الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المُشكلة في النظام وليست بالكيماوي

المُشكلة في النظام وليست بالكيماوي

15.09.2013
حازم مبيضين


الرأي الاردنية
السبت 14 /9/2013
هل كانت المُشكلة مع نظام الأسد في نوعية ما يستخدمه من أسلحة؟، سؤال تطرحه التحركات الدبلوماسية المحمومة، الناجمة عن المبادرة الروسية، التي اختصرت محنة الشعب السوري باستخدام النظام لترسانتة الكيميائية، وحوَّلت الصراع معه إلى عادي، لايستحق اهتمام العالم، ولايستدعي أي تدخل لوقف نزيف الدم، المستمر منذ أكثر من ثلاثين شهراً، واعتبرها البعض ضربة معلم دبلوماسية، أطلقها بوتين باعتباره حمامة سلام، ومنحت أوباما مخرجًا من الزاوية التي حشر نفسه فيها، رغم تعهده بمواصلة الطلب من الكونجرس بتأييد الضربة، في حين أعلنت موسكو عدم إمكانية ترجمة مبادرتها إلى خطوات عملية، دون أن تسحب واشنطن تهديدها باستخدام القوة.
استعادت روسيا اليوم دورها في صنع السياسة العالمية، وتمكنت من أخذ زمام المبادرة، بعد أن مارست طويلاً رد الفعل، من خلال إجهاض أي تحرك دولي لمعاقبة النظام السوري، وبات على الجميع اليوم التنبه إلى عدم امكانية تسوية أي أزمة بدون روسيا، التي تتقن فن المناورة، وإلى حد أن وزير خارجيتها أعلن أن المبادرة ليست روسية بالكامل، في محاولة لحفظ ماء وجه أوباما، غير أن ذلك لايعني أن النصر الدبلوماسي الروسي قد اكتمل، ذلك أن النقاش يستعر اليوم حول التفاصيل، فيما تواصل باريس تحركها في مجلس الأمن، بتقديمها مشروع قرار يُهدد بعمل عسكري، إن لم يسلم النظام السوري مخزونه أسلحتة الكيميائية، مع ضرورة الأخذ بالاعتبار أن روسيا لن تقبل الانذارات، أو تضمين القرار عواقب عسكرية، وستعرقل أي قرار يرتبط بتلك العواقب.
يرى بعض المحللين أن النظام السوري أتقن فن المراوغة، وعرف كيف ومتى وأين يقدّم التنازل، لكن موافقته على تدمير مخزونه الكيمايئي، لم تثبت فقط أنه مسؤول عن مجزرة الغوطة، بل أكدت أنه افتعل الهجوم كمقامرة لتحريك معطيات الصراع، والمهم بالنسبة إليه أنه سيتفادى ضربه عسكريةً موجعةً، لقاء تخليه عن ما كان يصفه بسلاحه الاستراتيجي في مواجهة النووي الاسرائيلي، ولعل ذلك ما دفع الرئيس التركي للمطالبة باستراتيجية خروج سياسية حقيقية، لإنهاء الحرب الأهلية في سورية، تعني عنده بالطبع تخلي الأسد عن السلطة، بعد إتلاف أسلحتة الكيميائية بشكل كامل، وبما يمنع السقوط الكامل للدولة السورية، أو تفككها وتحولها إلى كيان هش يحوى دويلات صغيرة متصارعة، إن تسلمت السلطة فيها قوى المعارضة الهشة، التي تعاني من كثرة انقساماتها وتبايناتها.
المهم أن ضفاف «بحيرة ليمان» السويسرية، شهدت الخميس أول تجربة جديدة بين الأميركيين والروس، للبحث فيما هو أبعد من السلاح الكيميائي لبشار، ما يعني في المحصلة أن شعور النظام السوري بالنصر سابق لأوانه، وأن إمكانية استمراره باتت رهنا للمساومات الدولية، غير البعيدة عن نووي طهران، وأنه بات أسير المعادلة الكونية، التي يجري رسم خطوطها بعيداً عن مصالح الصغار ودماء الشعوب، ويبدو أن احتفال الأسد بعيد ميلاده 48، وهو في موقع الرئيس سيكون الأخير، رغم بذاءة الدعوة التي أطلقها موالون له لسكان دمشق، للمشاركة في مسيرة بالسيارات، تجوب الشوارع الواقعة تحت سيطرة النظام ابتهاجاً بالعيد، بعيداً عن مأساة موت أكثر من 100 ألف سوري فداءً لبقاء الأسد للأبد.