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، يُمكن لهذه القنصلية الصينية الجديدة في طهران جني بعض الفوائد لبكين، أولها: تيسير عمليات الشركات الصينية العاملة في ميناء تشابهار الإيراني للتجارة الحرة الصناعية، وهناك بعض الخطط المستقبلية لإنشاء مجمعات صناعية مشتركة في منطقتي جاسك ومكران، لذلك يتوقع حدوث ارتفاع تدريجي في عدد المواطنين الصينيين الذين يعيشون في المدن الإيرانية مثل كرمان، وسيرجان، ورفسنجان، وبندر عباس.
أما الفائدة الثانية: تمكن بكين من وصول أسهل إلى المواقع المهمة مثل ميناء تشابهار وميناء جاسك وجزيرة كيش وجزيرة قشم، وجميعها مناطق تقع في جنوب إيران، كما أن القنصلية الجديدة ستكون مفيدة في إنشاء مزيد من العلاقات التجارية، إذ لا تزال الصين الشريك التجاري الأهم لإيران بصفقات تجارية غير نفطية بلغت قيمتها في المدة من مارس 2020 إلى مارس 2021 نحو 18 مليار و715 مليون دولار على الرغم من عقوبات حملة “الضغط الأقصى”. وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يزداد الاستثمار في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية والبتروكيماويات.
ويُبرز التقرير الفائدة الثالثة التي تجنيها الصين من فتح قنصليتها الجديدة في طهران، والمتمثلة في مساعدة ميناء بندر عباس لبكين على المدى الطويل على استكمال شبكتها من مشروعات مبادرة الحزام والطريق في المنطقة، وأعرب محمد حسين مالاك، المبعوث الإيراني السابق إلى بكين، أن افتتاح القنصلية الصينية يُعد “خطوة محسوبة” في ظل رغبة الصين في قيادة تطوير منطقة مكران والشريط الساحلي على طول محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية وبلوشستان الباكستانية، حيث تمتلك “بكين بالفعل اتفاقية مدتها 40 عامًا بمليارات الدولارات لتطوير ميناء جوادر”.
وإذا افترضنا أن الصين تمكَّنت من تطوير كل من ميناء جوادر وميناء بندر عباس، فقد يخرج إلى النور أيضًا “ممر للتجارة والطاقة يمتد من الخليج العربي عبر باكستان إلى غرب إقليم شينجيانج”. وعلى أي حال، ستكون القنصلية الجديدة إنجازًا مفيدًا لبكين، ومع ذلك، فإن “الاتجاه نحو الشرق” قد لا يكون ببساطة أمرًا عمليًّا لإيران.
هل الميل نحو الصين أفضل لطهران؟
وفي سياق النقاش بشأن هل سيكون من الأفضل أن تميل طهران تجاه الصين أم لا، لاحظ الدبلوماسي الأوروبي أن “الأوساط الإيرانية للأعمال التجارية على دراية بحاجة إيران إلى بعض التكنولوجيا في مجالات محددة، مثل الغاز الطبيعي المسال، وفي بعض المناطق، لا يستطيع توفير التكنولوجيا الفائقة اللازمة لتطوير قطاعات معينة من سوق الطاقة الإيراني الضخم سوى عدد قليل من الدول الغربية، ويدرك صُنَّاع القرار المقربون من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية خامنئي (وفي معظم الحالات يكونون هم رجال الأعمال أنفسهم) ذلك تمامًا”.
ويشير التقرير إلى أن توسي يرى في تقديره للموقف أن “النهج السائد للنظام الإيراني إجمالًا يظل دون شك ذا توجه غربي، بيد أن هذا النهج يُمكن أن يتغير بالتأكيد، في حالة تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة بسبب فشل محادثات الاتفاق النووي”.
وتختم الكاتبة تقريرها بما أوضحه توسي أنه “في حالة إحياء الاتفاق النووي، فستكون إيران أيضًا في وضع أفضل بكثير لإنشاء علاقات خارجية متوازنة وتنافسية مع القوى العالمية الكبرى، وقد أصبحت إيران أكثر اعتمادًا على علاقتها الاقتصادية مع الصين بسبب العقوبات الأمريكية، ومع ذلك، يتحدث المسؤولون الإيرانيون مثل علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، عن حاجة إيران لتكوين علاقات خارجية متوازنة وتنافسية يُمكن من خلالها أن تجني طهران أقصى استفادة”.